يحتفل العالم في الثامن من مارس كل عام بعيد المرأة العالمي، التي لازالت تثبت وتبرهن يوما بعد يوم أنها لا تقل قدرة علي التفوق في العديد من المجالات التي كانت حكرا للرجل، لكن يبدو أن مشهد المرأة العربية والمسلمة يتميز بخصوصية هذا العام تصل الى حد التناقض والتعقيد، بسبب القيود الاجتماعية التقليدية والقوانين والأعراف السائدة في الشرق الأوسط الكبير.
حفل هذا العام 2011 الذي شهد موجة من الثورات والاضطرابات الاجتماعية والسياسية، بالعديد من الظواهر والقضايا الأكثر جرأة علي الإطلاق، وصفها البعض بالصرخة في وجه (كبت الحريات) التي تعاني منه المرأة، وعدم تناول مشاكلها وأوجاعها (العميقة) وطموحاتها وأحلامها (المقموعة) في التحرر بصراحة وشفافية حتي كتابة هذه السطور.
ومثلت هذه الظواهر الشرق أوسطية المتفرقة تحدٍ للتيار السياسي الديني الحاكم في البلاد العربية والإسلامية علي السواء، ففي العدد الأخير من مجلة quot; بلاي بوي quot; ظهرت أول ممثلة تركية مسلمة (عارية) على الغلاف، وقالت quot; سلا شاهين quot; : أريد ان أشعر بالحرية الحقيقية وأن أتغلب علي القيود التي لازمتني منذ طفولتي، و(صوري العارية) هي صرخة للفت الأنظار إلي ما تعانيه الفتيات المسلمات من آثار التربية الصارمة. الطريف أن quot; سلا quot; تري نفسها مثل الزعيم اللاتيني quot; تشي جيفارا quot; الذي قال : أنه لابد له أن يفعل كل شئ بالطريقة التي يريدها وإلا شعر بالموت!
وفي طهران منعت السلطات الإيرانية الممثلة الشابة quot; غلشيفته فراهاني quot; التي تقيم في فرنسا من العودة الى بلادها، بعد ان ظهرت عارية في مجلة quot;لو فيغاروquot; الفرنسية احتجاجا على القيود المفروضة على المرأة في ايران، حسب صحيفة quot;دايلي تليغرافquot; البريطانية. وكرد فعل علي القوانين الصارمة التي تفرضها الجمهوية الإسلامية قدمت المخرجة الإيرانية الشابة والمهاجرة quot; مريم كيشافارز quot; مؤخرا واحدا من أجرأ الأفلام السينمائية بعنوان quot; الظرف quot; ndash; Circumstance، ويلقي الضوء على جانب مظلم في علاقة عاطفية تجمع بين فتاتين مثليتين، ليثير الاهتمام والجدل خارج إيران أكثر مما في داخلها، ويحصد العديد من جوائز المهرجانات الدولية لطرحه قضايا حساسة تمس شريحة معينة في المجتمعات المغلقة.
وفي باكستان أثار نشر صورة للممثلة وعارضة الأزياء الباكستانية quot; فينا مالك quot; على غلاف النسخة الهندية من مجلة quot;FHMquot; الرجالية العالمية، جدلا واسعا، حتى كاد الأمر أن يمس العلاقات الرسمية بين الهند وباكستان. وتظهر الصورة quot; مالك quot; وهي عارية تماما وعلى ذراعها اختصار لإسم المخابرات الباكستانية (quot;ISIquot;) وكأنه وشم. حيث تتصدر المخابرات الباكستانية عناوين وسائل الاعلام في الآونة الأخيرة بعد أن اتهمها بعض كبار المسؤولين الامريكيين بدعم المسلحين المتمركزين في المناطق القبلية الباكستانية الذين يقاتلون قوات التحالف الغربي في أفغانستان.
quot;التعريquot; أصبح وسيلة تتمتع بشعبية في صفوف شابات يسعين الى التعبير عن احتجاجهن ضد ما يسمينه quot;قمع المرأةquot; وquot;اضطهادهاquot; في العالم العربي أيضا، وكانت مصر أول بلد انتقلت منه هذه الظاهرة الى بلدان عربية أخري، فإذا كانت شرارة ثورات الربيع العربي أنطلقت من تونس ومنها أنتقلت الى مصر، فإن مصر quot; ردت اعتبارها quot; وكانت السباقة في اندلاع ثورة التعري للمرأة العربية، لتنتقل منها الى تونس. quot; علياء المهدي quot; (20 سنة) شابة مصرية نشرت صورتها عارية علي مدونتها الخاصة علي الانترنت تنديداً بالعنف والتحرش الجنسي، وكتبت : quot; انني أملك الحق أن أعيش بحرية في أي مكان في العالم .. كما انني أشعر بقمة السعادة حين أكون حرة quot;.
وعلي خطي علياء سارت quot; الفنانة التونسية quot; نادية بوستة quot; وظهرت شبه عارية علي غلاف مجلة - tunivision ، في محاولة منها للنيل من نجاح الإسلاميين في الوصول للسلطة وانتشار مظاهر التدين كالحجاب والنقاب، في بلد (تحرير المرأة) التي لطالما كان ذلك يعد مخالفة قانونية. معروف أن (الحداثة التونسية) في منتصف القرن العشرين تزامنت مع صدور مجلة الأحوال الشخصية في 13 أغسطس عام 1956 ، بعد أقل من خمسة شهور علي إعلان الإستقلال في 20 مارس عام 1956، ما يؤكد أن الحداثة هي في الأساس إرادة سياسية ، وأن ميلادها يقترن دوما بتحديث شرط المرأة، لكن الأمر يختلف حتما حين تمتزج هذه الإرادة السياسية بالدين، وتصبح المرأة هي أول ضحاياها!

[email protected]