مقتل 222 من فتح الإسلام واعتقال 202
موسكو: لا شك أن قمع تمرد quot;فتح الإسلامquot; في مخيم نهر البارد ساعد على تعزيز هيبة الجيش اللبناني وقائده ميشال سليمان. بيد أن الكثير من التساؤلات تبقى بلا جواب، ومنها: كيف استطاع تنظيم لم يكن معروفًا في السابق تقريبًا أن يتحول خلال مثل هذه الفترة الوجيزة إلى تشكيل مسلح قوي إلى درجة تطلب القضاء عليه فيها عدة شهور من القتال؟ أليس ثمة خطر انفجار عنف جديد في مناطق لبنان الشمالية المتاخمة لسوريا؟ وأخيرًا السؤال الرئيس: هل يمكن أن يوجد جيش قوي في بلد تغيب فيه السلطة المركزية القوية؟

كاتب المقال العقيد الإحتياط الروسي فلاديمير أحمدوف
ليست هذه التساؤلات وليدة الصدفة، وهي تتطلب أجوبة سريعة لأن انتخابات الرئاسة قريبة جدًا ( بعد أقل من ثلاثة أسابيع).

ولم يلق اقتراح رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري بانتخاب الرئيس بغالبية ثلثي أصوات النواب الحاضرين في الجلسة حتى الآن جوابًا واضحًا من جانب الغالبية الحاكمة وتحالف14 آذار. ومن الواضح أن ممثلي الائتلاف لا يملكون من أصوات النواب ما يكفيهم لتمرير مرشحهم إلى الرئاسة. ولهذا السبب يشيرون إلى بنود الدستور التي تقضي بانتخاب الرئيس بـ 50 في المئة من الأصوات، إضافة إلى صوت واحد في الجولة الثانية فيما لو فشل في كسب ثلثي الأصوات أثناء الجولة الأولى. وبالتالي يصعب حتى الحديث عن انتخاب رئيس يحظى بقبول الطرفين من دون استئناف الحوار بين المعارضة والغالبية الحاكمة. ومن المشكوك فيه أن يتمكن الطرفان المتصارعان من التوصل خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن إلى اتفاق بشأن مجموعة كاملة من المشاكل الخطرة التي تبدأ بسلاح quot;حزب اللهquot; وتنتهي بالمحكمة الجنائية الدولية. وفي النتيجة قد يجد لبنان نفسه تحت قيادة رئيسين وفي ظل سلطتين، لكن سعر ذلك قد لا يطيقه بلد يعيش اقتصاده أزمة قاسية للغاية. ويظهر احتمال إلغاء الانتخابات وتأجيلها. وقد أعرب عن هذا الاحتمال الرئيس اللبناني اميل لحود الذي اقترح تعيين قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان في منصب الحاكم الموقت في لبنان من أجل إصدار قانون جديد للانتخابات وتهيئة الظروف لانتخابات الرئاسة الجديدة.

وترتسم في الأفق بالتالي إمكانية وصول العسكريين إلى السلطة في لبنان، خاصة وأن النظام السياسي القائم فيه اليوم لا يحظى بتأييد وثقة الجماهير لكونه قد بين عجزه عن الإدارة الفعالة لشؤون الدولة.

ويعرف تاريخ البلدان العربية أمثلة عديدة على تدخل العسكريين في الشؤون السياسية وتوليهم مقاليد السلطة. وعندما يمسك العسكريون زمام الحكم غالبًا ما يسعون بالدرجة الأولى إلى إخراج البلد من الأزمة السياسية وإزالة النزاعات السياسية الداخلية. ويتم ذلك كقاعدة عامة عن طريق حظر الأحزاب السياسية وتجميد الدستور وتأجيل الانتخابات. وتعود الحياة السياسية بذلك إلى إطار محدد وتستكين إن جاز القول.

ولكن الأمر يختلف كل الاختلاف بالنسبة إلى لبنان بطوائفه الدينية وأحزابه السياسية المتعددة وتقاليده الديمقراطية المتأصلة، وهو بلد تلتقي فيه مصالح جيرانه العرب الأقوياء وإسرائيل والدول الكبرى. ومن غير المرجح أن يجازف ميشال سليمان بوحدة الجيش في حال عدم استلامه التفويض من قبل معظم القوى السياسية في لبنان. خاصة وأن قيادة لبنان اليوم تهتم في المقام الأول في تنمية اقتصاده. ومن المعروف أن الجيش وكبار ضباطه غير مؤهلين للقيام بهذه المهمة. وحتى لو ألقيت مهمة إخراج البلد من أزمته على عاتق العسكريين لتعين عليهم تسليم زمام القيادة في أسرع وقت ممكن إلى حكومة مدنية ليعودوا إلى أداء مهماتهم المهنية ألا وهي الدفاع عن البلد من أي عدوان خارجي.