وجهت النائب (بهية الحريري) صفعة قوية لبعض المعارضة إن لم يكن كلها الذين احتكروا الحزن واستغلوا استشهاد شقيقها رفيق الحريري أسوأ استغلال وجعلوا استشهاده مطية لمآربهم وأهدافهم الشخصية والفئوية الضيقة. لقد اختصروا لبنان بالطوائف وأهملوا المصلحة القومية العليا للبنان وراهنوا على الخارج بل واستقووا بالعدو التقليدي للبنان وللأمة العربية ورفعوا شعارات ظاهرها حق وباطنها باطل لتغرير الشباب من حولهم.

لقد أعادت السيدة بهية الحريري الأمور إلى نصابها دون التنازل عن المطلب الأساسي الذي يجمع عليها اللبنانيون كل اللبنانيين ألا وهو (معرفة الحقيقة) وتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين . إن معرفة من خطط ومن اغتال الرئيس رفيق الحريري لهو مطلب ليس فقط مطلب اللبنانيين وإنما هو مطلب الشعوب العربية جمعاء بلا استثناء. إن القضية أكبر من لبنان. أصبحت تهم الجميع لأن الآثار المترتبة على هذه الأحداث إنما تنعكس على المنطقة بأسرها.
لقد قطعت السيدة بهية الحريري الطريق على من أراد ويريد الاصطياد في المياه الآسنة التي سببتها سنوات التخبط السياسي في لبنان ليناصب سوريا العداء وفصل المسارين، فقالت عن سوريا :"لن نقول وداعا لسوريا وإنما نقول إلى اللقاء فنحن شركاء والشركاء لا يتحاسبون." هذا يعني أنه لا انفصال عن سوريا في المسار والمصير وأكدت الوقوف مع سوريا حتى تحرير الجولان. فليكف إذن المراهنون على الخارج عن مغامراتهم التي لن تؤدي إلا للفتن والاقتتال الداخلي (لا سمح الله).
لقد كسرت احتكار الحزن من جانب بعض المعارضة الذين وضعوا استشهاد الرئيس الحريري في المزاد السياسي. إن الحزن عم لبنان وغير لبنان على استشهاد الحريري. لقد أحجم الكثير من اللبنانيين عن الذهاب إلى ساحة الشهداء للتعبير عن حزنهم بسبب هذه المعارضة التي رفعت شعارات بغيضة وحاقدة وموتورة اتجاه سوريا واللبنانيين. لقد جعلوا من قضية الاستشهاد قضية مساومة على أهداف شخصية وفئوية مدعومة من أمريكا وإسرائيل.
لقد أخرجت بهية الحريري القسم الأكبر الذين كانوا تحت وطأة الحادث الجلل وانجروا وراء هذا البعض الموتور ممن يسمون المعارضة - وهم في معظمهم الذين أوصلوا لبنان إلى ما هو عليه اليوم. لقد أعادت للحريرية نصاعتها وبعدها العربي والقومي. لقد أكدت على الثوابت الوطنية اللبنانية عندما اعتبرت اتفاق الطائف دستورا يجب تنفيذه ولا يجدي جري البعض وراء اتفاقات وقرارات جديدة مثل قرار 1559. وهي بهذا تؤكد على أن هذا هو ما كان يمثله ويريده رفيق الحريري وهذه هي المسيرة التي رسمها من أجل مستقبل لبنان الكبير. وفي نفس الوقت وضعت آلية لتنفيذ بنود اتفاق الطائف حرفيا. لقد أعلنت عن عزمها تشكيل لجنة متابعة وطنية مهمتها تنفيذ اتفاق الطائف بندا بندا وذلك بالاتفاق مع القوى الوطنية جميعها وخصت بالذكر رئيس مجلس النواب (نبيه بري) والأمين العام لحزب الله (السيد حسن نصرالله) مع الحرص على استمرار مقاومة الاحتلال.
إن إصرارها على تنفيذ اتفاق الطائف كدستور للبلاد سيوقع بعض المعارضة، على الأقل، في حيص بيص. وستتفاقم مشكلتهم أكثر وأكثر عندما يبدأ العمل الجدي في تطبيق الاتفاق وخاصة عندما يصل الأمر إلى بند إلغاء الطائفية السياسية التي تدعو إلى القضاء على الإقطاع السياسي الذي استمرأه البعض ولن يتنازل عن بسهولة. فماذا هم يا ترى فاعلون؟
فكفى بهؤلاء المعارضين مغامرة ومقامرة بمصير لبنان والمنطقة العربية بأسرها! كفاكم استظلالا بالأعلام الأجنبية وبصورة كونداليزا رايس! وفي نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح.

الدكتور سعادة عبدالرحيم خليل