"إيلاف" من الخرطوم: شرعت الحكومة السودانية في حملة تعبئة والدفع بمجندين جدد لمعسكرات التدريب مع تصاعد الحديث عن احتمال تدخل عسكري غربي في إقليم دارفور الذي تمزقه الحرب الأهلية. وفي غضون ذلك خففت الولايات المتحدة وفرنسا من لهجة التلويح بالتدخل العسكري في وقت يدرس فيه مجلس الأمن قراراً يقضي بفرض عقوبات على حكومة الخرطوم في حالة فشلها نزع مليشيات الجنجويد العربية في دارفور.
وقالت مصادر في الخرطوم إن بعض الدول خاصة بريطانيا وألمانيا "سربت" مجموعة من العسكريين بين هيئات الإغاثة تمهيداً ربما لتدخل عسكري، مشيرة إلى أن الاهتمام الغربي المتزايد مرده بالدرجة الأولى إلى احتياطي نفطي مهول في إقليم دارفور شبه الصحراوي. من جانب أخر كشفت المصادر عن تورط بعض المنظمات الأجنبية العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية بدارفور في تحريض النازحين بمعسكراتهم على عدم العودة لمناطقهم مقابل توفير الطعام لهم في معسكرات "أبوشوك" و"كتم" و"كبكابية" . وقالت المصادر إن هذه المنظمات استهدفت حملة الشهادة السودانية (الثانوية العامة) واستخرجت شهادات نزوح لنقلهم من الخرطوم إلى دول أميركا و كندا واستراليا.
وفي غضون ذلك واصلت إسرائيل "حشر أنفها" في الصراع إذ أعلن "متحف الهولوكوست" (محرقة اليهود) في واشنطن أنه سينظم ابتداء من الثاني من آب (أغسطس) معرضاً للوضع في دارفور الذي كان اعتبره المتحف الاثنين الماضي "عملية ابادة" وأعلنت إدارة المتحف في بيان إن "على الولايات المتحدة والأمم المتحدة والدول الأخرى التحرك الآن لمنع استمرار هذه الابادة ومعاقبة المسؤولين عنها" على حد تعبيرهم.
ونقلت مصادر صحافية من الخرطوم قولها إن نحو مائتى متمرد في دارفور لقوا مصرعهم وأصيب العشرات بجروح اثر اندلاع معارك طاحنة داخل صفوف حركة تحرير السودان بمنطقة جبل مرة.
وقالت مصادر بولاية جنوب دارفور إن المعارك اندلعت داخل احد معسكرات المتمردين في منطقة "عدوة" بجبل مرة اثر خلاف نشب بين القائد يحيى حسين نيل والمقرب من منى اركوى مناوى قائد حركة تحرير السودان قطاع دارفور و"على بيدي" القيادي بحركة العدل والمساواة سابقاً الذي أصيب إصابات بالغة في القتال والذي يعتبر الساعد الأيمن لعبد الواحد محمد نور قائد حركة العدل والمساواة السابق الذى انضم لحركة تحرير السودان.
وفي غضون ذلك قال وزير الخارجية الاميركي كولن باول أمس انه من السابق لأوانه مناقشة تدخل عسكري في اقليم دارفور بعد ان قال قائد عسكري بريطاني إن بلاده يمكن أن تقدم 5000 جندي إذا دعت الضرورة.
وقال باول للصحفيين على طائرته في طريقه من بودابست إلى القاهرة "بعض الدول ذهبت إلى مدى ابعد وبدأت تتحدث عن عمل ذي طبيعة عسكرية ولكني اعتقد أن هذا سابق للأوان.
ومنذ الجمعة الماضي، صعدت العواصم الغربية ضغوطها على الخرطوم واثارت امكانية التدخل العسكري لمواجهة الوضع الانساني في دارفور، وأعلنت الحكومة السودانية حالة التعبئة السياسية والاستراتيجية العامة في كافة أجهزتها الحكومية وتعهدت أن تقاوم بشدة أية خطط لإرسال قوات دولية إلى دارفور، طبقا لما صرح به مجذوب الخليفة وزير الزراعة السوداني والذي يعتبر من أبرز قادة النظام.
وقال مجذوب الخليفة رئيس وفد المفاوضات مع متمردي دارفور إن "الحكومة ستشرع منذ الآن في تقوية خطابها السياسي الرافض لأي تدخل خارجي وإبلاغ المجتمع الدولي برفض التدخل في شؤون دارفور".وقال إن "الحكومة ستقابل أي جندي أجنبي يطأ ارض السودان بما يناسبه" مؤكدا أن الحكومة ستشرع "في تعبئة سياسية وستعقد لقاءات مع قيادات القوى السياسية والمتحالفة والمعارضة لتوحيد الجبهة الداخلية" و أضاف إن الحكومة "ستتخذ في سبيل ذلك عدة قرارات من بينها إطلاق سراح المعتقلين ودعوتهم للحوار" ولم يستبعد الخليفة أن تتحاور الحكومة مع المعارض حسن الترابي، وأضاف الخليفة "ان من مظاهر التعبئة السياسية تنظيم مسيرات وتظاهرات احتجاج"
وعلى ارض الواقع قال مراقبون تابعون للاتحاد الأفريقي إن عناصر من ميليشيا الجنجويد، التي يعتقد أنها تلقى دعم الحكومة السودانية، أوثقت مدنيين في إحدى قرى المنطقة وأحرقتهم أحياء أثناء غارة نفذتها في وقت سابق من الشهر الجاري.
وقال تقرير لمراقبي وقف إطلاق النار الذين أرسلهم الاتحاد الأفريقي إن عناصر الجنجويد اقتحموا قرية" سوليا" ونهبوا سوقها ثم أضرموا النار فيه وقيدوا مدنيين وأشعلوا النار في بعضهم وهم على قيد الحياة.