دعا إلى العودة إلى جذور الأصالة الكويتية
سياسي كويتي لـquot;إيلافquot;: أحداث مجلس الأمة قلة أدب
سيف الصانع من دبي:
تشهد الكويت هذه الأيام انتقادات لاذعة بين النخب السياسية على خلفية الحرب الكلامية التي وقعت في مجلس الأمة الثلاثاء الماضي، واستخدمت خلالها مفردات (أكل خرا وقنادر وتخسي).
ويتحدث سياسي كويتي لـ quot;إيلافquot; على تلك الأحداث قائلاً إن مآسي الأسبوع المنصرم في الكويت التي أهداها المجلس الأمي (يقصد مجلس الأمة) للشعب الكويتي،أساءت إلى الكويت وإلى التجربة الديمقراطية برمتها، ويضيف: quot;بل أساءت إلى كرامة الشعب وسمعته بسبب المصالح الشخصية الضيقة، وأصبحنا فرجة لكل من يريد أن يشمت بناquot;. وقال السياسي إن هذه الحرية التي يتمتع بها النواب لا ينقصها إلا التفعيل، لأن لا حرية في المطلق بل تعبير لا يكتمل معناه إلا إذا ألحق به ما يفيد بأنه وسيلة يرافقها تحديد الهدف،أي حرية ؟ من أجل ماذا؟ وبمقدار ما تربط الحرية بهدف تكريم الوطن والمواطن، بمقدار ما تتجلى ايجابياتها وسمو غاياتها لأن الوطنية تمثل أسمى القيم لما يرافقها من نبل هدف.
ويستطرد السياسي في حديثه: الوطن ndash; الدولة أرض وشعب وسيادة وحكومة . الأرض والشعب ثابتان مستمران، ولو حصلأي تغيير وتطوير، لأن التطور والتغيير في طبيعة ديناميكية المجتمع ودليل حيوية واستمرار وثبات. لافتًا إلى أن الأرض والشعب يتمحوران ببطء أو بسرعة حول نفسيهما لأنهما يشكلان المحور المتلازم حيث أسس الكيان، فالأرض دون شعب تمثل الفراغ، والشعب دون أرض يمثل الضياع .
وكلما كان التلاحم بين الأرض والشعب قويًا متينًا، توفرت أسس الدولة القوية.
فالشعب السيد في أرضه وعلى أرضه يحتاج إلى مؤسسة ترعى عمليًا هذه السيادة. ويضيف: quot;هذه المؤسسة لا يمكن أن تكون إلا مؤسسة الدولة ذات الأداة التي تدعى الحكومة وكل أداة تحتاج إلى قواعد تشغيل وتدبير وتنظيم أمورهاquot;.
وقال السياسي الكويتي في معرض تعليقاته على أسلوب الحوار الذي بلغه مجلس الأمة الكويتي،إن تنظيم الدولة يشمل المجتمع بكامل مكوناته المدنية والروحية والمادية ومن ضمنه مؤسسات الدولة القانونية أو ما يعرف بالمؤسسات القانونية التي يخلقها ويحددها القانون الأساسي الذي يدعى الدستور. ويستطرد: quot;وإذا شئنا أن نتوسع في التوصيف والتصنيف يمكن لنا أن نقولإن السلطة التشريعية بما تسنه من قوانين وما تمارسه من رقابة إلى جانب السلطة الإجرائية تنتميان إلى الدولة بصفتهما أداة الحكم فيها، بينما في النظام الديمقراطي، العمليات الانتخابية تزود الحكم بإسم الدولة بمن يقوم بها مما يجعل من الانتخاب مهمة أبعد من الحكم لأنها تضع أسس الحكم، لذا فإنها أبعد من الحكم لأنها تمثل الحصن الأخير من حصون الدولةquot; ، متسائلاً:إذًا ما قيمة الدولة إذا لم توفر لمواطنيها أكثر الأمور بداهة وهي الحياة والعدالة. ولا يمكن للعدالة أن تتوفر إلا في ظل المساواة والحرية بعد توفير الأمن؟
ويتابع: فالدستور يوضع لتأمين الضوابط الضرورية التي تحدد العلاقة بين السلطات لتأمين الهدف الأساسي للدولة والذي هو تحقيق المصلحة العليا للوطنأي رغبات الشعب، وبصرف النظر عن جحوده أو مرونته هو التعبير الحي عن إرادة الشعب، وفي نظامنا السياسي يعبر عن هذه الإرادة بوسيلتين: مبايعة الشعب لسمو أمير البلاد الذي ينتمي إلى أسرة حددها الدستور وقانون أساسي آخر هو قانون توارث الإمارة.
والوسيلة الأخرى هي الانتخابات الدورية التي يفوض الشعب (أي الأكثرية ) عن طريقها لأعضاء مجلس الأمة أمر التشريع وحسن التنفيذ لتأتي السياسة العامة ملبية لرغبات الشعب.
ويستطرد السياسي الكويتي: quot;يمكننا أن نقولإن الدستور الذي وجد استجابة للرغبة الشعبية نص في الوقت ذاته على وجود مؤسستين لتقرير وتنفيذ السياسة العامة بما فيهما وبينهما من ضوابط وروادع ورقابات وموانع ، تاركًا لقمة هرم السلطاتأي صاحب السمو امير البلاد ولقاعدة الهرم أي الشعب أمر الحكم عمّا إذا كانت السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية تقومان بواجباتهما حسبما ينص الدستور. مؤكدًا أن صاحب السمو أمير البلاد هو صمام الأمان دستوريًا وقانونيًا وأخلاقيًا ومسؤوليته ذاتيه. ولسنا بحاجة إلى ذكر ما يعطيه الدستور من صلاحيات، ومن حسن حظ الكويت أن يكون سموه بمن هو أكثر خبرة وكفاءة ومعرفةًبالكويت، أحوالها وطاقاتها وتعقيداتهاquot;.
إلى أين يقودنا السياسيون؟
وقال: quot;إن صاحب السمو أميرنا وقائدنا، أبى منذ تسلم الإمارة على ترك عجلة السياسة تسير ذاتها تلقائيًا دون التعرض للمبادئ العامة التي تقوم عليها السياسة الكويتية من حرية واحترام للقوانين والدستور والأعراف، لافتًا إلى اننا كمواطنين إذ نقدر له هذا الإحترام لممارسي العمل السياسي، يجب نعود لأنفسنا متسائلين الى أين يقودنا السياسيون في الكويت، وما هي ردات الفعل داخلاً وخارجًا، وكيف سيؤثر كل ذلك على سمعتنا وعلاقاتنا ومصالحنا؟
ويؤكد السياسي الكويتيأن ما كتب وقيل في الندوات والديوانيات حول الدرك الذي حمله الخطاب السياسي في البلاد يندي له الجبين. وكانت معظم افتتاحيات الصحف تنعي مستوى العمل السياسي والذي كان ناقصًا بصورة تثير القلق، وهو غياب أو تغيب الرقابة الشعبية ومنظمات المجتمع المدني. إذ في النظام الديمقراطي العنصر الفعال في رفع شأن العمل السياسي، وتحفيز ممثلي الشعب هو الشعب نفسه، الناخب وصاحب السيادة الذي يدرك دوره في العملية الانتخابية وبالتالي في تفعيل الديمقراطية. ويتابع أن النظام الديمقراطي يقوم على مجموعة من الدوائر داخل بعضها البعض ، الدائرة الخارجية الأوسع هي الشعب، وكلما أدرك هذا الشعب حقوقه وواجباته ومدى قوته كلما كانت الدائرة الثانية داخل الدائرة الكبرى هذه واعية لرسالتها وواجباتها في التشريع والرقابة، مما يجعل من الدائرة الثالثة في الوسط سلطة تنفيذية تسهر على الوطن والمواطن مؤمنه له إدارة سليمة نزيهة كفؤة تدير شؤونه كما يريد لها أن تكون.
ويستطرد: quot;فالحكومة إذا قصرت فمجلس الأمة لها بالمرصاد، أما إذا قصر مجلس الأمة كما رأينا في هذه الايام السيئة فالمسؤولية تقع على عاتق الشعب. فهل الشعب الكويتي وجامعاته وجمعياته وقياداته المحلية وإعلاميوه والغيارى على مصلحة الوطن يدركون حقيقة دورهم؟
وشدد على أن النظام الديمقراطي لا يقوم فقط على حرية الانتقاد بل على حكمة اختيار الحلول وإيصالها لمكانها ومستواها البديهي، مشيرًا الى إن مجلس الأمة ليس ساحة صراع عقائدي وسياسي لإعلاء شأن هذا الفريق أو ذاك بل ساحة صراع تتنافس فيه الجماعات والافراد والعقائد السياسية لتقديم الخدمة الجلية للوطن والمواطن. إن التحقيقات والاستجوابات وتوجيه اللوم والنقد يجب أن تبقى جميعها فوق الحزازات والأحقاد، لأن عضو مجلس الأمة لا يمثل نفسه ومصالحه واهوائه بل الشعب الكويتي النبيل الذي يريد من ممثليه ان يعكسوا صورته كشعب كريم خلوق يحترم نفسه ووطنه والقيم التي يقوم عليها هذا الوطن.
تفاهات وقلة أدب
وقال: لا بد لكل مواطن عاقل من أن يتساءل : quot;هل ماجرى في مجلس الأمة من تفاهات وبذاءة وقلة أدب، كما قالت بعض الصحف يليق بالشعب الكويتي والمركز اللائق الذي بلغه خليجيًا وعربيًا واسلاميًا ودوليًا، أم أنه يؤكد عدم احترام المنتخب للناخب؟!quot;. ويتابع: quot;إننا مطالبون كمواطنين في هذا العصر الحافل بمختلف درجات وانواع المعرفة المنتشرة بين الشعوب، إننا ندرك بأن الديمقراطية ليست فقط متمثلة بوضع ورقة في صندوق الإقتراع بل بالمغازي والقيم التي تهدف هذه الورقة للتوصل إليها.
اليمقراطية أولاً وقبل كل شئ إيمان بحرية الاختيار وبالتحلي بالوعي لحسن الاختيار والحكمة التي هي ضالة المؤمن لربط عملية الاختيار بحق المساواة والاحتكام بالقيم، وقال إن توجيه النقد لمن أساء إلى أمانة الأمة في مجلس الامة قولاً أو موقفًا أو عملاً، يجب أن يكون فعالاً على المستوى الشعبي لجعل ركبتي كل عضو تصطك خوفًا من يوم الحساب ويوم الانتخاب، وإلا ستكون ردة فعل المسيئين: يا جبل عالي ما يهزك ريح، فالإرادة الشعبية أن لم تكن ريحًا عاتية تقتلع الأوتاد فرحمة الله على الديمقراطية، مضيفًا أن الكويت هذا البلد الصغير الكبير يتمتع بمركز متميز سواء كان على مستوى صحافته النزيهةأم وضعه الثقافيأم إسهاماته في حقول المعرفة أو الخدمات الإنسانية وجليل مساعداته. فهل يصر شعب في مثل هذا البلد على تمثيل يعكس حقيقة هذا التمييز؟
وقال إن الديمقراطية تجعل من مجلس الأمة التعبير الصادق عن رغبات الشعب، وليس معبرًا لتأمين مآرب النائب ونزواته ومصالحه الذاتية على حساب مصلحة الشعب، والديمقراطية لتمثيل الشعب وليس للتمثيل بكرامته وزعزتة أسس علاقاته مع الدول الصديقة، لافتًا إلى أن الديمقراطية في قدرة الشعب على رقابة من يراقب كيفية تنفيذ سياسة الدولة وليس في تسخير الدولة وجعلها بقرة حلوبًا ترضع المستحقين وغير المستحقين مثل quot;سواحquot; الطبابة في الخارج. وقال إن الديمقراطية في اختيار نواب يتجاوبون مع الناخبين وليس فيمن يجرون عليهم النوائب .
وختم حديثه قائلاً: quot;دعنا من خداع أنفسنا فأعداء الديمقراطية في الكويت كثر، معظمهم داخل مجلس الأمة حيث حولوه ناديًا لتبادل المصالح الذاتية وللتعبير عن المشاعر والعصبيات دون الوطنية، قبل أن نتباكى على الديمقراطية، كان يجب علينا أن ننقذها ونكرمها كناخبين، فالكرة في ملعب الشعب الكويتي بنخبته وحكمائه وحراس مرماه الأمناءquot;.