سمر عبد الملك من بيروت: يحاول مسؤولون فلسطينيون البحث عن الحسابات المصرفية التي قد يصل مجموعها الى ملايين الدولارات، والمرتبطة بمنظمة التحرير الفلسطينية والموزعة في جميع أنحاء العالم. في هذا الإطار، نشرت صحيفة "الأوبزيرفر" البريطانية في عددها اليوم ان السلطة الفلسطينية إستأجرت محققين أميركيين في إطار البحث عن حسابات مصرفية تابعة للمئات من أصحاب المناصب الفلسطينيين، وكذلك أملاك تابعة للسلطة الفلسطينية اختفت خلال السنين الماضية.

ويأمل المسؤولون الفلسطينيون في تحديد أماكن توزيع هذه الحسابات المصرفية التي تخص بعض المسؤولين المتهمين بالفساد في السلطة الفلسطينية. وكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وبصفته رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، من بين القلة الذين يعرفون بأماكن توزع تلك الاستثمارات والمؤسسات والأراضي بالاضافة الى الأسهم في بعض الشركات المهمة وكذلك الأموال التابعة للمنظمة. ومن المحتمل ان تتطور قضية الأموال غير المحددة والتابعة لمنظمة التحرير لتطغى على ما تثيره مسألة ثروة عرفات الشخصية المزعومة من تساؤولات أيضا.

يذكر ان صحيفة الرأي العام الكويتية أوردت في مقال نشرته يوم الجمعة الماضي أن محمد رشيد المعروف باسم خالد سلام وهو من أصل عراقي كردي عمل مع المقاومة الفلسطينية ومع أبو جهاد تحديدًا فترة طويلة، واهتم مؤخرا بإدارة أموال عرفات وتوظيفها. وقالت الصحيفة إنه يصعب القول إن أبو عمار يملك ثروة، خصوصا بعد رفضه اتخاذ موقف ضد صدام حسين، الأمر الذي دفع بالادارة الأميركية الى "تجفيف موارده". ونفى رشيد الأسبوع الماضي وجود حسابات شخصية باسم ياسر عرفات في العالم.

وأفادت الـ"أوبزرفر" ان ابو علاء وأبو مازن هما الوحيدان بعد وفاة عرفات اللذان يملكان بعض المعلومات غير الكاملة حول الدول التي توزعت فيها هذه الأموال. و هذه الأموال جمعتها منظمة التحرير الفلسطينية من مساعدات كانت تتلقاها من الأنظمة العربية خلال عقود مضت ولازالت مستمرة مع استمرار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وكانت المنظمة توظف تلك الأموال في أغلب الأحيان في استثمارات بالأسهم أو في شراء أراض في أنحاء مختلفة من العالم. وتحت إدارة خارجية، جمعت المنظمة المساعدات من جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى وصولا إلى بنغلادش.

وما يزيد من الغموض في ما يخص تلك الأموال لجوء بعض الانظمة العربية الى الاستيلاء عليها بعد ان غضبت من مباركة عرفات لغزو الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين للكويت عام 1990. وتمكن المحققون الأميركيون الذين عينتهم السلطة الفلسطينية من كشف بعض الأموال التي لم يبلغ عنها سابقًا والموظفة في الولايات المتحدة وجزر الكيمان.

ويشير بعض المحللين إلى أن منظمة التحرير تسعى الى الاحتفاظ بحصص في سلسلة من الشركات الشرق أوسطية تساوي مبالغ كبيرة، بالإضافة الى أراض تم شراؤها بأموال المساعدات في مالي وتشاد وجنوب أفريقيا وباكستان، تلك الدول التي ترغب بعض حكوماتها في أن تؤسس منظمة التحرير اعتمادات إسلامية فيها، الأمر الذي يزيد من تأثيرها في ما يخص قضية الشرق الأوسط.

وقال مسؤول سابق في السلطة الفلسطينية إن حجم الأموال والاستثمارات الفلسطينية في الخارج غير محدد على الاطلاق، مضيفا أن "البعض يقول إن المبالغ تصل الى مليارات الدولارات والبعض يعطي رقما أصغر والبعض يقول إنها لا تساوي شيئًا". وأضاف المسؤول الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته "عرفات كان أكثر من يعرف بهذه المبالغ والأماكن الموزعة فيها، ومع ذلك، فهو لم يكن على اطلاع على التفاصيل".

وخضعت منظمة التحرير الفلسطينية في مطلع التسعينات الى قيود مالية واسعة. ويقول خبراء إنه خلال السنوات التي ترأس فيها عرفات منظمة التحرير الفلسطينية، كانت المعونات الخارجية تحول الى حسابات مصرفية باسمه. ويشير آخرون في هذا الصدد إلى تسلم عرفات مبالغ طائلة بصفته رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية تتراوح قيمتها السنوية ما بين 40 و70 مليون دولار.