عبد الله غول وناصر الصباح في بغداد قريباً لبحث ملفات شائكة
مواجهة حزب العمال التركي .. والديون والحدود مع الكويت

أسامة مهدي من لندن: أعلن في بغداد اليوم عن قرب زيارة سيقوم بها الى العراق الرئيس التركي عبد الله غول لبحث العلاقات الامنية والسياسية والاقتصادية المشتركة ومواجهة العمليات المسلحة التي ينفذها حزب العمال التركي ضد انقرة انطلاقا من الاراضي العراقية الشمالية .. وكذا زيارة مماثلة لرئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر محمد الاحمد الصباح لبحث عدد من القضايا المهمة التي تتعلق بمشكلة الديون الكويتية على العراق وملفات الحدود المشتركة والمفقودين والممتلكات الكويتية وهي من مخلفات الاحتلال عام 1990. وقال ياسين مجيد المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي quot; ان بغداد ستشهد قريبا زيارة عدد من المسؤولين من الدول العربية والاقليميةquot;. واضاف quot;ان الرئيس التركي عبد الله غول سيزور العراق كما سيزورها رئيس الوزراء الكويتي ناصر محمد الاحمد الصباح بالاضافة الى مسؤولين من دول اخرىquot;.

وتأتي زيارة غول تلبية لدعوة رسمية من الرئيس جلال الطالباني لبحث العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية وخاصة ما يتعلق منها بقضية حزب العمال التركي الكردستاني الذي ينفذ هجمات مسلحة ضد أهداف تركية عسكرية واقتصادية انطلاقا من أراضي شمال العراق. وتأتي هذه الزيارة ضمن خطوات تبادل للزيارات بين الزعماء العراقيين والاتراك حيث كان رئيسا الجمهورية والحكومة العراقيين قد قاما في وقت سابق بزيارتين الى انقرة فيما زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بغداد الصيف الماضي.

ويجري مبعوث تركي هو نائب وزير الخارجية التركي مراد اوجيلك مباحثات في بغداد حاليا حيث عقد امس اجتماعا مع المالكي الذي دعا الى تفاهم اقليمي لمواجهة المنظمات الارهابية العاملة في المناطق الحدودية المشتركة معبرا عن الغضب والاستياء لما يقوم به حزب العمال الكردستاني التركي من اعمال ارهابية ضد تركيا انطلاقاً من الاراضي العراقية . وابدى المبعوث التركي رغبة بلاده في اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة الخطر الذي تمثله منظمة حزب العمال الارهابية. وجدد دعم تركيا للحكومة العراقية في جميع المجالات مضيفاً ان مؤتمراً موسعاً سيعقد في الاسبوع الاول من الشهر المقبل للشركات التركية الكبرى العاملة في العراق وخاصة في قطاع الكهرباء ما يساهم في تعزيز دور الشركات التركية في إعمار العراق.

كما اجتمع المبعوث مع الرئيس جلال طالباني ومع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني حيث تم الاتفاق على منع عناصر حزب العمال من شن هجمات ضد تركيا انطلاقا من اراضي الاقليم. وعقب الاجتماع قال المسؤول التركي إنه اتفق مع بارزاني على منع عناصر حزب العمال الكردستاني من استخدام الأراضي العراقية في شن الهجمات على الجيش التركي. واكد انه تم التوصل إلى اتفاق يقضي بمنع عناصر حزب العمال من استخدام الأراضي العراقية كقاعدة لشن الهجمات على الجيش التركي موضحا انه أجرى مباحثات ldquo;إيجابية ومثمرة مع البارزاني خاصة في ما يتعلق بالأوضاع الامنية في اقليم كردستان.

وكانت العلاقات بين العراق وتركيا قد شهدت تأزما حادا على خلفية مقتل 13 جنديا تركيا في كمين نصبوه مطلع الشهر الماضي .. ثم عادت الازمة مجددا مطلع الشهر الحالي بعد العملية التي نفذها عناصر الحزب على موقع عسكري تركي في مدينة سمديناني الحدودية مع العراق واسفرت عن مقتل 15 جنديا تركيا واصابة 20 آخرين وهو ما دفع البرلمان التركي إلى التصويت بالاجماع في الثامن من الشهر الحالي على تمديد التفويض الذي منحه للجيش التركي بملاحقة عناصر الحزب خارج الأراضي التركية.

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان قال امس quot;إن تركيا ليست بحاجة في الوقت الحالي إلى إقامة منطقة عازلة شمال العراق لوقف الغارات عبر الحدود التي يشنها عناصر حزب العمال وذلك في رده على دعوات المعارضة لاتخاذ هذه الخطوة. ووافق البرلمان التركي الأسبوع الماضي على طلب حكومي بإعطاء الجيش الضوء الأخضر لتنفيذ عمليات ضد عناصر حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان العراق لعام آخر.

وقال أردوغان للصحافيين في أنقرة عند سؤاله عن دعوات المعارضة لانشاء منطقة عازلة في إقليم كردستان quot;في هذه اللحظة ليست هناك حاجة لمنطقة عازلة وسيتم القيام بكل ما هو ضروريquot; . وأضاف أن 167 منشأة عسكرية ستقام بحلول نهاية 2009 بتكلفة ما بين 250 و300 مليون ليرة (ما بين 180 و210 دولارات) في إطار جهود تهدف إلى تشديد الأمن في المنطقة.

الديون والمفقودون ملفات عراقية كويتية عالقة

اما بالنسبة إلى زيارة الصباح التي أكدها المستشار الاعلامي للمالكي في تصريح للوكالة الوطنية العراقية فقد كانت مقررة في رمضان الماضي لكنها تأجلت الى ما بعد عيد الفطر لأسباب فنية. ومن المنتظر أن تتناول مباحثات المسؤول الكويتي مع القادة العراقيين الديون الكويتية على العراق وملف المفقودين والممتلكات الكويتية وهي ملفات سبقت واعقبت احتلال النظام العراقي السابق للكويت عام 1990.

ولا تزال خلافات تلقي بظلالها السوداء على علاقات البلدين الجارين وهي تتعلق بالديون الكويتية على العراق والبالغة حوالى 17 مليار دولار وبعض القضايا الفنية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية لكن الرغبة المشتركة في عدم السماح بتعكير العلاقات الثنائية أثمرت عن اتفاق لعقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين قريبا.

فقد دعت الحكومة العراقية الكويت الشهر الماضي الى اجراء مفاوضات لحل الملفات العالقة بين البلدين والتي تعود بشكل خاص الى ايام النظام العراقي السابق . وقال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان مجلس الوزراء الذي quot;ناقش ملف القضايا العالقة مع دولة الكويت يدعو الى مفاوضات جادة وفق قواعد الإحترام المتبادل ومصالح البلدين وحسم المشاكل التي خلفتها سياسات النظام السابق بمصالح الشعبينquot;. واكد رغبة المجلس في علاقات طيبة وحسن جوار وتطوير للعلاقات الأخوية بين البلدين لكنه quot;يعبرعن قلقه لبقاء هذه الملفات دون حلول مما يلحق الضرر البالغ بمصالح الشعبين الشقيقين'.

وهناك ملفات اخرى عالقة بين العراق والكويت اهمها موضوع استكمال ترسيم الحدود والديون حيث ارغمت الامم المتحدة العراق بعد غزوه الكويت عام 1990 على دفع 5% من عائداته النفطية لصندوق تابع للمنظمة الدولية للتعويض عن أضرار ما خربه الاجتياح العراقي. وتلقى الصندوق طلبات تعويض قدرها 354 مليار دولار الا انه اقر منها 52 مليار دولار فقط بينها 45 مليار دولار للكويت دفع الصندوق منها اليها حتى الآن 21 مليار دولار تعويضات عن الغزو.

وحول ملف الديون هذا فقد اكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية أن الحكومة الكويتية لاتملك اتخاذ قرار في هذا الملف من دون الرجوع إلى مجلس الأمة وهو ما أكدته في أكثر من مناسبة للجانب العراقي باستثناء التعويض المستحق للخطوط الجوية الكويتية على العراق. وقال إن البلدين اتفقا على إمكانية بحث هذه القضية خارج إطار التعويض العام الذي تشرف عليه الأمم المتحدة على أن تتم التسوية في مسألة هذه التعويضات بين الخطوط الجوية للبلدين بعد أن اقترح الجانب العراقي تسويتها على شكل خدمات تقدمها الخطوط العراقية لنظيرتها الكويتية حتى يتم الإيفاء بالدين المستحق وهو ما وافق عليه الجانب الكويتي وقطع الطرفان شوطاً كبيراً في المفاوضات حول تفاصيله.

اما بالنسبة إلى الحدود فقد اوضح المصدر ان المسألة تتعلق بصيانة العلامات الحدودية بين البلدين وبحث مسألة مخالفة بعض المنشآت والمزارع العراقية المحاذية للحدود المشتركة والتي طالبت الكويت في وقت سابق بإزالتها وأودعت تعويضات أصحابها في الأمم المتحدة. وشدد على ان المطلوب الآن هو إجراء وتحرك عملي وتنفيذي من قبل الجانب العراقي لإزالة تلك المنشآت والمزارع وإبعادها بضعة كيلومترات عن الشريط الحدودي لضمان سلامة الحدود بين البلدين . وكان مجلس الامن الدولي قد رسم بشكل نهائي الحدود بين الكويت العراق بقراره المرقم 833 عام 1993.

ومتابعة للموضوع نفسه قال مصدر كويتي رفيع المستوى إن الحكومة الكويتية ستقدم طلباً لإسقاط القروض والديون المستحقة للكويت على العراق إلى مجلس الأمة في دور الانعقاد المقبل مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي في أعقاب ما قامت به السعودية والإمارات ودول عدة في المنطقة من إسقاط للديون العراقية بحسب ما ابلغ صحيفة quot;السياسةquot; الكويتية . وأوضح المصدر أن إسقاط الديون العراقية قد يتم وفقاً للإجراءات الدستورية المتبعة وبعد العودة إلى مجلس الأمة لكنه أكد الرفض الحكومي القاطع للدخول في أي مساومات مع النواب حول القضية.

مباحثات المالكي في كامبيرا

واوضح مجيد quot;ان رئيس الوزراء سيغادر نهاية الشهر الحالي الى استراليا لبحث عدد من المواضيع الاقتصادية والسياسيةquot; . وقال quot;ان هذه الزيارة لن تتقاطع مع زيارة المسؤولين الى بغداد اذ إن هناك جدولا محددا لهذا الغرض كما ان الزيارة معد لها مسبقاquot;. وسيجري المالكي مباحثات في العاصمة الاسترالية كانبيرا مع المسؤولين الاستراليين تتعلق بتطوير العلاقات بين البلدين . وستتناول هذه المباحثات تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري ومساهمة الشركات الاسترالية في اعادة اعمار العراق . وسيرافق المالكي في زيارته هذه وفد رسمي يضم عددا من الوزراء، بينهم وزير الخارجية هوشيار زيباري ووزير التجارة عبد الفلاح السوداني.

وكانت القوات الاسترالية الموجودة في العراق ضمن قوات التحالف الدولي قد اكملت انسحابها من مدينة الناصرية (380 كم جنوب بغداد) الصيف الماضي . وكانت استراليا تحتفظ بحوالى 515 من جنود قواتها البرية في قاعدة عسكرية في مدينة الناصرية يتولون عمليات تدريب قوات الجيش والشرطة العراقية بالاضافة الى وحدات بحرية واخرى جوية تقدم الدعم اللوجستي للقوات متعددة الجنسيات في العراق.