أسامة مهدي من لندن: بعد ساعات من الاعلان في لندن ان القوات البريطانية باقية في العراق حتى العام المقبل اكد مسؤولون عسكريون اميركيون اليوم ان قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال جورج كاسي سيبدا في إعطاء الأوامر في غضون أسابيع لعشرات الآلاف من الجنود الأميركيين بالعودة إلى بلادهم اعتبارا من الصيف المقبل.

ومن المتوقّع أن يتخّذ الرئيس الأميركي جورج بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد قرارا بهذا الشأن وفقا لتطورات الوضع الأمني ومستوى العنف وقدرة قوات الأمن العراقية كما ابلغ
مسؤولون في البنتاغون سبكة "سي ان ان" الاميركية، وقالوا إنّه لن يتمّ اتخاذ هذا القرار إلا في حالة استمرار تحسّن الوضع الأمني. واشاروا الى انه من الممكن أن يكون عدد القوات الأمريكيين في العراق، في مثل هذا الوقت من العام القادم، أقلّ من 100 ألف أي أقلّ بنحو 50 ألفا من عدد القوات الموجودة أثناء إقامة الانتخابات في العراق مؤخرا.

وسيكون ما بين 10 إلى 20 ألف جندي تابع للقواعد الأمريكية في كلّ من الولايات المتحدة وأوروبا والمحيط الهادئ في حالة استعداد عند الحاجة لذلك حيث بات رامسفيلد على قناعة بأنّ حكومات دول التحالف الـ27 تعيش تحت وطأة ضغوط قوية بشأن استمرار بقاء قواتها في بلد يهزّه العنف.

وتضغط الولايات المتحدة على هذه الدول من أجل الإبقاء على قواتها وهو ما سيجعل من اليسير لواشنطن أن تعيد بعضا من قواتها حيث تجريّ محادثات الآن لحمل أوكرانيا على الإبقاء على جنودها الـ1600 في العراق حتى نهاية العام.

أما هولندا فستبدأ في سحب قواتها التي تعدّ 1400 جندي هذا الشهر فيما تخطط كوريا الجنوبية لإعادة 3600 جندي تابع لها إلى بلادهم مع نهاية العام وهو نفس ما تخطّط له بولندا التي نشرت 1700 من جنودها في العراق وكذلك نفس الأمر بالنسبة إلى الجنود البلغار الـ450. والمتوقع أن تبقي إيطاليا حيث تعيش حكومة برلسكوني ضغطا قويا على جنودها الـ3000 بعد أن أعلنت أنّها تنوي سحبهم في ايلول (سبتمبر) المقبل كما شهد التحالف تناقصا مع عودة جنود 12 دولة منه إلى بلدانهم.

وفي وقت سابق اليوم قالت لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني في تقرير لها إن الامر سيتطلب على الارجح بقاء القوات البريطانية في العراق حتى عام 2006 على أقل تقدير مشيرة إلى انه كانت هناك سلسلة من "الاخطاء والاحكام الخاطئة" للوضع هناك في فترة ما بعد الحرب.

واتهم التقرير لندن وواشنطن بالفشل في وضع التخطيط المناسب لمواجهة المسلحين بعد الحرب وسلط الضوء مجددا على حرب العراق قبل أسابيع من انتخابات متوقعة في بريطانيا في مايو آيار قد يكون لموضوع العراق فيها أثر حاسم على مستقبل رئيس الوزراء توني بلير.

وبلير في طريقه للفوز في الانتخابات لكن غضب الناخبين من الحرب قد يقوض أغلبيته الضخمة بالبرلمان. ويواجه بلير ضغوطا من الرأي العام وأعضاء حزب العمال الذي ينتمي إليه لتحديد موعد لاعادة القوات البريطانية إلى الوطن لكنه رفض هذا قائلا إن الجنود البريطانيين سيبقون حتي تصبح القوات العراقية قادرة على مباشرة الأوضاع الأمنية.

وقالت لجنة الدفاع في تقريرها "في ضوء حالة التمرد وأوضاع قوات الامن العراقية... يبدو من المرجح أن تبقى القوات البريطانية في العراق باعداد مماثلة تقريبا للقوات المنتشرة حاليا حتي عام 2006 ."

ولبريطانيا ثاني أكبر قوة عسكرية في العراق إذ يبلغ عدد جنودها هناك نحو 8600 جندي. وللولايات المتحدة نحو 150 ألف جندي.

وقال التقرير إن التقدم الذي تحقق في العراق في مجالات كثيرة كان "رائعا" لكنه استدرك بقوله إن لندن وواشنطن لم تقدرا جيدا أثر المسلحين بالعراق واهملتا الحدود مع سوريا وإيران مما سهل من تدفق المقاتلين الاجانب على البلاد.

وقالت اللجنة "لم يضع الائتلاف تخطيطا كافيا لمواجهة أي تمرد بعد الحرب."والتقرير بمثابة سلاح جديد لمعارضي بلير الذين يقولون إن قصر نظر لندن وواشنطن عرض حياة الجنود والمدنيين بالعراق للخطر.

وفي رد على التقرير قالت متحدثة باسم بلير إن مستويات القوات تخضع لمراجعة مستمرة. وأضافت "أوضحنا أن مستوى قواتنا سيظل على ما هو عليه إلى أن تضطلع القوات العراقية كما نأمل بمهامها."