أحمد عبدالعزيز من موسكو: في الثامنة من صباح اليوم فتحت مراكز الاقتراع أبوابها للناخبين في قيرغيزيا للإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية. وقررت اللجنة المركزية للانتخابات قبيل بدء التصويت في الجولة الثانية تأجيل التصويت في دائرة نارينسك رقم 33 إلى يوم 20 آذار (مارس) الجاري. وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات سليمان إيمانبايف بأن التأجيل مرتبط بإصدار حكم قضائي بشأن إلغاء ترشيح إيشينباي قاديربيكوف بهذه الدائرة.

ويتنافس اليوم مرشحو البرلمان القيرغيزي في 41 دائرة انتخابية. وسيفوز المرشح الحاصل على أكثر الأصوات بعضوية البرلمان، ويدور الصراع في كل دائرة بين مرشحين اثنين فقط. وأجمع المراقبون على أن الجولة لأولى أسفرت عن نجاح 31 مرشحًا (حصل كل منهم على أكثر من 50% من أصوات دائرته)، بينهم 30 من الموالينللسلطة الحالية في بشكيك. وأشارت المعطيات أيضا إلى أن الجولة الأولى لم تسفر عن نجاح أي من السيدات المرشحات لعضوية البرلمان. وستتنافس فقط 3 سيدات في الجولة الثانية، بينهن ابنة الرئيس القيرغيزي بيرميت أكايفا التي لم تتمكن من اجتياز نسبة الـ 50% في الجولة الأولى، وحصلت فقط على نسبة 46%، بينما فاز أخوها حيدر أكايف بالجولة الأولى.
ويدلى اليوم مليون و560 ألف مواطن قيرغيزي بأصواتهم، وتعتبر انتخابات الجولة الثانية قانونية، وفق دستور قيرغيزيا، في حال إدلاء أي عدد من الناخبين بأصواته.
وكانت وزارة الخارجية القيرغيزية وجهت مذكرة احتجاج للسفارة الأمريكية في بشكيك اعتبرت فيه تصريحات السفير الأمريكي ستيفن يانج تدخلا في الشئون الداخلية للبلاد. ورأت المذكرة أن التصريحات التي أدلى بها يانج لإحدى الصحف القيرغيزية "غير مسموح بها من جانب رئيس بعثة دبلوماسية صديقة بحق الدولة التي يتواجد بها". وفي وقت سابق وجهت الخارجية القيرغيزية إنذارا شفهيا للسفير الأمريكي نصحته فيه بالحذر أثناء الإدلاء بتصريحات تخص الشأن الداخلي في البلاد عموما، وتتعلق بالانتخابات البرلمانية الجارية في قيرغيزيا.
وعلى الرغم من التحذير الرسمي، صرح السفير الأمريكي في بشكيك لصحيفة (ليمون) القيرغيزية، عشية بدء الجولة الأولى من الانتخابات، بأنه من الممكن أن تكون هناك عمليات تزوير في الانتخابات يمكن أن تؤثر على صورة قيرغيزيا في الساحة الدولية. وأعربت وزارة الخارجية القيرغيزية عن دهشتها من تلك التصريحات التي سبقت إجراء الانتخابات، مشيرة إلى "عبثية مثل هذه التكهنات" على مستقبل ليس فقط علاقات قيرغيزيا مع الدولة التي يمثلها السفير، بل وأيضا على العلاقات مع دول العالم الأخرى. كما أعربت عن أملها في مذكرة الاحتجاج بأن يلتزم السفير الأمريكي في بشكيك بالمعايير المتفق عليها دوليا وبالتقاليد الدبلوماسية المنصوص عليها في القانون الدولي.
من جهة أخرى بذلت العديد من القوى والتوجهات المحلية والإقليمية جهودا لترويج إمكانية وقوع ثورة وصفتها بثورة (الليمون)، على غرار ما جرى في جورجيا (ثورة الورود) وأوكرانيا (ثورة البرتقال)، أثناء الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2160 دائرة انتخابية. وشارك فيها 2 مليون و613 ألف ناخب. وتنافس فيها 380 مرشحا على 75 مقعدا في البرلمان.
وأظهرت نتائج الجولة الأولى بأن حيدر نجل الرئيس القيرغيزي الحالي أسكار أكايف وابنته تقدما على منافسيهما بفارق كبير. ومن ثم سيصبح حيدر أكايف، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية حاليا، نائبا دون المشاركة في الجولة الثانية للانتخابات. كما تمكنت ابنة الرئيس أكايف، بيرميت أكايفا رئيسة صندوق آغا خان في آسيا الوسطى، من الحصول على 46% من الأصوات. كما تأهل إلى الجولة الثانية أيضا أحد كبار المعارضين، المرشحين الحقيقيين لمنصب الرئيس في الانتخابات التي ستجري في البلاد في أكتوبر من العام الحالي، رئيس الوزراء السابق كورمان بيك باقييف.
وأفادت المعطيات بأن سكان قيرغيزيا في جميع مناطق البلاد أيدوا عمليا حزب السلطة في الانتخابات البرلمانية. وحصل حزب "الوحدة (ألجا قيرغيزستان)، الذي شارك بـ 25 مرشحا، على أصوات الناخبين في 22 من أصل 75 دائرة انتخابية. علما بأن ممثلي الحزب حصلوا في 8 دوائر على أكثر من نصف الأصوات، وبالتالي أصبحوا تلقائيا نوابا للهيئة التشريعية. وتعين على البقية الاشتراك في الجولة الثانية للانتخابات التي بدأت اليوم الأحد. إضافة إلى ذلك فشل الحزبان الشيوعيان في التأهل للجولة الثانية، إذ لم يتمكن إلا اثنين فقط من المرشحين السبعة للحزبين الشيوعيين (حزب شيوعيي قيرغيزستان والحزب الشيوعي) من الحصول على النصاب القانوني.
وجاء في بيان بعثة مراقبي رابطة الدول المستقلة أن الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الأحد 27 شباط (فبراير) الماضي في قيرغيزيا كانت شرعية وحرة وشفافة. وقال في الوقت نفسه "إن مراقبي الرابطة أشاروا إلى حدوث عدد من المخالفات خلال الاقتراع إلا أنه لم يكن بإمكانها التأثير على نتائج الانتخابات. وتم ختم بعض صناديق الاقتراع خلافا للقواعد المحددة وأدى وضع علامة على أيادي الناخبين إلى المماطلة في الاقتراع وحدثت مشاكل بالنسبة لقوائم الناخبين. وأزيل العديد من هذه المخالفات على الفور". وزار مراقبو الرابطة 1277 مركزا انتخابيا في 71 دائرة انتخابية من أصل 75. وضمت البعثة وفودا رسمية من أذربيجان وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان.
وفي ظل تفاقم الأوضاع عقب انتهاء الانتخابات البرلمانية في قيرغيزيا، وتوقعات المراقبين بوقوع ثورة جديدة على الطرازين الأوكراني والجورجي، أطلقوا عليها "ثورة الليمون"، أكد رئيس الوزراء القيرغيزي نيقولاي تانايف بأن الحكومة لن تسمح بزعزعة استقرار الوضع في البلاد. وأضاف بأن "السلطة ستواصل التزامها الصارم بالقانون، ولكنها لن تسمح بقلقلة الوضع في البلاد". وأعلن أن القيادة القيرغيزية اتخذت موقف الترقب تجاه المشاركين في المظاهرات التي جرت في مركز مقاطعة جلال أباد دعما للمرشحين اللذين لم يتمكنا من الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية.
وأضاف في تعليقه على استيلاء المتظاهرين على مبنى إدارة مقاطعة جلال أباد بأن "السلطات أجرت حوارا مع المرشحين اللذين يقوم أنصارهما بالاستيلاء على مقرات أجهزة السلطة. فليجلسوا فيها يوم، يومين، أسبوع، سنتحمل وأن بقوا فيها لمدة شهر، ولكننا لن نسمح بأن تخرج الأحداث عن نطاق السيطرة". كما صرح رئيس الحكومة القيرغيزية بأن أجهزة السلطة تقوم بتسجيل كل ما يحدث من ضرر اقتصادي ومعنوي حيث سيتم تقديم الأشخاص المسؤولين عن تلك الأحداث إلى المساءلة القانونية.
وكان حوالي 3 آلاف شخص تجمعوا عقب إعلان نتائج الجولة الأولى في مظاهرة في الساحة المقابلة لمقر إدارة مقاطعة جلال أباد، في حين قام 200 متظاهر باقتحام البناية والاستيلاء عليها بشكل كامل. وطالب المتظاهرون باستقالة السلطات موجهين إليها الاتهامات بعمليات تزوير أثناء الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية.
ونفت مصادر حكومية الأنباء التي ترددت حول قيام المتظاهرين بخطف رئيس المقاطعة شاريبوف كرهينة، وتم إطلاق سراحه. وأكدت السلطات الرسمية أن عدد المتظاهرين يقارب الألف، وأن إدارة المقاطعة تعمل بصورة طبيعية.
ومن جانبه صرح نائب رئيس ديوان الرئاسة القيرغيزي بولوت جانوزاكوف بأن الأجهزة الأمنية في قيرغيزيا تسيطر بشكل كامل على الوضع في جنوب البلاد. وذكر أن الوضع مازال طبيعيا ومسيطرا عليه في مدينة جلال أباد التي شهدت مظاهرة لأنصار المرشحين دوشين تشوتونوف وجوسوفبيك باكيف اللذين لم يتمكنا من الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية.