&
بيروت- سمر عبد الملك: وضع الجنرال العسكري المتقاعد الذي يقود حاليا حملة البيت الأبيض ضد الارهاب واين دونينغ خطة منذ ثلاثة سنوات لاسقاط نظام الرئيس صدام حسين في العراق، رفضتها ادارة كلينتون في ذاك الحين. الا أنه ومن منظور اليوم يبدو لهذه الاستراتيجية صدى مألوفا، فبعد أن استبعدها رسميو ادارة كلينتون باعتبارها غير فعالة آنذاك، غدت هذه الاستراتيجية بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) على أميركا عالية الفعالية، ولعبت دورا بارزا في ترقية دونينغ ليحتل مركزا أساسيا في البيت الأبيض.&
نقلت صحيفة "واشنطن بوست" أن خطة دونينغ عرضت أمام قادة الكونغرس خلال جلسة سرية عقدت في صيف الـ1998، وتضمنت عدة عناصر أثبتت نجاحها البارز في أفغانستان، حيث اعتبر القائد السابق في القوات الأميركية الخاصة دونينغ بأنه بمقدور الولايات المتحدة تحقيق النصر من خلال اتحاد قوي بين المتمردين على العراق المدعومين من أميركا، وعمليات قوات النخبة الخاصة والقوات الأميركية الجوية.
وتولد عن استراتيجية دونينغ جدال جديد في البيت الأبيض حول ما يجب فعله مع صدام حسين، الذي تدعي الولايات المتحدة الأميركية بأنه يصمم أسلحة دمار شامل وسبق لها أن أرسلتله تهديدات بأنها تنوي شن الحرب عليه اذا لم ينفذ شروطها.
مؤيدو هذا الخطة ومن بينهم وزير الدفاع بول ولفوويتز وسياسيين بارزين يجادلون بأن الحرب في أفغانستان أثبت جدوى الخطة، وبأن وقت شن حملة على صدام حسين يقترب بسرعة، في الحين الذي يعتبر فيه معارضوها ومن بينهم قسم كبير من موظفي وزارة الخارجية، وكالة الاستخبارات المركزية وعسكريين محترفين بأن الخطة تبالغ في تقدير قوة المعارضة في العراق، خصوصا المجلس الوطني العراقي، وهو الجماعة التي تأسست في لندن كشبه حكومة في المنفى.
تنص خطة دونينغ في صيغتها الأصلية على نشر 5 أو 6 آلاف جندي ليهزموا الجيش العراقي الضعيف والمؤلف من نصف مليون رجل، وذلك باعتبار أن الطائرات الأميركية متوفرة لتدمير الأماكن التي يتمركز فيها جيش العدو. الا أن تقديرات البنتاغون مؤخرا فيما يخص ما يحتاجه أمر ازاحة صدام حسين من الحكم ارتفعت بحسب الادارة الأميركية ومصادر معارضة للحكم العرافي .
وأفاد وزير الخارجية كولن باول مؤخرا بأن أفغانستان والعراق "بلدان مختلفان، فيهما نظامان مغايران ويتمتعان بقدرات عسكرية متباينة"، مشيرا الى أن نسبة الاختلاف بين البلدين تنفي امكانية النجاح في تطبيق النموذج الأفغاني مباشرة على العراق دون تعديله.
ويشير المحللون العسكريون بأن حجم الجيش العراقي أكبر بحوالي عشرين مرة من قوات حركة طالبان، وذلك اضافة الى أن عدد الدبابات المتوفرة في العراق أكثر بعشر مرات من التي كانت تملكها حركة طالبان.
كما أن قوات المعارضة العراقية لا تملك الخبرة التي تملكها قوات التحالف الشمالي. والأمر الأكثر خطورة هو احتمال أن يكون لدى صدام حسين أسلحة كيميائية أو بيولوجية أو حتى وسائل نووية خام.
صرح نائب الأمن الوطني في البيت الأبيض ستيفن هادلي في مقابلة أن ادارة بوش أجرت بعض "التخطيط والتفكير" في العراق خلال فصل الربيع وأوائل فصل الصيف، الا أن هذا النشاط "جمد" ويعود السبب في ذلك جزئيا الى اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) على أميركا، حيث أدلى بأن الرئيس ومستشارية الأمنيين كانوا منشغلين بمطاردة أسامة بن لادن ولم تطرح القضية العراقية " بأي طريقة منهجية" حيث أنه "لدينا الكثير من الأعمال في إنائنا".
وصف الباحث من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذي سافر الى قطاعات تخصع للسلطة الكردية في شمال العراق ميشال روبين العراق بأنها"يشبه عش الدبابير"، مضيفا أنه "عندما تتعامل مع عش للدبابير، يجب عليك اما أن تتخلص منه أو أن تتركه وشأنه، حيث أن أسوأ ما يمكنك فعله هو ضربه مرة أو أثنتان مستخدما عصى، محركا كل الدبابير في داخله ومن ثم تبتعد عنه"، الأمر الذي مارسته الولايات المتحدة الأميركية لأكثر من عقد زمني.
واستخدم روبين عش الدبابير كدلالة مجازية للهيكلية المعقدة التي تتركب منها البلد، حيث تضم الفئة الكردية التي تشكل تقريبا 25 بالمئة من عدد السكان وتحكم اليوم بنسبة تدخل ضئيلة من صدام حسين المقاطعة الشمالية التي تبلغ 10 بالمئة من مساحة العراق، وكذلك الشيعة الذين يعتبرون الطائفة الأقوى في جنوب العراق، والذين يشكلون أكثر من 50 بالمئة من عدد السكان فيها.
تجدر الاشارة الى أن تعاون الدول المحيطة بالعراق هو أمر أساسي لتتمكن الولايات المتحدة الأميركية من اسقاط صدام حسين، حيث يعتبر مؤيدو خطة دونينغ بأنهم يعتمدون على الدعم الصامت من تركيا، ايران ومحتمل السعودية لنجاح الخطة. الا أن الدولة الوحيدة التي يبدوا أنها مستعدة لتشارك مسبقا في عملية كهذه هي الكويت التي تحررت من الاحتلال العراقي في عام 1991 بعد مساعدة القوات الأميركية لها.&&&