نعمة خالد من دمشق: في حفل رسمي،وتحت رعاية رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد، وبحضور الرئيس التركي عبد الله غول، والأمير القطري، والسيد عمر موسى الأمين العام للجامعة العربية، ووزراء الثقافة للعديد من الدول العربية، وحشد من الوفود الدبلوماسية، أعلن عن

جانب من الافتتاح بحضور بشار الأسد وأمير قطر

دمشق كعاصمة للثقافة العربية، وقد سبق أن جرى افتتاح شعبي للاحتفالية بدمشق عاصمة الثقافة في التاسع من الشهر الجاري.

وألقى الرئيس بشار الأسد كلمة أكد فيها على البعد التاريخي لدمشق، وعلى أن سورية حاضنة للثقافة العربية والعالمية، ومهد الديانات السماوية والحضارات، كما أكد على دور الثقافة وأهميتها، في حين توقف عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية عند إشكالية الأمة العربية الثقافية، والتي من شأنها أن تكون الرافعة الحقيقية للنهوض في وجه الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية، وختم يتحوير لأبيات شعر لأحمد شوقي، داعياً فيها إلى دعم الثقافة بالمال حتى تكون قادرة على القيام بدورها.

وتضمن حفل الافتتاح الرسمي، والذي أخرجته الفنانة نائلة الأطرش، فقرات أدبية تتحدث عن دمشق، وحواريها وتاريخها، قدمها الفنانون: عباس النوري، أمل عرفة، جمال سليمان سلافة معمار، كاريس بشار، والفنانة القديرة منى واصف. كما غنت لدمشق الفنانة رشا رزق.

ثم قدمت مجموعة من الأطفال أغنية لسورية، تلاها حقل للموسيقا الكلاسيكية قدمته الفرقة السيمفونية السورية بقيادة ميساك بابودريان.

وأكدت الدكتورة حنان قصاب حسن على دور سورية الثقافي، ايس العربي فحسب، وإنما العالمي،
أما ما كان في الافتتاح الشعبي، والذي كان من إعداد شركة إيطالية، تقاضت أجرها ما يقارب المليوني دولار، فإن عدد كبير من الحشد الجماهيري، كانوا يظنون أن حفلاً لجورج وسوف سيقام في ساحة الأمويين،
ولعل هذا يعود إلى التقصير في الإعلان عن دمشق كعاصمة للثقافة العربية، فحتى يوم الثامن عشر من كانون الثاني، لم يكن هناك لوحة إعلان واحدة في الطرق، تشير إلى الاحتفالية، أو إلى أن دمشق عاصمة للثقافة العربية، بل علقت الإعلانات في يوم الافتتاح الرسمي.

وكان من الملاحظ في الاحتفالية غياب العديد من الوجوه الثقافية التي علمت في المشهد الثقافي السوري. وخاصة الفنانين.
واقتصر الحضور الصحفي على اللائحة التي أعدتها وزارة الإعلام.
وقد فات حضور الافتتاح الرسمي على الشاشة الصغيرة العديد من المواطنين السوريين، لأنهة في يوم إعلان دمشق كعاصمة للثقافة العربية، والثقافة هي مشعل النور، كانت بيوتهم بلا نور.
كما انقطع البث للحفل مرات عدة، وكأن بالقائمين على البث قد تأثروا بالبيوت الغارقة في العتمة، أو أن الشاشة الصغيرة قد تضامنت مع من حرموا من الحفل، وأرادت أن يكون الجميع سواسية.
والجدير بالذكر، أن الأمانة العامة لدمشق عاصمة للثقافة العربية، برئاسة الدكتورة حنان قصاب حسن، لم توقع أية عقود، لا مع الفرق التي سوف تشارك في النشاطات الثقافية، ولا مع من تم تكليفهم بمتابعة الندوات والإصدارات. بل إن الأمانة العامة لم ترس على بر حتى ساعة الإطلاق الرسمي لدمشق عاصمة للثقافة، بل وصلت الأمور إلى حد تنصل القائمين على الأنشطة من وعودهم للمثقفين. فمن الأنشطة التي كانت معتمدة: إصدارات للشباب، تتم بالتعاون مع بعض دور النشر، وبعد أن دلفت هذه الدور بالإعداد لهذا المشروع، تراجعت الأمانة عن المشروع وقلصته إلى أقل من النصف، ربما كان مع الأمانة العامة بعض الحق، فرجال الأعمال الذين جمعوا من أجل دعم المشروع الثقافي لم يكونوا بحجم الأمل الذي بني علبهم، لكن بنفس الوقت: دفعت الأمانة العامة 12 مليون ليرة سورية ثمناً للألعاب النارية التي أطلقت في سماء دمشق خلال ساعة، ودفعت كما أشرت سابقاً للشركة الإيطالية ما يقارب 2 مليون دولار، على جهد ربما كان من الممكن أن يؤديه فنيين سوريين، فنحن لم نر لوحات ليزرية معلقة في الفراغ كما أعلن في المؤتمر الصحفي سابقاً، فقط خطوط طولية وعرضية لأضواء، تتقاطع دون أن تشكل ما يمكن له أن يعد فناً.

ألمناطيد التي شكلت ألوانها العلم السوري، فهل كانت تحتاج إلى خبرات أجنبية، وبالنسبة للألعاب البهلوانية، فقد كان واضحاً للعيان ربط اللاعبين بكابلات الكهرباء، كهرباء، يسأل من لا يرى نورها إلا لماماً، نعم أسلاك كهرباء، مؤدين بعض الحركات التي لا تمت إلى الألعاب البهلوانية بصلة، ولو أدى هذه الألعاب بعض من يعملون في السيرك ربما كان ذلك أجمل.

لا يهم، من كان قد جاء ليسمع جورج وسوف، عاد إلى بيته خائباً. ومن ينتظر أن تعلن الاتفاقات ضمن عقود واضحة فربما عليه أن ينتظر طويلاً، طبعاً ما خلا البعض، فعابد عيزرية وقع عقده، وسوف يتقاضى على مشاركته 25 ألف دولار. وفيروز سوف تتقاضى على حفلاتها الست مليون دولار، وهي لن تغني مباشرة، بل سوف يتم الدوبلاج بين غنائها المسجل وحركة شفتيها. ولن يحضر حفلات فيروز سوى أولئك القادرين على الاستغناء عن مبالغ تتراوح ما بين عشرة آلاف وثلاثة آلاف ليرة سورية، وهما الحد الأعلى والأدنى لأسعار البطاقات. والسؤال: لمن جاءت فيروز لتغني؟ ولمن الأنشطة الثقافية الفنية التي سوف تقدم في هذه الاحتفالية؟ فالمواطن السوري، الذي يعيش في الكفاف، سوف يقدم ربطة الخبز على أي نشاط فني ثقافي.

فهل وضعت الأمانة العامة هذا نصب عينيها، وهل يكفي أن يتابع المواطن_ هذا إذا كان قد أخذ إجازة من عمل آخر ضرورة له_ بعض الفنانين الشباب وهم يرسمون على جدران دمشق القديمة؟

ماذا أعدت الأمانة العامة لدمشق كعاصمة للثقافة العربية من زاد روحي للمواطن هو بأمس الحاجة إليه.
كعرب لم يتبق لنا من حصن غير الثقافة، لكن هل حازت الثقافة حقاً على مستلزماتها؟
عواصم عربية كثيرة كانت من قبل عاصمة للثقافة العربية، لكننا لم نخرج من خلال هذه الاحتفاليات بمشروع ثقافي حقيقي تنويري، قادر على أن يوقظ العرب الذين طال نومهم. بل كانت جل هذه الاحتفاليات لا تتجاوز كونها استعراض، يمرر من خلالها مصالح بعض الغوتات الثقافية في تلك البلدان. فهل نأمل أن تخرج دمشق من هذا الإطار.

المتتبع لبرنامج الفصل الأول الذي أعلن في المؤتمر الصحفي لا يدفع للأمل كثيراً، خاصة وأن مصاريف لا مبرر لها تهدر في غير مشروع استراتيجي لثقافة نأملها، فماذا يعني أن يكون هناك افتتاح ثالث لدمشق عاصمة ثقافية في غرناطة؟ ولماذا ترافق الغنية والعازفة وعد بو حسون فرقة أسبانية، إذا كنا نريد أم نمد جسورنا الثقافية إلى الغرب، وهل خلت سورية من عازفين للموسيقا العربية؟ ربما يقول قائل: تلاقح ثقافي. لست ضده لكني وددت لو يمتد هذا التلاقح إلى إطار رديف، يتعلق بالفكر وصنوف الإبداع الأخرى.

أخيراً أقول للمثقف العربي والسوري، وفي ظل تهميش دوره، أو دفعه إلى القطيعة مع الرسمي الثقافي: صبراً آل ياسر فموعدكم، لا لن أقطع وعداً لست بحجمه كما حدث، الوعد مفتوح، ربما في الفصل الثاني أو الثالث أو الرابع من الاحتفالية، ربما في الدورة القادمة لدمشق عاصمة ثقافية، يتم الالتفات إلى دوركم الضرورة، ولا يغرق الرسمي في البروتوكولات، بل يكون مهموماً بمشروع ثقافي حقيقي، من شأنه أن يشكل رافعة لواقع مليء بالأزمات.

[email protected]