في قرارسيحظى بإرتياح الحكومة العراقية والقوات الأميركية
الصدر مدد تجميد جيش المهدي 6 أشهر لتعزيز الأمن

العراق يطالب تركيا بإحترام حدوده وطالباني إلى أنقرة

تمديد مشروط بالتوقف عن مواجهته لتجميد جيش المهدي

زيباري يقاضي العسكري الذي كرر إتهاماته له بالفشل

بغداد تحظر سير العربات إثر انفجار واحدة يسحبها حصان

البدء بوضع العلامات الفاصلة وتبادل أسماء حرس الحدود

العراق: لا حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على الحدود

إتفاق على ترسيم الحدود ورفع السفن والألغام من شط العرب

مستشار للمالكي يتهم زيباري بليال حمراء وصولاغ بالفشل

مناقشة ترسيم الحدود واتفاقية الجزائر مؤجلة بانتظار حل سياسي

أسامة مهدي من لندن: في إجراء مهم سيساعد على إستمرار تناقص العنف الطائفي في العراق وبشكل سيحظى بإرتياح وترحيب الحكومة العراقية والقوات الأميركية قرر الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر اليوم تمديد تجميد نشاط جيش المهدي التابع له ستة أشهر أخرى بعد إنتهاء فترة الستة الأولى لهذا التجميد في خطوة تستهدف تعزيز الوضع الأمني ومواصلة تطهير الجيش من الخارجين على إرادته من منفذي العمليات الطائفية . وقد جاء قرار تمديد تجميد نشاط جيش المهدي في رسائل قرئت خلال خطبة الجمعة في مختلف المساجد العراقية التي يشرف عليها ائمة تابعون للمرجعية الصدرية دينيا ويدينون بالولاء لمقتدى الصدر سياسيا ودينيا . وينص القرار على تمديد التجميد الى منتصف شهر شعبان المقبل الذي يصادف اب (اغسطس) من العام الحالي 2008 . وكان الصدر قد بعث امس وقبل أيام قليلة من انتهاء فترة الستة اشهر المحددة لتجميد نشاط جيش المهدي قراره النهائي مكتوبا في مغلف مغلق الى وكلائه في ائمة المساجد لقرائته اليوم خلال خطبة الجمعة . وقالت مصادر مقربة من التيار الصدري ان قرار الصدر جاء بعد دراسته لمختلف التقارير التي وصلته عن تداعيات التجميد الذي اتخذه في التاسع والعشرين من اب (اغسطس) الماضي بشقيها السلبي والايجابي . ويضم جيش المهدي حوالي عشرة الاف مسلح وتشكل بعد أشهر قليلة من سقوط النظام السابق في نيسان (ابريل) عام 2003 .

وكان قادة عسكريون اميركيون قد استبقوا قرار الصدر وعبروا عن اعتقادهم بأن الصدر سيختار تجديد وقف اطلاق النار وأشادوا به لأنه ساعد في خفض العنف وأعطى الساسة العراقيين متنفسا يمكنهم من اتخاذ خطوات باتجاه المصالحة. وأدى وقف اطلاق النار الذي أعلنه الصدر ونشر 30 ألف جندي أميركي اضافي وقرار القبائل العربية السنية الانقلاب على القاعدة الى تراجع نسبته 60 في المئة في أعمال العنف منذ حزيران (يونيو) عام 2007. ويشتكي التيار الصدري من قتل العشرات واعتقال المئات من عناصره منذ بدء الحملة الامنية ضدهم بشكل مكثف مطلع العام الماضي والذي دفع التيار الى سحب وزرائه الخمسة من حكومة نوري المالكي الحالية في نيسان (ابريل) الماضي .

وبهذا الصدد اشار حازم الاعرجي احد مساعدي الصدر في بغداد في تصريح صحفي الى ان من النقاط السلبية لتجميد جيش المهدي quot;هي اننا لم نجد استثمارا جيدا من الحكومة العراقية بخصوص قرار التجميد .. فخلال فترة التجميد زج باكثر من الف معتقل في سجون الاحتلال خصوصا في محافظات الديوانية وكربلاء وبغدادquot;. واكد ان حكومة نوري المالكي لم تحترم الهدنة وقال quot;انهم قتلوا عناصرنا واعتقلوهم وعذبوهم واهانوهمquot;. وبالرغم من ذلك يؤكد مسؤولون عسكريون اميركيون ان هدنة الصدر لعبت دورا كبيرا في خفض العنف الطائفي والاشتباكات بين الميليشيا من جانب والقوات الاميركية والعراقية من جانب اخر. وحذروا من ان العودة الى القتال ستفرض مخاطر على المكاسب الامنية في وقت بدأ فيه الزعماء العراقيون تحقيق بعض التقدم نحو مصالحة وطنية.

وتزعم مقتدى الصدر وهو ابن رجل دين شيعي بارز اغتاله نظام الرئيس السابق صدام حسين انتفاضتين ضد القوات الاميركية في عام 2004 وأعلن وقف اطلاق النار بعد اشتباكات دامية في اب الماضي بين جيش المهدي وقوات الامن المتحالفة مع المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الشيعيي في مدينة كربلاء قتل فيها العشرات. وبرغم اشادة الجيش الاميركي بالصدر بشأن الهدنة لكنه مستمر في اطلاق وصف متشددين quot;مارقينquot; على عناصر يقول انها لم تلتزم بقرار الصدر وتتلقى التمويل والسلاح من ايران. وقالت المجموعة الدولية لادارة الازمات في تقرير مؤخرا ان الغاء وقف اطلاق النار من قبل الصدر سيكون انتكاسة للعراق. واضافت quot;لن يؤدي هذا الى استئناف اعمال القتل الطائفية فحسب وانما سيكون تصعيدا في حرب بين الاشقاء بين ميليشيات شيعية متنافسة.quot;

وقالت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; في تقرير لها امس إن جيش المهدي عزز تجميد انشطته من خلال حملة تطهير لكل افراده الذين لم يلتزموا بامر وقف اطلاق النار الذي أصدره الصدر العام الماضي. وأضافت الصحيفة أن quot;مقاتلين من جيش المهدي أقتادوا شابا يبلغ من العمر 25 عاما إلى بيت مظلم واعدموه شنقا وهم يرددون أيات قرأنيةquot; .وأوضحت أن quot;الشخص الذي اعدمه جيش المهدي، في كانون الثاني (يناير) الماضي ينتمي إلى الجيش الذي يشكل أكبر مليشيا شيعية في العراقquot; . ونقلت الصحيفة عن قادة في الجيش إن الرجل الذي أعدم هو احد قادة جيش المهدي واسمه الحركي حمزة وكان قد عمد إلى قتل وخطف عدد من الاشخاص على الرغم من امر القاء اسلحتهم. وأضافوا أن حمزة اعتراف بجرائمه خلال تحقيقات كثيرة وان حكم الاعدام بحق حمزة صدر بثلاث صفحات من مكتب مقتدى الصدر. ونقلت الصحيفة عن محمد علي (24 عما) قائد جيش المهدي في حي الشعلة بضواحي بغداد الشمالية الغربية الذي شارك في عملية الاعدام قوله quot;تلقينا امرا في وقت لم يحدده بالتخلص من حمزة ونفذنا الامر وبهذا نطهر جيش المهدي من هذه العناصرquot;. وطبقا لما يقول قادة كبار في مليشيا المهدي ومسؤولون أميركيون إن المئات من افراد جيش المهدي قد اعدموا اوسجنوا أو أبعِدوا منذ صدور امر الصدر بالتجميد كجزء من اعادة تنظيم شاملة كانت سببا حاسما في انخفاض مستوى العنف الذي تشهده البلاد في الشهور الماضية.

واشارت الصحيفة الى إن حملة التطهير هذه قد رفعت من سمعة الصدر بخاصة بين صفوف القادة الأميركيين الذين كانوا يعدونه في ما مضى عدوا لا انهم يشيرون اليه الان باحترام في وقت يساعده فيه هذا الامر ايضا على احكام سيطرته على الجيش غير المنضبط . وفي الوقت نفسه يقول افراد من الجيش اضعف هذا التجميد الحركة الصدرية امام هجمات quot;وقمع جماعات شيعية مناوئة لهاquot; . ونقلت الصحيفة عن قائد في جيش المهدي يطلق عليه أبو جعفر (31 عاما) وهو عامل باجرة يومية من منطقة الشعب شمال شرقي بغداد وكان واحدا من اولئك الذين ابعدوا قوله انه بعد وقت قصير من اعلان امر التجميد تسلم مذكرة استدعاء من جيش المهدي من الوحدة المعروفة باسم الفوج الذهبي التي توصف بأنها وحدة استخبارات تراقب الانضباط الداخلي بين صفوف جيش المهدي حيث تم توبيخه لسماحه لحوالي 100 فرد تحت امرته بارتكاب ما اسماه بجرائم ضد المدنيين. وأوضح أبو جعفرالذي رفض اعطاء اسمه الكامل خوفا من القوات الاميركية والعراقية quot;جاءوا الي وقالوا كيف لا تعرف عن اخطاء الناس الذين تحت امرتك وانت قائد؟ انت لا تصلح للقيادة وطردونيquot; .

مقتدى الصدر لاعب مؤثر في السياسة العراقية

مقتدى الصدر
عندما اجتاح الجيش الاميركي العراق في آذار (مارس) عام 2003 لم يكن الضباط والجنود الاميركييون الذين يتقدمون نحو بغداد يعرفون اسم مقتدى الصدر. لكن سرعان ما اصبح رجل الدين الشيعي الشاب احد ابرز قادة العراق في مرحلة ما بعد نظام صدام حسين كما قالت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها اليوم .. وقد برز مقتدى الصدر الشاب الثلاثيني فجأة في واجهة الاحداث فور سقوط النظام في نيسان (ابريل) عام 2003 وتولى منذ ذلك الحين قيادة تمردين ضد القوات الاميركية في نيسان(ابريل) واب (اغسطس) عام 2004. وتفيد تقديرات متفاوتة ان جيش المهدي الذي اعلن الصدر تأسيسه بعيد سقوط بغداد بايدي قوات التحالف يضم بين عشرة آلاف وستين الفا.

ويتمتع مقتدى بشعبية واسعة ورث معظمها عن والده محمد صادق الصدر الذي ترك اغتياله مع اثنين من ابنائه في 1999 من قبل نظام صدام حسين تاثيرا كبيرا على تفكيره. لكن معارضته للوجود الاميركي جعلت منه رمزا داخل الطائفة الشيعية بينما يطالب الائتلاف الشيعي الحاكم ببقاء القوات الاميركية حتى استقرار الاوضاع في البلاد. ويلقى مقتدى الصدر تأييد الفئات الشيعية المهمشة اجتماعيا حتى ان مجموعة الازمات الدولية ذكرت في في تقرير لها العام الماضي ان مقتدى quot;بات المتحدث الحقيقي باسم جزء كبير من العراقيين الذين ما يزالون مهمشين حتى بعد سقوط نظام صدام حسينquot;. وكان رجل الدين الشيعي توارى عن الانظار من تشرين الاول (اكتوبر) الى ايار (مايو) الماضيين قبيل بدء خطة فرض القانون في بغداد. ورغم اختفائه اثبت مقتدى الصدر ان بامكانه حشد المؤيدين والتاثير في مجريات العملية السياسية سلبا ام ايجابا.

ويتهم جيش المهدي بالتورط في اعمال عنف طائفية ضد العرب السنة في بغداد خصوصا وفي عمليات خطف وتجاوزات وتعذيب وقتل. وكان تقرير لوزارة الدفاع الاميركية اعلن اواخر العام الماضي ان جيش المهدي هو quot;المجموعة الاكثر تاثيرا سلبيا على الاوضاع الامنية في العراقquot;. وفي الساحة السياسية يشغل التيار الصدري 32 مقعدا من اصل 275 في البرلمان كما يشكل ابرز مكونات الائتلاف الشيعي الموحد (130 نائبا).

واعتراضا منه على التعاون بين السلطة العراقية والقوات الاميركية، اوعز الصدر الى وزرائه الستة بالانسحاب من حكومة نوري المالكي منتصف نيسان (ابريل) الماضي. ويقول مقربون من مقتدى الصدر ان الزعيم الشاب الذي لم يبلغ حتى الان رتبة quot;مجتهدquot;، عنيد. ورفعت صور عملاقة للصدر على جدران الضاحية الشيعية الضخمة لبغداد حيث كانت قوات البعث تفرض النظام بترهيب السكان عندما كان اسمها quot;مدينة صدامquot;. ولكن ما ان سقط نظام صدام حسين حتى حملت هذه الضاحية اسم والد الصدر، آية الله محمد صادق الصدر مؤسس الشيعية السياسية التي تحولت الى تيار بات اسمه quot;التيار الصدريquot;.

وحاول صدام حسين شراء ولاء آية الله محمد صادق الصدر بعد الهزيمة التي مني بها في الكويت والمجازر التي ارتكبها ضد الشيعة اثر انتفاضتهم في جنوب العراق فسعى الى تعزيز حكمه عبر جمع تأييد رجال الدين الا ان محاولاته هذه ذهبت سدى ما دفعه الى اغتيال الصدر مع اثنين من انجاله في 18 شباط (فبراير) عام 1999. وقبل هذا، سبق لصدام ان امر في نيسان (ابريل) 1980 بتصفية عم مقتدى محمد باقر الصدر المفكر الشيعي الكبير واعدامه مع شقيقته بنت الهدى .

ومن هذه السلالة التي اعتادت تقديم التضحيات يستقي مقتدى الصدر قوته على الرغم من صغر سنه. ويشبه الشيعة كثيرا مقتل والد مقتدى الصدر بحدث الاستشهاد الاهم في التاريخ الشيعي الذي حصل قبل اربعة عشر قرنا. وليس من باب الصدفة ان يعمد مقتدى كما فعل والده من قبله الى اتخاذ مسجد الكوفة في جنوب العراق مركزا له. ففي هذا المسجد اغتيل الامام علي في العام 661. ولكن منذ اشهر بدأت سمعة جيش المهدي تهتز بسبب قيام عناصر منه بشن حملات تطهير مذهبي بحق السنة في العراق ودخولهم في معارك دموية مع ميليشيات شيعية منافسة. كما جرى التشكيك بسيطرة مقتدى الصدر على ميليشياه خلال الاشتباكات العنيفة التي دارت الاربعاء في مدينة كربلاء الشيعية المقدسة والتي اسفرت عن اكثر من خمسين قتيلا. ومن اجل المحافظة على ارث عائلته وعدم تعريض مستقبله السياسي للخطر عمد رجل الدين الشاب الى الامساك بزمام الامور بقراره تجميد انشطة جيش المهدي الذي يتزعمه.