لندن: يشق وليد طريقه عبر الزقاق وقد ارتدى معطفا عسكريا إسرائيليا أخضر فوق سترته الجلدية، وما أن يصل منزل أبو رضا، تاجر السلاح في القسم الجنوبي من المدينة، حتى يتناول بيده بندقية من نوع (M16)، فيتفحصها ويسأل وهو ينظر إلى الشخص الواقف أمامه شذرا: quot;بكم هذه؟quot; يأتيه الجواب مقتضبا: quot;سعرها 1200 دولار اميركي.quot;

هذه الحوارية العبثية تتكر هذه الأيام بين أبو رضا والكثير من سكان المدينة الذين يقصدونه وغيره من تجار السلاح في المدينة التي يطغى عليها جو الترقب والحذر مع استمرار الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام. الكل يسعى إلى شراء السلاح وتكديسه خوفا من المجهول وتحسبا لما قد يحمله لهم المستقبل الغامض الذي ينذر بالمزيد من القلق والاضطراب.
هذه الأجواء يرصدها مراسل صحيفة التايمز اللندنية، نيكولاس بلانفورد، في تحقيق من العاصمة اللبنانية بيروت جاء بعنوان quot;بيروت تسلح نفسها لمواجهة مستقبل مضطربquot;، يتحدث فيه عن تصاعد عمليات شراء الأسلحة في أوساط اللبنانيين خلال عام تميز بعدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
يقول المراسل إنه ليس فقط عمليات بيع الأسلحة هي التي ازدات، بل أن أسعار تلك الأسلحة نفسها قد تضاعفت خلال الأشهر الـ 18 الأخيرة من عمر الأزمة اللبنانية.
وينقل التحقيق عن بعض اللبنانيين قولهم إن لجوءهم إلى شراء الأسلحة بكميات كبيرة سببه هو رغبتهم وسعيهم لحماية أنفسهم في حال تفاقم الوضع المتوتر وتطور إلى حرب أهلية بين الأطراف المتصارعة.
ويلفت المراسل إلى أن احتفالات رأس السنة في لبنان هذا العام تميزت عن سابقاتها بنوعية العيارات النارية المستخدمة للتعبير عن quot;الفرح بقدوم العام الجديدquot;، إذ أن السماء quot;ازدانتquot; بألأضواء الحمراء الساطعة الناجمة عن استخدام أسلحة جديدة في quot;أضخم تظاهرة احتفالية منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990 والتي استمرت 16 عاما.quot;
ويصور لنا المراسل أيضا أجواء التراشق بالتصريحات والاتهامات المتبادلة بين الشخصيات والفصائل اللبنانية المتناحرة التي يعزو كل طرف منها التصاعد في عمليات بيع الأسلحة إلى محاولات الطرف الآخر بناء ميليشيات مسلحة استعدادا لحرب أهلية متوقعة.