ساعات قليلة فصلت بين خبرين متباينين في المصدر والهدف، لكنهما في واقع الحال علي درجة كبيرة من (الارتباط العضوي). الخبر الأول نقله موقع quot;إيران برس نيوزquot; حيث أصدر تنظيم القاعدة بياناً طالب فيه الرئيس الإيرانى محمود أحمدي نجاد بالتوقف عن التشكيك فى الفاعل الحقيقى وراء هجمات 11 سبتمبر 2001، فى مركز التجارة العالمى بنيويورك، مؤكداً مرة أخرى مسئوليتها عن تنفيذ الهجوم على برجى مركز التجارة العالمى.
فقد أكد الرئيس نجاد فى مقابلة مع quot; الأسوشيتد برس quot;، خلال زيارته الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضى، أن الهجمات التى تبنتها القاعدة، خديعة تهدف إلى إثارة مشاعر الناس، وأنها كانت مدبرة ومخطط لها مسبقا، بغية quot;احتلال أفغانستان والعراقquot;، وبهذا أتهم الولايات المتحدة نفسها بالوقوف وراء هذه الهجمات. واعتبر مقال نشر باللغة الانجليزية على الإنترنت الأربعاء الماضي تابع لتنظيم القاعدة، أن فرضية نجاد مثيرة للسخرية (وسخيفة)، وتساءل: لماذا تصر إيران، بالرغم من كافة الوثائق والإثباتات، على ضلوع الولايات المتحدة فى هذه الهجمات؟.
الخبر الثاني نقلته وكالة quot;رويترزquot; للأنباء من بوسطن، وهو: اعتقال مواطن أمريكي بتهمة الإعداد لهجمات على مبنى وزارة الدفاع الأمريكية quot;البنتاجونquot; ومبنى الكونجرس في واشنطن دي سي بطائرات صغيرة تدار عن بعد ومحشوة بالمتفجرات. حيث أتهم quot;رضوان فردوسquot; البالغ من العمر 26 عاما ويحمل شهادة الفيزياء من جامعة quot;نورثايسترنquot; الأمريكية بالتخطيط للقيام بأعمال quot;جهاديةquot; منذ عام 2010.
وأفادت السلطات الأمريكية إن quot;فردوسquot; صمم وأدخل تعديلات على ثمانية أجهزة هاتف نقال من أجل استخدامها من قبل ناشطين في تنظيم (القاعدة) كصواعق لتفجير قنابل في منطقة الشرق الأوسط. وخلال لقاء في شهر يونيو الماضي، وأُبلغ quot;فردوسquot; أن أول صاعق تفجير تليفوني قتل 3 جنود أمريكيين وجرح 4 الى 5 آخرين في العراق.
quot;تنظيم القاعدةquot; في الخبرين ليس هو كلمة السر أو quot;الوشيجةquot; بينهما فقط، وإنما هو مفتاح فهم الأحداث والتطورات القادمة. ففي عصر العولمة وثورة الاتصالات والمعلومات أصبح quot;الانترنتquot; يستخدم (أيضا) في التحريض وتدريب الإرهابيين بعد عقد كامل من 11 سبتمبر 2001، وهو تغير كيفي جديد إذ لم يعد الإرهاب نفسه هو مصدر الخوف وإنما quot; طبيعتهquot; التي لا يمكن توقعها، وعلي سبيل المثال فإن الخطر المتزايد من الإرهابيين الذين نشأوا في داخل الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية تحديدا، أصبح يقترب من خطر الإرهابيين القادمين من باكستان واليمن وليبيا والصومال ونيجيريا، وغيرها.
في 11 سبتمبر عام 2001 استهدفت الولايات المتحدة (من الداخل) من مواطنين غير أمريكيين، وليس من قبل دولة ماrlm; وإنما من تنظيم غامض المعالمrlm; (وقتئذ)، ولأول مرة في التاريخ تتمكن منظمة غير دولتية (تنظيم القاعدة) من أن تتبوأ مكانة من نفس مستوي التدمير الذي تتمتع به دولة ذات سيادة، وهذه النقلة النوعية جعلت قضايا الصراع والتهديد تطرح بطريقة غير معهودةrlm;.
أما في 29 سبتمبر عام 2011، فقد أصبحت الولايات المتحدة مستهدفة (من أحشائها) - إن شئت الدقة - من مواطنيين أمريكيين، ما يعني: أن الحادي عشر من سبتمبر2001 كان وثبة نوعية وكمية من حيث الأهمية والتنظيم والتزامن واللوجستيةrlm; (لاتزال مستمرة)، فما حدث من قبل ndash; وما خطط له quot;رضوان فردوسquot; - يعتبر من العمليات العسكرية البارزة التي لم تنفذ منذ عشرات السنينrlm;، وهي quot;قطيعة استراتيجية مهمةrlm;quot;، أخطر ما تشير إليه هو أن الولايات المتحدة باتت معرضة بسبب quot;الطابع الوبائيquot; لأفكار تنظيم القاعدة، ndash; وبأدوات العلم والتكنولوجيا ndash; (للمخاطرة والخطورة) معا. وأن ما كان يحميها في السابق مثل: (البعد المكاني ndash; القوة العسكرية) أوشك أو كاد أن يتآكل اليوم، ولم يعد يوفر أية حماية علي الإطلاق.
وهكذا أصبح لزاما علي الولايات المتحدة أن تقرأ بعناية quot;الأفكار الجديدةquot; التي تفرزها (صيرورة الأحداث) لا أن تخلع أفكارها المسبقة (الثابتة) علي نهر الأحداث المتجدد دائما ... وأهم هذه الأفكار الجديدة ndash; في تصوري ndash; أن الثاني عشر من سبتمبر لم يبدأ بعد !
[email protected]