&
أجرى الحديث&-نبيل شرف الدين: الروائي والمخرج التسجيلي المصري عصام دراز حالة خاصة جداً ، فقد أمضى أكثر من عشر سنوات متابعاً للأحداث الأفغانية على الأرض منذ بداية الجهاد الأفغاني ضد السوفيت ، وقادته مهنته كصحافي إلى أفغانستان في أول أعوام انتقال المتطوعين العرب الى هناك للقتال ضد السوفيات في الثمانينات، يستقرئ في حديث لـ "إيلاف" سر انتصارات التحالف الشمالي وانهيارات طالبان ..
دراز مع ابن لادن في أفغانستان
ما هي أسبابها وهل القصف الأميركي قضي علي دفاعات طالبان ، ومهد الطريق لاكتساح التحالف واستيلائه علي كافة المدن الأفغانية في وقت قياسي .. ولماذا جاء الانتقام من الأفغان العرب بهذه البشاعة، ويروي دراز انه قابل بن لادن في جدة عام ،1990 حيث دعاه الاخير الى حضور خطبة الجمعة في جامع بن لادن. ويضيف: "كانت تلك المرحلة بداية تحول بن لادن إلى الكراهية المطلقة ضد اميركا .

هذه التساؤلات وغيرها كانت محور اللقاء الذي أجرته "إيلاف" مع دراز الذي أمضي أكثر من عشر سنوات في أرجاء أفغانستان والتقي بكافة الفصائل الأفغانية ويعد شاهد عيان علي تطورات القضية الأفغانية منذ بدايتها :
عصام دراز

&
ما سر كل هذه الكراهية تجاه الأفغان العرب بمجرد سقوط طالبان وانتصار التحالف الشمالي ؟
أولا هذه المشاعر المعادية ليست مفاجأة فالعرب الذين ذهبوا إلي هناك شديدو التدين عكس الأفغان ، بالإضافة إلي أن الأفغان لهم نزعة صوفية فيستعملون الأحجبة مثلاً ، ويستعينون بالأضرحة وغير ذلك من البدع والشركيات ، وكان إخواننا العرب ينهون الأفغان عن ذلك بطريقة فجة ، لا تراعي خصوصية المجتمع الذي يضم داخله حزب سياسي كبير ينتمي إلى الطرق الصوفية ومنهم أحمد الجيلاني وهو من الطريقة الجيلانية ، ورأس لقاء الفصائل في باكستان منذ فترة مما يدل علي قوة هذا التيار بالإضافة إلي أن الأفغان ينتمون إلي المذهب الحنفي وهم متعصبون لمذهبهم بشدة فأثناء الصلاة حسب مذهبهم يجب أن يضعوا علي رؤوسهم غطاء ولا تصح الصلاة إلا به كما يعتقدون ، أما العرب فلا يهمهم ذلك فكثيرا ما كانت تحدث المشاجرات والمشادات في المساجد حتى في أثناء أداء الصلاة حول غطاء الرأس أو حركة الإصبع في التشهد، وفي بداية ذهاب العرب بأعداد قليلة تمت معاملتهم بشكل جيد لكن مع زيادة عددهم أصبح الأفغان لا يحبذون وجودهم خاصة بعد وشايات عملاء الروس التي أثرت في تماسك الأفغان والعرب وقد وصل الأمر في بعض الأحيان أن الأفغان أصدروا أحكاما بإعدام عدد من العرب ولولا تدخل الشيخ عبدالله عزام جمعة لعلماء قندهار لنفذ الحكم ومازاد الأمر هو كره الشعب الأفغاني لحركة طالبان وموالاة العرب للحركة والأساس في ظهور الأفغان العرب كفصيل منفرد يعود لأسامة بن لادن لأنه جعلهم فرقة واحدة بعد أن كانوا يتوزعون علي فصائل المجاهدين .
دائما ما يستخدمون حاليا تعبير الانسحاب إلي الجبال إلي أي مدى وفق ما رأيت تستطيع طالبان الصمود في حرب الجبال؟
رغم أن أحد أبطال الحرب في أفغانستان هو الجبل إلا أن لجوء طالبان للجبال سيصبح معركة بلا هدف ونهايتها محسومة بالهزيمة فعندما قاتل الأفغان الروس من الجبال كان العالم كله معهم بالإمداد، الآن لا يستطيع أسامة بن لادن أو المقاتلون الصمود أكثر من خمسة أيام في الجبال لأن هذه الجبال لها طرق ومدقات وهي مرصودة عن طريق قصفها وحصارها وستتوقف الإمدادات علي الفور، الجبال كانت عاملا إيجابيا في حرب الأفغان ضد السوفييت لكن الآن أصبحت عاملا سلبيا فمن أين ستأتي الذخيرة؟ وفي رأيي كان الأكرم لهم بدلا من الانسحاب إلي الجبال الذي سيعرضهم لأن يقبض عليهم هو الدفاع عن كابول بشرف حتي الموت.
تعتمد طالبان في حركتها الأخيرة علي مساندة قبائل الباشتون فما هو حجم ووضع شيخ القبيلة في المعادلة الأفغانية؟
هم شعب قبلي وشيخ القبيلة هو الآمر الناهي لذلك الحكومات لا تسترضي الشعب بل الشيخ فقط وهو مفتاح كل شيء وباكستان أيضا قبائل في المناطق الحدودية وما حدث أن طالبان واجهت خيانات كبيرة من الشيوخ واكتشفوا أن هناك مناطق كثيرة تمت مهاجمتهم منها بدون توقع. وهناك نقطة أخري فمفتاح هذه اللعبة كان في يد الشارع الباكستاني وقادته الدينيين ولكن فجأة بعد ثورتهم صمتوا تماما وهذا يدل علي أنهم شعروا أن الشعب الأفغاني نفسه يكره طالبان.
رغم توقعنا أن المعركة النهائية في قندهار إلا أن قندوز خطفت الأضواء؟
من معرفتي بالخريطة هناك فالسبب لذلك هو ميداني بحت وليس سياسيا أو عسكريا فهي تقع شمال مزار شريف والمعارضة ركزت علي هذه المدينة وبعدها كابول وبسبب الانسحاب الكبير والمتوالي لطالبان وحلفائها من الأفغان العرب كانت أقرب مدينة لتجمع هذه الفلول قندوز.
بدأ يتردد الآن أسماء لم يسمع عنها منذ خروج السوفييت من أفغانستان 1992 والمقصود بالإسمين يونس خالص وإسماعيل خان فما تأثيرهما في المعادلة الأفغانية الحالية؟
يمكن أن نطلق عليهما المفاتيح في المعادلة الأفغانية أهمها يونس خالص فهو أحد القادة السبعة الكبار للمجاهدين وقاد 'الحزب الإسلامي خالص' ويونس هو الأب الروحي للجهاد الأفغاني ولذلك اندهشت أن يكون من تلامذته طالبان فأنا أعرفه جيدا فهو لا يميل إلي التشدد وهو أكثر القادة السبعة إخلاصا رغم أنه ليس أكثرهم شهرة ولقبه في أفغانستان 'مولوي' بمعني القدسية أما إسماعيل خان فهو واحد من أمراء الحرب وله بطولات حربية لكن لا يصل إلي درجة 'يونس'.
يرى البعض أن الخيار الوحيد الآن أمام طالبان هو حرب العصابات فإلى أي مدي يصبح هذا الخيار ذا جدوى في حالة "طالبان" ؟
حرب العصابات يقوم بها الشعب ويفرز قيادتها أو ما يمكن أن نطلق عليه الحرب الشعبية لكن ما ستشنه طالبان لن يكون حربا شعبية بل أسلوب كقطاع الطرق والعصابات الإجرامية ، لأن الناس لا تريدهم وليسو آسفين على اندحارهم ، ثم ما هو الهدف الاستراتيجي لهذه الحرب؟ لقد استولت قوات التحالف والقوات الأميركية علي كل طرق المواصلات وأحكمت الحصار والعودة السياسية مستحيلة والاعتراف بهذا ليس ضعفاً ، بل هو إقرار لواقع الحال .
يقال أن عدد الأفغان العرب وصل إلي 40 ألفا انضموا إلي طالبان؟
هذا رقم مبالغ فيه بشدة وأعتقد أنهم حسبوا معهم الباكستانيين والأعراق الأخري أما تقديري أنا فالأفغان العرب لا يتجاوز عددهم 1500 مقاتل.
أعلن أن تنظيم القاعدة تحول إلي دولة داخل الدولة وفق تقديراتك وخبرتك مع بن لان إلي أي مدي يصدق هذا التقدير؟
إلي حد كبير هذا صحيح فهم كانوا يمارسون نوعا من الحكم الذاتي داخل أفغانستان فهناك جانب تمويلي وإعاشة وتدريب واستخبارات وكل هذا يعطي شكل الدولة وكل من كان يدير هذه الأنشطة الحيوية هم الأفغان العرب .