أما العيد الأول فهو عيد الفطر لعام 2010 وأما الثاني، فهو عيد عام 2011 .
ما بين عيدين حدثت تطورات مهمة في عدد من البلدان العربية، بينما يلدان عربية أخرى بانتظار وشعوبها تتطلع..
إن الانتفاضات العربية لعام 2011 قد طبعت عام 2011 ، عربيا، بطابع خاص، طابع الأمل في مستقبل أفضل والثقة بإمكان تحقق ذلك. ولكنها أيضا تحذر من صعوبات الطريق وتعدد الآفاق، التي قد يكون بعضها شديد العتمة.
الانتفاضات التي سميناها ثورات قد حقق أكثرها الهدف الأول وهو إزاحة الحاكم المستبد بفضل تضحيات الجماهير والدعم الدولي المتعدد الأشكال. ولكن الثورات لا تعني مجرد إسقاط نظام متعسف فاسد بل السير الواعي لبناء نظام يلبي طموحات الشعوب في العدالة والتقدم والعيش الكريم والمرفه. وإذا كان من حق المصريين والتونسيين والليبيين واليمنيين أن يعتزوا بنضالهم من أجل ضد الظلم والفساد، فإن الطريق لا يزال شائكا وطويلا. ومن المؤسف أن نجد الشارع المصري الشعبي والسياسي منقسما وشباب الثورة لم ينجحوا في تشكيل حزب جديد لهم منسجم وذي ركائز شعبية. ولا تزال غرائز الانتقام هي الأكثر سخونة، والإسلاميون يواصلون المناورة والعمل الدؤوب لقطف الثمار واحتكارها. والتونسيون هم أيضا في وضع مشابه تقريبا. وأما الليبيون فقد سجلوا انتصارات كبرى بفضل تضحياتهم ودعم الأطلسي ولكن الطاغية لا يزال في الخفاء ولا يمكن اعتبار النصر في الشوط الأول -شوط إزاحة النظام- مستكملا ما لم تحل مشكلته. فضلا عن عدم تجانس قوى الثورة وبوادر الخلافات وعدم وضوح برنامج التغيير. وأما اليمنيون فيمكن القول عن أن هناك شيئا من التعادل بين قوى الحاكم وقوى التغيير ولكن يظهر أن بقاء الرئيس قد صار من باب المستحيلات وعليه التعجيل.
بقي الشعب السوري المضحي والصامد، الذي يواجه طغيانا دمويا لا يكترث لأية قيم واعتبارات وطنية او إنسانية، ويواصل حصد الناس بالدبابات. المشكلة هنا أكثر تعقيدا بكثير من الحالات العربية الأخرى، سواء من دوليا او عربيا، فضلا عن الاختلافات بين ساسة المعارضة. روسيا والصين تواصلان دعم النظام السورين والغرب ليس في وضع يمكنه من التدخل بغير العقوبات الدولية. والجيش السوري هو أقوى من قوات القذافي ومسلح تسلحا حديثا، وربما لديه أسلحة محرمة دوليا. وثمة إيران ودعمها اللوجستي والمالي والسياسي والإعلامي. النظام السوري يزداد عزلة دوليا وإقليميا ومع ذلك فهو يزداد شراسة واستماتة. فكيف سوف تستقر الأحوال؟ ليس واضحا.
نعم من حق شعوب مصر وتونس وليبيا أن تستقبل العيد بفرح وتفاؤل فهو يمر عليها وقد زال النظام المستبد، وإن كان الطريق أمامها طويل. وربما سوف تنجلي أمور اليمن أيضا قريبا بتغيير الرئيس، دون إمكان التنبؤ بما سيكون بعده. أما الشعب السوري المناضل العنيد، فإنه في حاجة لدعم عربي أكثر وأقوى، وحالته لا تزال في منتهى الصعوبةن فلنأمل ان تنتهي الامور لصالح التغيير الذي يشنه أخيار سوريا، بعيدا عن الحزب القائد والفرد الاوحد.
وفي العيد تمتزج الأفراح والآمال بالحزب على الضحايا والشهداء الذين قدموا أعز ما لدى الإنسان لإسعاد الآخرين. فتيحة لشعوب الانتفاضات العربية وشهدائها.
ويمر العيد على شعبين آخرين، المغربي والأردني، وقد فتح لهما حكامهما بابا للتغيير السلمي والمتدرج. فلتمن للبلدين نجاحا في مسيرة الإصلاحات المعلن عنها وتحقيق المزيد منها من أجل حكم ديمقراطي دستوري واستئصال الفساد وتوفير الأمن والعيش الكريم للمواطنين.
وأخيرا، فقد أرسلت لصديق عراقي عزيز في الغربة كلمة معايدة بالمناسبة رجوت فيها خروج العراق من النفق المظلم، فكان جوابه التالي:
quot; الخروج من النفق لا يحدث في جيلنا. واحسرتاه على ذلك البلد الجميل الذي عرفنا، والذي يتسرب من بين أصابع أبنائه دون أن يستطيعوا إنقاذه.... أتمنى لو حدثت المعجزة فتتحق الآمال بنهاية النفق الذي شيده الإسلاميون.quot;
وهنا أيضا، في العراق نوع آخر من العيد، نوع كالح، يفتقر للابتسامة. ولكن تبقى طاقة الحلم.
وماذا عن الشعب الصومالي الذي يموت أطفاله بالمئات من الجوع؟ أي عيد يمر عليهم بين الجوع وإرهاب الجهاديين؟!
وهكذا تمتزج في مناسبة العيد الأفراح والآمال مع الأحزان وقسوة المآسي. ومع ذلك كله فلنبق نحلم مستقبل أفضل!