دمشق: بعد عشرة اشهر على سيطرة تنظيم داعش على مدينة تدمر في وسط سوريا وتدميره للعديد من معالمها الاثرية، يستعد الجيش السوري لدخولها من الجهة الغربية حيث تدور معارك عنيفة ترافقها غارات جوية روسية.

وبعيدا عن التطورات الميدانية، وفي موسكو حليفة النظام السوري، يجري وزير الخارجية الاميركي جون كيري اليوم محادثات في محاولة للدفع بالمفاوضات السورية التي تنتهي جولتها الراهنة اليوم على ان تستؤنف في موعد لاحق.

وبعد اكثر من اسبوعين على بدء عملية استعادة تدمر بغطاء جوي روسي، بات الجيش السوري على بعد مئتي متر عن المدينة من الجهة الجنوبية الغربية حيث تدور معارك عنيفة، وفق ما افاد مصدر عسكري وكالة فرانس برس.

واوضح مصدر ميداني سوري ان المدينة اصبحت بين "فكي كماشة من جهة جبال الهايل من الجهة الجنوبية الغربية وجبل الطال من الجهة الشمالية الغربية"، مشيرا الى ان الجيش السوري بات مشرفا على داخل المدينة من كامل الجهة الغربية وعلى المنطقة الاثرية شمالا.

وبحسب مصدر عسكري آخر فان "وحدتين من الجيش تقاتلان حاليا في تدمر، الاولى مسؤوليتها السيطرة على الجبال المحيطة بالمدينة والثانية وتقودها قوات صقور الصحراء تستعد لدخول المدينة والسيطرة عليها".

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن حالة "استنفار لعناصر التنظيم واستقدام تعزيزات إلى مناطق الاشتباك". كما عمد الجهاديون الى "زرع كميات كبيرة من الألغام في محيط المدينة ومعظم أحيائها"، حسب المرصد. 

وفسر المصدر الامني ذلك على انه تحضير للانسحاب من المدينة.

ووسط المعارك، دعا التنظيم وفق المرصد السوري، المدنيين للخروج من تدمر. وبقي في المدينة حوالى 15 الف مدني من اصل 70 الفا قبل سيطرة الجهاديين عليها، وفق مدير المرصد رامي عبد الرحمن.

ويسيطر تنظيم داعش على تدمر منذ ايار/مايو 2015، وعمد مذاك الى تدمير العديد من معالمها الاثرية وبينها قوس النصر الشهير ومعبدي شمين وبل. 

واثار سقوط تدمر التي تتوسط بادية الشام، على الفور قلقا في العالم على المدينة التي يعود تاريخها الى الفي عام.

معركة حاسمة 

وتعد معركة تدمر وفق عبد الرحمن "حاسمة لقوات النظام، كونها تفتح الطريق امامها لاستعادة منطقة البادية من تنظيم داعش وصولا الى الحدود السورية العراقية شرقا"، اي مساحة تصل الى ثلاثين الف كيلومتر مربع.

وتتراجع بذلك مناطق سيطرة تنظيم داعش في سوريا الى ما بين 25 و30 في المئة من الاراضي السورية مقابل 40 في المئة حاليا، وفق عبد الرحمن.

وبخسارة البادية، سيضطر التنظيم المتطرف الى الانسحاب شرقا الى محافظة دير الزور التي يسيطر عليها بالكامل او الى مناطق سيطرته في العراق.

الا انه على الجهة الثانية من الحدود، اعلن الجيش العراقي اليوم بدء عملية "الفتح" لاستعادة محافظة نينوى وكبرى مدنها الموصل التي استولى عليها تنظيم داعش خلال هجوم كاسح قبل عامين.

وبالتزامن مع هذه التطورات الميدانية، تتواصل الاجتماعات السياسية ان كان في جنيف في اليوم الاخير من الجولة الراهنة للمفاوضات بين الحكومة والمعارضة السوريتين، او في موسكو بين الدولتين العظمتين اللتين استلمتا زمام المبادرة في الملف السوري.

جلسات سياسية 

وبدأ كيري الخميس محادثاته مع نظيره الروسي بهدف تقريب مواقف البلدين من تسوية النزاع السوري ومستقبل الرئيس بشار الاسد. وسيلتقي مساء بوتين في الكرملين. 

وتضغط القوى الكبرى وخصوصا الولايات المتحدة وروسيا لانجاح المفاوضات حول سوريا، وفرضتا هدنة تستثني الجهاديين لا زالت سارية منذ 27 شباط/فبراير.

وقال كيري للافروف عند بدء اللقاء في موسكو "حصل تراجع هش لكن مهم للعنف، لكننا نعلم انه يجب بذل المزيد لخفض هذا العنف".

من جهته قال لافروف "بذلنا مساعي للتوصل الى توازن في المصالح ليس فقط بين موسكو وواشنطن وانما بين كل الاطراف المعنية في سوريا".

وتختتم اليوم الجولة الراهنة من المفاوضات غير المباشرة في جنيف من دون تحقيق اي تقدم ملموس وفق اعتراف كافة الاطراف.

ويشكل مستقبل الاسد نقطة خلاف جوهرية، إذ تطالب الهيئة العليا للمفاوضات برحيله مع بدء المرحلة الانتقالية فيما يصر الوفد الحكومي على ان مستقبل الاسد يتقرر فقط عبر صناديق الاقتراع.

وينص القرار 2254 الصادر عن مجلس الامن على تشكيل حكومة تضم ممثلين عن المعارضة والحكومة خلال ستة أشهر، وصياغة دستور جديد، واجراء انتخابات خلال 18 شهرا، ولا يتطرق الى مصير الاسد.

ومن المقرر ان يتحدث الموفد الدولي الخاص ستافان دي ميستورا عند الساعة 18,00 بتوقيت غرينتش في جنيف ليقيم حصيلة هذه المشاورات التي تُستأنف الشهر المقبل، من دون تحديد موعدها رسميا.

والتقى دي ميستورا قبل ظهر الخميس الوفد الحكومي السوري الذي غادر من دون الادلاء بأي تصريح، على ان يلتقي بعد الظهر وفد الهيئة العليا للمفاوضات.

وجولة المفاوضات التي تختتم اليوم هي واحدة من ثلاث جولات ومن المقرر استكمالها الشهر المقبل بعد توقف لمدة اسبوع او عشرة ايام، وفق ما اعلن دي ميستورا مطلع الاسبوع الماضي.

لكن بشار الجعفري رئيس الوفد الحكومي ومندوب سوريا لدى الامم المتحدة اكد للصحافيين مساء الاربعاء ان وفد دمشق لا يستطيع العودة قبل 13 نيسان/المقبل.