يعتبر العراقيون أنّ تنظيم القاعدة لم يعد له وجود في بلادهم ويؤكدون أن ما يحصل من تفجيرات وخروقات أمنيّة هو من تنفيذ مجموعات داخل المنظومة العسكرية تابعة للأحزاب والتيارات وعناصرها يُعرفون باسم quot;الدمجquot; قامت الأحزاب والكيانات والعشائر بزجهم بالجيش والشرطة.
عبد الجبار العتابي من بغداد: استغرب عراقيون ما تتناقله الجهات الأمنية المسؤولة عن الأمن في العراق من أن تنظيم القاعدة هو وراء الخروقات الأمنية التي تحدث بين حين وآخر ويذهب ضحيتها عشرات الابرياء، مؤكدين أن الحقيقة التي يريد أن يغفل عنها معظم المسؤولين هي أن اسباب هذه الخروقات هي الخيانة التي يقوم بها بعض الذين دخلوا الى صفوف القوات الأمنية عبر ما يسمى بـ (الدمج)، كون هؤلاء العناصر هم بمثابة خلايا نائمة داخل الجيش وتتحرك في الشوارع بحرية بملابسها العسكرية فتفخخ وتزرع العبوات ولا أحد ينتبه لها أو يشك فيها.
وأكد عسكريون عراقيون ومواطنون أن تنظيم القاعدة لم يعد له وجود في العراق، وما يحدث من انفجارات هنا وهناك بين آونة وأخرى هو من عمل تنظيمات داخل المنظومة العسكرية العراقية تابعة للأحزاب والتيارات.
وأعربوا عن خيبتهم المريرة باستمرار هذه الخروقات وعدم استطاعة الاستخبارات الانتباه اليها وكشف خيوطها على الرغم من أنها ليست بعيدة عنها وتعمل في إطارها. وقال العديد من الاشخاص الذين التقيناهم إن اسطوانة تنظيم القاعدة أصبحت مشروخة وهي تبرير غير مقنع، مشيرين إلى أنّ استتباب الأمن لا يخدم العديد من الأحزاب سواء التي في السلطة أو خارجها، خاصة أن الأحزاب المتنفذة قليلة والأحزاب والكيانات التي تعتقد نفسها مظلومة كثيرة.
ويقول ضابط برتبة متوسطة في الجيش: quot;لا اعتقد أن تنظيم القاعدة الحقيقي له وجود في العراق الآن، فقد ذهب عناصره من العرب فيما هرب العراقيون أو قتلوا واعتقلوا أو ما زالوا في بعض المناطق البعيدة عن مراكز المحافظات، لكن الذي يحصل سببه (الدمج)، الذي سمح للأحزاب العراقية على اختلاف انتماءاتها وتسمياتها من تجنيد عناصر لها بشكل رسمي في الجيش والشرطة وبرتب عالية على الرغم من أن أغلب هؤلاء لم يكملوا دراستهم وليست لهم أية خلفية عسكرية، واعتقد أن ولاء هؤلاء بقي للأحزاب التي رعتهم ومنحتهم الرتب والرواتب العالية فأصبحوا يتلقون الأوامر منها، وهكذا تجد أن الخروقات الأمنية مستمرة لأن هؤلاء هم وحدهم الذين يستطيعون التحرك بحرية حاليًا بالتحديد مع التشديد الأمني وكثرة السيطرات،فهؤلاء يتحركون في الشوارع بحرية وبملابسهم العسكرية فيمكن أن يفخخوا السيارات وأن يزرعوا العبوات ولا أحد ينتبه لهم او يشك فيهم اطلاقًاquot;.
ويضيف: quot;لذلك أنا استغرب ما أسمعه من المسؤولين الأمنيين بأن تنظيم القاعدة هو من يقول ذلك، حتى أن اعترافالتنظيمبالتفجيرات مجرد (تعمية) لأن القاعدة هي أسهل ما يمكن أن ترمى عليها الاخطاء، ويبدو أنها خطط من هذه الأحزاب والتنظيمات من أجل تدهور الوضع الأمني وإشغال الأجهزة الأمنية بالبحث عن رموز القاعدة ليس إلاquot;.
أما الجندي الذي يحمل رتبة (عريف) فقال: quot;كنت أقف فيأحد المراكز، وكان كل يوم تقريباً يمر ضابط كبير في السن برتبة عميد، ويمر عبر جهاز الفحص لكنني لا استطيع أن افعل شيئًا، فهو عميد في الجيش، وهكذا في أيام عديدة إلى أن زارنا في أحد الايام ضابط برتبة عقيد ولأنه من النوع (المحبوب) أخبرته بما كنت اكتشفه، فقال لي سأنتظر وعندما يأتي أخبرني، وبالفعل انتظر العقيد إلى أن جاء العميد فأشر الجهاز، فطلب منا العقيد أن نقوم بتفتيش السيارة، فلم يعترض العميد ففتشنا ولكن لم نجد شيئًافي حين أنالجهاز ما زال يؤشر، فاضطر العقيد الى تفكيك الابواب، واذا به يجد الديناميت، وعلمنا في ما بعد أن هذا العميد دخل الجيش عن طريق (الدمج) وأنه يرتبط بتنظيمات أو ميليشياتquot;.
وأضاف: quot;أنا اسمع كثيرًا عن الدمج وسلبياته وبعض الأحيان أخدم مع أشخاص لا أشعر أن لديهم روح الحرص في الواجب وأسمع منهم كلامًا غريبًا اثناء نقاشاتنا واحاديثناquot;.
فيما قال الشرطي سعد: quot;أنا دخلت عن طريق أحد الأحزاب الى الشرطة وما يهمني أنني استلم الراتب وما يهمني ايضًا انني اشكر الحزب الذي ادخلني الى الشرطة وأذهب اليه دائما لتأكيد وفائي له، لا اقول لك إنني أخون وطني أو لا أقوم بالواجب ولكنني اطالب باجازات كثيرة وأحيانًا لا أداوم بمقابل ماديquot;.
أما المواطن عبد الكريم سماري، من أهالي مدينة الشعلة في بغداد، فقال: quot;تسع سنوات مرت كلها قتل ودم وانفجارات، ومهما كان عدد تنظيم القاعدة فهو لم يبقَ منه بقية على ما نسمعه من اعتقالات وقتل للإرهابيين، ولكن الغريب أن أغلب المناطق في بغداد تحديدًالم يعد الدخول اليها سهلاً، وحتى الإرهابي يخاف أن يمر لأن احتمال أن ينكشف كبير، والغريب أنه أصبح واضحًا، لذلك ليس من المستبعد أن من يقوم بهذه التفجيرات اشخاص يعملون في الاجهزة الأمنية، وإلا بربك كيف يمكن لسيارة مفخخة أن تعبر الشوارع كلها وتتفجر في شارع حيفا المكتظ بالشرطة والجيش والأمن؟ انا اعتقد أن (الحرامي) من داخل الجيش والشرطة، وما دام كل حزب أدخل (جماعته) فأكيد هم الذين يفجرونquot;.
ويقول المواطن نايف عباس: quot;لا استبعد أن تقوم مجموعات من المأجورين داخل اجهزة الشرطة والجيش بهذه العمليات الارهابية، لا استبعد ابدًا لأن هؤلاء لم يعرفوا معنى الجيش، وكل واحد منهم (عبد مأمور) لسيده الحزب فينفذ ما يريده، وانا استغرب أن الحكومة ما زالت تصر على أن تنظيم القاعدة هو من يفعل ذلك، آمنت بالله، ولكن اين هو تنظيم القاعدة؟ أليس هو داخل الجيش والشرطة من الذي جاء باسم (الدمج)، والحكومة لا اعرف لماذا،لغاية الآن، هينائمة ولا تنظر الى الحقيقة. يا سيد المالكي يا رئيس وزراء العراق، الناس الذين دخلوا الجيش والشرطة بالدمج هم اصل البلاء وعليك كقائد عام للقوات المسلحة أن تعيد النظر في الدمجquot;.
فيما قال جمال بابان، الكاتب والناشط في منظمات المجتمع المدني: quot;نحن نعرف أن الإرهابيين يقفون وراء هذه التفجيرات وأيضًا الميليشيات التي انضمت الى الجيش عن طريق الدمج بواسطة الأحزاب، هذا نعرفه جيدًا وطالما تحدثنا به ولكن الحكومة (اذن من طين وأذن من عجين) والضحايا الابرياء هم من العمال والباعة والناس الذين وثقوا بالحكومة من أنها ستحميهم، نحن ابتلينا بالذين لا يسمعون وابتلينا بالذين يخافون ان ينظروا الى وجوههم فيرون فيها عيوبًا، انا أؤكد أن الذين دخلوا الى القوات الأمنية باسم (الدمج) هم الخلايا النائمة للارهاب ولا أعتقد أن الوضع الأمني سيستتب إن لم ينظف الجيش والشرطة من هؤلاء، وعلى الحكومة إن كانت وطنية فعلاً أن تعمل على الغاء الدمج وأن تنظف القوات الأمنية من المندسين، فهؤلاء هم الذين يلعبون بالأمن ويدمرون الحياة، وصدقني الوضع سيبقى على ما هو عليه ما دام الدمج موجوداًquot;.
وظاهرة الدمج بدأت في العام 2004 حيث اتفقت الأحزاب والكيانات والعشائر على زج أشخاص تابعين لها بالجيش والشرطة ومنحهم رتبًا عسكرية حسب العمر فقط، ويؤكد البعض ممن لديه معرفة بالدمج أن الكثير من الغش رافق هذه الظاهرة حيث تم بيع العديد من هذه الرتب لأناس من خارج الأحزاب والعشائر.
التعليقات