&
بقلم دونالد رامسفيلد
إعداد : ضحى خالد

في 11 أيلول (سبتمبر)، تعرضت الولايات المتحدة لهجوم شرير، ليس من قبل جيوش تقليدية تشن حملات عسكرية تقليدية بل من قبل أعداء خفيين، مستعدين، وقادرين، على ضرب شعبنا حيث يعيش ويعمل.
هذه الهجمات كانت أكثر من الطلقات الأولى في نوع جديد من الحرب.. دعوة لليقظة، تحذيرا بأننا ندخل فترة جديدة خطرة في التاريخ الأميركي، فترة استبدلت فيها مناعة الولايات المتحدة التاريخية بحقبة جديدة من الانكشاف، حقبة جديدة حيث يقوم الأعداء الجدد بتوجيه ضرباتهم إلى مدننا وشعبنا بطرق جديدة ومفاجئة..& طرق حيث المزيد من الخصوم يملكون أسلحة متزايدة القوة، أسلحة ستتيح لهم أن ينقلوا الحرب إلى الوطن الأميركي.
وفي أعقاب هذه الهجمات، بتنا نواجه تحديين مهمين: أولا، أن نربح الحرب التي تشن ضدنا بتصفية شبكات الإرهابيين بحيث لا يستطيعون بعد ذلك تهديد شعبنا. ثانيا، أن نستعد الآن للحرب التالية، حرب قد تكون مختلفة اختلافا كبيرا ليس فقط عن تلك التي في القرن الماضي بل أيضا عن الحرب الجديدة ضد الإرهاب التي نخوضها اليوم.
إن أساليب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) كانت مفاجئة. وفي العقود التالية، من المؤكد أن نفاجأ مرة أخرى. الكثير من تخطيطنا في السنوات الأخيرة كان يستحوذ عليه ما وصفه أستاذ متخصص في هجوم بيرل هابور بأنه "ندرة من التوقعات، هاجس روتيني بشأن أخطار قليلة قد تكون مألوفة ولكن غير متوقعة."
ولكن كما تعلمنا بصورة مؤلمة في الأسابيع الأخيرة، فإن الأخطار المتوقعة في هذا العهد الجديد ستكون مختلفة عن تلك التي كانت في العصر الماضي. فحتى قبل سبعة أسابيع، بدا هجوم كالذي تعرّضنا له في 11 أيلول (سبتمبر) أمرا لا يمكن تصوره بالنسبة إلى كثير من الأميركيين وفي العقود القادمة سنواجه تهديدات أخرى تبدو مثل ذلك بعيدة عن التصور اليوم
لهذا السبب، فإن التكيف مع المفاجأة، التكيف بسرعة وحسم، يجب أن يكون شرطا للتخطيط العسكري في القرن الحادي والعشرين. وللتصدي للمفاجأة، علينا أن نحول تخطيطنا الدفاعي من النموذج "المستند إلى التهديد" الذي سيطر على تفكيرنا في الماضي إلى نموذج "يستند إلى القدرات" بالنسبة إلى المستقبل. وعوضا عن التركيز على من يمكن أن يكون خصمنا التالي أو أين يمكن أن تنشب حرب، علينا أن نركز على الكيفية التي يمكننا بها أن يحارب خصم لنا، ونطور قدرات جديدة لردع ذلك الخصم وهزمه. وبدلا من التخطيط بالدرجة الأولى لحروب تقليدية كبيرة في ميادين محددة بالضبط، علينا أن نخطط لعالم من الأخصام الجدد والمختلفين الذين سيعتمدون على المباغتة، والخديعة وأسلحة غير متناسقة لتحقيق أهدافهم.
وقد كان الإستعداد لهذا العالم هدف المراجعة الدفاعية الفصلية، التي قدمت إلى الكونغرس في 30 أيلول (سبتمبر). وتوجز تلك المراجعة استراتيجية دفاعية جديدة للقرن الحادي والعشرين تتمحور حول أربعة أهداف رئيسية: ضمان ثبات هدف وقدرة أصدقاء الولايات المتحدة وحلفائها على تحقيق التزاماتها الأمنية؛ ردع خصوم محتملين عن تنفيذ برامج أو عمليات يمكن أن تهدد مصالح الولايات المتحدة أو مصالح حلفائنا وأصدقائنا؛ ردع الإعتداء والترهيب بنشر أمامي للقدرة على دحر الهجمات بسرعة وفرض عقوبات شديدة على العدوان؛ ودحر أي خصم بصورة حاسمة إذا لم ينفع النقاش والردع.
ولتحقيق هذه الأهداف، علينا أن نحافظ على الميزات العسكرية الراهنة لأميركا في مجالات رئيسية وتطوير طرق جديدة لحرمان أعدائنا من المزايا التي ينشدونها عن طريق قدرات غير متناسقة.
وهذا يتطلب تحولا في قواتنا المسلحة، تحولا سيمكننا من حماية الوطن الأميركي بينما نبرز وجود قوات أميركية في أركان نائية من العالم، غالبا في بيئات معادية حيث طور أخصامنا أسلحة جديدة مصممة لتمكينهم من أن يفعلوا ما يشاؤون ضد جيرانهم.
ومن المرجح أن تكون المفاجآت التي سنواجهها خلال عقد من الآن مختلفة عن تلك التي صدمتنا في 11 أيلول (سبتمبر). ولمعالجة أمر تلك المفاجآت المقبلة، علينا أن نعمل بسرعة الآن لتحسين قدرتنا على حماية نظم المعلومات الأميركية وضمان المراقبة والتتبع المتواصلين والإشتباك السريع مع قوات الخصم وقدراته. وعلينا أن نعزز قدرة وطول بقاء أنظمة الفضاء الأميركية، وتطوير طرق جديدة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات وإيجاد طرائق جديدة لتوفير مزيد من العمليات المشتركة الفعالة. ومع الوقت، علينا أن نتخلص من القوات المتوارثة، ونستثمر تلك الموارد في مفاهيم جديدة لخوض الحروب، وقدرات جديدة وطرق جديدة لتنظيم قواتنا ترفع إلى الحد الأقصى فعاليتنا والإمكانية القتالية للرجال والنساء الأميركيين في القوات المسلحة.
لقد اكتملت المراجعة الدفاعية في جزئها الأكبر قبل هجمات 11 أيلول (سبتمبر). إلا أن هذه الهجمات تثبت بطرق مهمة، الإتجاه الإستراتيجي والمبادىء التخطيطية التي توفرت نتيجة هذه المراجعة، خصوصا تشديدها على الدفاع عن الداخل، والإستعداد لمواجهة تهديدات مباغتة وغير متناسقة، وعلى الحاجة لتطوير مفاهيم جديدة من الردع، والحاجة إلى استراتيجية تستند إلى القدرات والحاجة إلى موازنة الأبعاد المختلفة للخطر لتضمين المخاطر التي يتعرض لها الشعب، والتحديث والتحول إلى جانب مخاطر الحرب القتالية.
غير ان هجمات 11 أيلول (سبتمبر) غيرت أمرا واحدا: الشعور بالإلحاحية. التحول لا يمكنه أن ينتظر. فالتهديدات الجديدة وصلت، فعليا، إلى عقر دارنا، وهناك تهديدات أخرى، أعظم خطرا، أخذت تبرز بسرعة. علينا أن نعمل الآن للإستعداد للحرب التالية، حتى& بينما نخوض الحرب الحالية ضد الإرهاب.
إن الخسارة التي لا توصف في الأرواح والدمار التي تكبدها بلدنا، من جراء هجمات 11 أيلول (سبتمبر) يجب أن تتيح لنا منظورا جديدا لما نستطيع أن نوفره للقوى التي تدعم أساس حريتنا وازدهارنا للعقود القادمة، وهي تكاليف لا يمكن أن تقارن بالتكاليف التي سنتحملها في الأرواح والموارد إذا تخلفنا عن الإستعداد بصورة جيدة للمستقبل.
نعم علينا أن نفوز في الحرب ضد الإرهاب. لكن بينما نفعل هذا، علينا أيضا أن نستعد للحرب التالية. إننا مدينون بذلك لأطفالنا وأحفادنا.
ملحوظة : هذا المقال لوزير الدفاع الاميركي رامسفيلد سبق أن نشر في صحيفة "واشنطن بوست في أول تشرين الثاني (نوفمبر).