يشهد الحراك السياسي الديموقراطي السلمي في إقليم كوردستان العراق تصعيدا خطيرا غير مسبوق باتجاه تأزيم الأمور وتعقيدها بعيدا عن روح الحوار الديموقراطي والاختلاف الطبيعي في وجهات النظر والعمل في اطار ضمان وحماية المصالح الاستراتيجية للإقليم وفي مثل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها سواء من ناحية التهديد الخطير الذي تشكله المجاميع الإرهابية على طول خط التماس حوالي الف كيلومتر او المشاكل مع الحكومة الاتحادية والتطورات السريعة الجارية في العملية السياسية العراقية برمتها او من ناحية وجود قرابة المليوني لاجئ و مهجر ومهاجر في الإقليم وما تشكله هذه الكتلة البشرية من أعباء مالية وإدارية ضخمة على إدارة الإقليم وميزانيتها.

ان موضوع ما اذا كان النظام السياسي في الإقليم برلمانيا او رئاسيا وفي مثل هذه الظروف الصعبة لا يمثل اية أولوية مرتبطة بحياة الناس والمخاطر التي تحيط بهم ومشكلة أي النظامين افضل من الاخر ليست بالسبب الذي يدعو الى كل هذا الاحتقان غير المبرر في المجتمع خاصة والتجربة العملية على نطاق العالم تؤكد على ان الكثير من الأنظمة سواء كانت برلمانية او رئاسية فاشلة بامتياز وبالمقابل هناك تجارب لكلا النظامين ناجحة بامتياز فالعبرة تكمن أساسا في الدور القيادي للمثلي الشعب وفي فصل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية والتحديد الواضح للصلاحيات و طريقة صنع القرار المركزي وتوفير الرقابة القانونية والشعبية على حسن أداء هذه المؤسسات.

لقد تم تضخيم الموضوع وكأن كل مشاكل الإقليم والأزمات التي تعصف به والتهديد الخارجي الذي يتعرض له ستحل بين عشية وضحاها فيما اذا تقرر النظام البرلماني وتم انتخاب رئيس جديد من البرلمان مباشرة دون ان تكون له صلاحيات تذكر اللهم البروتوكولية منها.

ان جر الإقليم وقواه السياسية الى خضم معارك جانبية وتفتيت الوحدة الوطنية التي قد تؤدي الى تقسيم الإقليم وإحياء نظام الادارتين المقبور يتعارض تماما مع المصالح الأساسية الحيوية لشعب الإقليم وكان من المفروض ولا يزال هو تعزيز و تقوية الجبهة الداخلية وتوفير مستلزمات النصر ضد العدوان الخارجي المتمثل في الحرب القذرة التي تشنها قوى الارهاب الهمجية والتركيز على وضع الأسس السليمة لقيام المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية بواجباتها وباستقلالية كاملة بعيدا عن الضغوط والتدخلات الحزبية ومحاربة الفساد والمفسدين وبحث السبل والأساليب الكفيلة بتحقيق التنمية وإرساء البنى التحتية الضرورية لذلك بما فيها توفير الخدمات الأساسية و فرص العمل والحياة الكريمة للآلاف المؤلفة من الشباب وضمان مستقبلهم.

ان شخصنة الصراع السياسي وتصنيع هذه الأجواء المتشنجة في الإقليم وجر مواطنيه الى معارك غير منتجة لا تخدم أي طرف على المدى الطويل وستؤدي عاجلا ام اجلا الى الحاق افدح الاضرار بالعملية السياسية والحراك الديموقراطي في كوردستان ودوره الحيوي في تأسيس تقاليد وطنية تساهم في عملية البناء السياسي والفكري والوحدة الوطنية الحقيقية تجاه المخاطر والأزمات العامة كمثل التي يواجهها الإقليم حاليا في حربه الدفاعية ضد العدوان الخارجي الهمجي لقوى الإرهاب والتي تتطلب قبل كل شيء وحدة البيت الكوردي وتحصينه فهل من يسمع!

&

[email protected]

&