مع صدور 10 جرائد منذ العام 2006
الصحافة الجديدة في الكويت تثير صداع الحكومة

مشاري الناصر من الكويت: لأكثر من ثلاثين عاما ظلت الكويت تحصر عملية اصدار الصحف اليومية بخمس عائلات ثرية تحتفظ معهم بعلاقات بزنس، وترد تلك الصحف على معروف النظام بأن تشكل الدرع الأول عنها لصد تقلبات المزاج الشعبي ومساندة سياسات الدولة داخليا وخارجيا، إلا أن شخصيات سياسية وفكرية واعلامية أخرى كانت تعتبر أن منع الحكومة لهم اصدار صحف جديدة يقيد الحريات العامة ويعد مناف لأبسط حقوق الإنسان الكويتي لا سيما المعارض للسياسات القائمة، إذ لم يكن يجد منبرا له في الصحف الكويتية التي كانت قبل احتلال الكويت عام 1990 تأخذ سبق الريادة على المستويين العربي والخليجي، بسبب الحصة العربية الكبرى على صفحاتها إلا أن تحرير الكويت وما تلاه من عمية استئناف صدور الصحف اليومية الخمس كشف عن وجه جديد للصحافة الكويتية انكفأت معه الى الداخل المحلي، وأصبح يتناقص بشدة حضور الهم العربي على صفحات الصحف الكويتية وتراجع الى مستويات غير مسبوقة وضع الصحافة الكويتية، وتقريبا غاب الحدث الخارجي عن الصحف التي ظلت تؤثر أن تبقى اخبارية محلية مخاطبة الإهتمامات المحلية الصرفة للمواطن الكويتي، وسط عزوف فاق الحد من قبل الشارع الكويتي عن شراء الصحف رغم زهد ثمنها الذي لا يزيد منذ أكثر من عشرين عاما عن مائة فلس للنسخة الواحدة، وهو رقم يستحيل معه أن تغطي أي صحيفة كلفتها التشغيلية مهما كانت أرقام التوزيع مرتفعة.

في العام 2006 تغير الحال تماما فدخول مجلس الأمة على الخط أسهم في تعديل جوهري على قانون المطبوعات والنشر سمح بموجبه عملية اصدار صحف يومية جديدة، شريطة أن يكون رأس مال الصحيفة ربع مليون دينار كويتي فما فوق وهو مبلغ يستطيع أي شخص في الكويت اقتراضه للحصول على ترخيص صحيفة يومية، وهو ما حدث فعلا مع فتح باب التراخيص فقد تقدم أكثر من 200 شخص من الأسرة الحاكمة وأبناء العائلات الثرية والتيارات السياسية بطلبات للحصول على تراخيص إلا أن 20 منهم حصلوا على تراخيص نهائية عشرة منهم أصدروا صحفا بالفعل فيما بطل ترخيص عشرة آخرين، وسط سؤال حقيقي يملأ الشارع الكويتي مفاده جدوى اصدار ذلك الكم الهائل من الصحف في بلد لا يتعدى عدد سكانه والوافدين العرب فيه أكثر من مليون ونصف المليون، حيث تتراوح أعداد النسخ المطبوعة لصحيفة واحدة مابين عشرة آلاف نسخة ولا تزيد عن ثلاثين ألف نسخة لأكثر الصحف الكويتية مبيعا.

في الكويت اليوم 15 صحيفة يومية باللغة العربية هي quot;الأنباءquot; و quot;الرايquot; و quot;القبسquot; والسياسةquot; و quot;الوطنquot; و quot;الوسطquot; و quot;الجريدةquot; و quot;الدارquot; و quot;الرؤيةquot; و quot;أوانquot; وquot;النهارquot; و quot;عالم اليومquot; و quot;الشاهدquot; و quot;الصباحquot; ، فيما ستصدر خلال أيام أحدث صحيفة كويتية هي quot;الصوتquot;، إلا أن اللافت فعلا أن بعض الصحف الكويتية الجديدة يعرف عنها أنها مملوكة لأسماء يعرف القاصي والداني بأنها لاتملك المال لإصدار صحيفة، ومعروف أن صناعة الصحف هي عملية مكلفة وباهظة ماليا، الأمر لذي يستوجب طرح أسئلة أخرى عما إذا كان خلف الأسماء المعلنة شخصيات كبرى جدا سواء من أبناء الأسرة الحاكمة أو من كبار رجالات الدولةـ أو من تيارات سياسية أو طائفية تريد أن تصرف أهواءها السياسية ورغباتها عبر أذرع اعلامية تستطيع أن تؤثر في المزاج الشعبي وتقلبه لمصلحتها وهو ما يحدث حاليا في الكويت التي بدأ النظام فيها يرصد ملامح صراع مزمن بدأت تتسبب فيه الإصطفافات السياسية الضارة لوسائل الإعلام الكويتية الجديدة، ولم يكن عبثيا البتة أن يشير امير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح خلال ثلاث خطابات سياسية أدلى بها منذ بدء العام الحالي الى ضرورة أن يكون للصحافة الكويتية دور مسؤول في الشأن الداخلي وأن تبتعد عن الإضرار بمصلحة البلد من خلال التحريض السلبي، وهو الموقف الذي يشدد عليه في كل مناسبة رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح وكذلك رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي.

كبار أركان الحكومة الكويتية لم يسلموا مما يتردد في الشارع الكويتي بأن صحيفة على سبيل المثال مثل جريدة quot;أوانquot; التي يملكها ويرأس تحريرها المثقف الكويتي المرموق محمد الرميحي يملكها بالباطن رئيس الوزراء الكويتي الذي لا يتردد في مجالسه الخاصة نفي تلك الشائعات، كما أن القائمين على الصحيفة أنفسهم يسخرون من تلك المعلومات ويؤكدون بأنها ليست سوى شائعات، صحيفة أخرى مثل الصوت يتردد بأن وزير الخارجية الشيخ محمد صباح السالم الصباح هو مالكها الحقيقي، إلا أن من يعرف وزير الخارجية سرعان ما يضحك على تلك المعلومات معتبرا أن شخصية الشيخ محمد الدارس في الولايات المتحدة ونجل الأمير الثالث للكويت لايجيد لغة البزنس وليس بحاجة لذراع اعلامي لأنه لا يخطط لشيئ وليس لديه أي أجندة مخفية.