&
واشنطن - عرف الرئيس الاميركي جورج بوش خلال عام تقريبا تحولا تاما بلغ حد الذهول. فتمكن الرئيس الذي يقود بلاده في الحرب من جعل شعبه ينسى الجدل الكبير الذي احاط بانتخابه.
كما استطاع هذا الحديث في الدبلوماسية ان يجمع حوله ائتلافا دوليا واسعا لمكافحة الارهاب. واعاد هذا المناصر للتساهل تاكيد دور الدولة.
لم يكن يخطر لاحد في كانون الاول/ديسمبر 2000 حين اتهم جزء من اميركا حاكم ولاية تكساس السابق بانه "سلب" رئاسته في البلبلة العارمة التي سادت انتخابات فلوريدا، ان جورج بوش سيحطم جميع الارقام القياسية في الشعبية الرئاسية اذ يقود بلاده في حرب ضارية على الارهاب.
وجاء افضل تكريم لبوش من خصمه الديمقراطي الخاسر في الانتخابات ال غور الذي اعلن بعد بضعة ايام على الاعتداءات "جورج بوش قائدي الاعلى. هذا البلد لم يكن يوما ملتحما كما هو الآن".&
لم يكن الرئيس الاميركي الثالث والاربعين الذي عمل سابقا في&المجال النفطي والمولع برياضة البيسبول مهيأ البتة لمواجهة هذه الفاجعة التاريخية.
كانت الايام المئة الاولى من رئاسته عادية وتميزت بسياسة محافظة للغاية. مارس سلطته باسلوب رئيس مؤسسة معتمدا بصورة كبيرة على فريق ذي خبرة.&
حقق انتصاره السياسي الرئيسي في نهاية ايار/مايو حين صوت الكونغرس على خطة ضخمة لخفض الضرائب بقيمة 1350 مليار دولار على مدى احد عشر عاما.
غير ان معظم مبادراته الاخرى باستثناء الاصلاح التربوي ما زالت عالقة في الكونغرس حيث استعاد الديموقراطيون في اللحظة الاخيرة خلال الصيف السيطرة على مجلس الشيوخ بعد انتقال احد الجمهوريين الى صفوف الديموقراطيين.&فمع وصول رئيس الى البيت الابيض يفتقد الى الخبرة على الساحة الدولية ويبدي حذرا حيال روسيا والصين ويؤيد بشدة نشر نظام دفاعي مضاد للصواريخ، انتاب القلق عددا من القادة الاجانب.
&وازدادت مخاوفهم من العودة الى الانعزالية الاميركية مع اعلان انسحاب الولايات المتحدة من بروتوكول كيوتو حول الاحتباس الحراري.&غير ان كارثة الحادي عشر من ايلول/سبتمبر بدلت المعطيات تماما.&قرر جورج بوش ان يجعل من مكافحة الارهاب الدولي مهمته الاولى وان استغرقت هذه المهمة كامل مدة ولايته. وحسن صورته في الخارج، جامعا حوله ائتلافا دوليا واسعا للقيام بهذه المهمة.
واستعاد الاميركيون ثقتهم بعد رده العسكري المنهجي وعزمه البارد على جعل مدبري الاعتداءات يدفعون الثمن غاليا واتخاذه تدابير امنية داخلية جديدة اثر انذار جدي بالارهاب البيولوجي خلال الخريف. وما زال 80% من المواطنين يؤيدون ادارته للبلاد.&الرجل نفسه تحول. فالخطيب الفاشل اكتسب حنكة في التوجه الى الجماهير.
ويظهر جليا الآن انه يمسك بزمام السلطة، مكللا بهيبة الرئاسة.&يرى كارل روف احد اقرب مستشاريه ان جورج بوش لم يتغير. يقول ان "الاحداث الكبرى لا تحول الرؤساء بل تبرز شخصيتهم الحقيقية".
وادت الاعتداءات الى تقارب مدهش بين الولايات المتحدة وروسيا لم يضعف حتى حين اعلن بوش قبل بضعة ايام انسحاب بلاده من معاهدة الحد من انتشار الصواريخ ايه.بي.ام. الموقعة بين البلدين من اجل المضي في مشروع الدرع الاميركية المضادة للصواريخ.

غير انها زادت من وطأة الازمة الاقتصادية التي كانت تلوح في الولايات المتحدة، فضربت قطاعات عدة مثل المواصلات والسياحة والتجارة وادت الى الغاء سبعمئة الف وظيفة. كما ان الاجراءات الطارئة التي اتخذت استهلكت الفائض الكبير في الموازنة الاميركية.
وتراهن ادارة بوش على استئناف النمو الاقتصادي من النصف الاول من العام 2002، مع ان خطتها للنهوض بالاقتصاد الاميركي ما زالت عالقة في مجلس الشيوخ.

ويتعين ان تتحقق هذه التوقعات الاقتصادية حتى يتمكن الجمهوريون من استعادة السيطرة التامة على الكونغرس خلال الانتخابات التشريعية الجزئية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وحذر نورمان اورستاين من معهد "اميركان انتربرايز اينستيتيوت" من ان "الرؤساء الذين يقودون الحرب غالبا ما يعرفون الهزيمة في اعقاب النزاعات"، مذكرا بالهزيمة التي لحقت بالرئيس جورج بوش الاب. فبعد بضعة اشهر على نهاية حرب الخليج انهارت شعبيته بسبب الركود الاقتصادي ولم تتم اعادة انتخابه عام 1993.