نصر المجالي من لندن: غياب زايد بن سلطان آل نهيان عن الساحة فارسًا عربيًّا وحكيمًا كانت له ردات فعل كثيرة، ومكلومين كثيرين بفقده حيث ترجل عن السرج، ومن أبنائه المخلصين في الحال الإماراتي هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الرجل القوي في دولة الإمارات، وإمارة دبي الناهضة بالتحديد.

وحيث نعي الشيخ زايد احتل موقع الحديث عالميًّا، فضلًا عن تداعياته عربيًّا وإسلاميًّا، إذ للإمارات الدولة والشعب حضور كبير، فإن الشيخ محمد بن راشد وهو من قادة التطور الحضاري رأى أن يقول موقفه الذي يودع به الشيخ زايد.

وفي كلمة له، نشرت اليوم في صحف دولة الإمارات قال الشيخ محمد وهو صاحب القرار من بعد شقيقه الشيخ مكتوم بن راشد الآتي " ما تصورت نفسي يومًا تنعي سيدي ووالدي ومعلمي وقائدي.ما تصورت نفسي تنعي من ملأها بحضوره الساطع حتى تمازجت به وتماهت فباتت بعضًا منه وبات كنهها وصيرورتها.والله لو كان الموت الحق يفتدى لافتديت الشيخ زايد بروحي. ولو كانت السنون تعطى لوهبته سنوات الصبا والشباب وأحلى أيام العمر. يا الله يا رحيم، نقبل بقضائك وقدرك بنفوس راضية مطمئنة، لكننا محزونون، ففراق حبيبنا الأعز يدمي القلوب. يا الله يا حكيم، نقبل بحكمك، لكننا مكلومون بمن اصطفيت لوطننا وكتبت قيامه على يديه، فكان الوفي الأمين"

وأضاف الشيخ محمد، وهو شاعر أيضًا القول "أية كلمات وأية عبارات تكفي للاحاطة بوجعنا وألمنا ومشاعرنا المبعثرة على امتداد عمر عشناه مع زايد وما عرفنا قائدًا سواه، ولا معلمًا في قامته، ولا زعيمًا بصلابته وحكمته وسعة صدره وعلو همته وكبريائه".

وقال "يغيب الشيخ زايد عنا بجسده لكن روحه وذكراه ستبقى أبد الدهر حاضرة تلهمنا وتشد من أزرنا وتدفعنا الى الأمام. يغيب الجسد ويبقى الشيخ زايد حاضرًا في الدولة التي بنى، والشعب الذي كون، والقدوة التي قدم. .. يغيب الجسد ويظل الشيخ زايد حاضرًا في المصانع والمزارع والحدائق والشواطئ. في خطوات أبنائنا الأولى الى مقاعد الدراسة، وحرم الجامعة، ومواقع العمل، وصفحة كتاب الوطن الأولى، ومطلع النشيد وتحية العلم".

وتابع الرجل القوي في دولة الإمارات القول " يا صاحب الظل العالي الممتد من سد مأرب الى جنبات المسجد الأقصى وشواطئ النيل ودجلة والى مدارس وجامعات ومساجد ومصانع في أرجاء عالمنا الاسلامي الفسيح. أينما تلفتنا يا سيدي نراك في مقل شعبك التي زادها الدمع بريقًا فكشفت مخزون محبة لا ينتهي، ومعين وفاء لا ينضب". واستطرد قائلا "وأينما تلفتنا، نسمع صوتك المحبب للنفس وكلماتك النابضة بروح الحكمة والحب والنصيحة والارشاد والهداية. بك يا سيدي شمخت نفوسنا، وعلت هممنا، ورفعت الامارات رأسها بين الدول".

والشاعر الأمير قال في النعي " كيف لا نشمخ وانت العربي الصافي العروبة، والمسلم الصادق الاسلام، والزعيم الذي ورث المناقب كلها واضاف اليها، والسياسي الذي ربط السياسة بالمبادئ والاخلاق وسار بها فكرًا وسلوكًا في قومه وامته. كيف لا نشمخ بك، وانت تسري في كل شيء جميل في حياتنا مسرى الدم في العروق؟".

وأضاف الشيخ محمد القول "كيف لا نشمخ بك وقد قدت سفينة الوطن وسط بحور متلاطمة وانواء عاصفة، فكانت صلابتك ورؤاك طريق النجاة الى بر الامان؟ تغيب يا والدي عن العيون لكنك حاضر في اكثر زوايا الفؤاد دفئًا وخفقًا وحميمية، سيرة نبيلة تسري في عروق التاريخ والوطن، سيرة أحرفها انجازاتك وخلقك ومواقفك ومناقبك وسجاياك التي عرفها القاصي والداني. "ما أحب الناس عبدًا إلا احبه الله .. واشهد أنك فزت بحب شعبك وامتك العربية والاسلامية كما لم يفز قائد سواك .. نم يا سيدي قرير العين.

وتابع ولي عهد إمارة دبي القول "عزاؤنا أنك باق فينا وممتد في ابنائك البررة وشعبك المحب. عزاؤنا في ميراث المروءات الشيخ خليفة واخوانه. عزاؤنا أنك اسست لعطاء يستمر عملًا صالحًا مصداقًا لحديث رسولنا صلى الله عليه وسلم. فعمل ابن آدم ينقطع بموته إلا من ثلاث: الصدقة الجارية، والعلم الذي ينتفع به، والابن الصالح الذي يدعو له، وانت أيها الراحل الكبير أوفيت الثلاث وأكثر. نعاهدك يا سيدي أن نكون دائمًا كما اردتنا، أسرة متماسكة متحابة".

وفي الأخير، تعهد الشيخ محمد للراحل الإماراتي الكبير بالعمل في عطاء مستمر " ، وقال "نعطي من دون حدود، وننحاز للحق، نلفظ الظلم، ونسعى في هذه الارض لما فيه خير الوطن والمواطنين، وتقدم الامة ورفعتها. لله ما اعطى ولله ما اخذ، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وإننا بقضاء الله راضون، ولما اصابنا محتسبون، ولا نقول إلا ما يرضي الله عز وجل «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون». صدق الله العظيم".