انقرة- قدم وزير الاقتصاد التركي كمال درويش الذي يحظى بشعبية واسعة والذي وضع خطة الاصلاح الاقتصادي الهادفة لاخراج تركيا من الازمة الاقتصادية استقالته اليوم في محاولة لتشكيل تحالف متين مع القوى الليبرالية الموالية للغرب تمهيدا لانتخابات تشرين الثاني(نوفمبر) المقبل.
وقال درويش صباح اليوم امام الصحافيين "لقد قدمت استقالتي اليوم لرئيس الوزراء".
وبعد ظهر اليوم اعلنت وكالة انباء الاناضول ان رئيس الوزراء التركي بولند اجاويد عين معصوم توركر، النائب في حزب اليسار الديموقراطي الذي يراسه اجاويد، وزيرا للاقتصاد خلفا لدرويش. والوزير الجديد سياسي غير معروف كثيرا عمل خاصة مفتشا ماليا ومحاضرا في مادة الاقتصاد في الجامعة وصحافيا.
وكانت استقالة درويش متوقعة بعد ان حثه رئيس الوزراء على الاختيار بين منصبه في الحكومة ونشاطاته السياسية الهادفة الى قيام جبهة موحدة لليسار المنقسم للمشاركة في الانتخابات المبكرة المقررة في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر.&وقال الوزير المستقيل "نحن في حاجة الى حكومة قوية تنبثق عن الانتخابات. امام تركيا طريق صعب ولكن بامكاننا تخطي العراقيل".
وشجب درويش التشتت في الحياة السياسية التركية حيث ينقسم اليسار واليمين على حد سواء الى عدة احزاب ما نجم عنه قيام تحالفات حكومية ضعيفة منذ سنوات.&وقال ان "التشتت السياسي الحالي هو مشكلة فعلية واعتقد ان علينا الخروج نهائيا من هذا الوضع. انني اركز جهودي من اجل هذا الهدف، فتمنوا لي التوفيق وحسن الحظ".
وقد اتاح انقسام الاحزاب السياسية الرئيسية، الناجم في غالب الاحيان عن نزاعات شخصية بين قادتها، لحزب المعارضة "العدالة والتنمية" (اسلامي، معتدل) الذي تمتد جذوره الى حزب "الرفاه" الاسلامي المحظورة، ان يتصدر نتائج استطلاعات الرأي بحصوله على 20% فقط من الاصوات.
والفوز المحتمل لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات قد يكون له انعكاسات كبيرة في هذا البلد الذي يعد غالبية مسلمة لكن يهيمن فيه الجيش، حامي العلمانية التركية، على الحياة السياسة.&ولم يوضح درويش ما اذا كان يعتزم الانضمام الى حزب "تركيا الجديدة" الذي شكله مؤخرا وزير الخارجية السابق اسماعيل جيم والذي تلقى دعمه.
وكان درويش وجيم، المواليان للغرب، اعلنا الاسبوع الماضي عزمهما على تشكيل كتلة متينة تتصدى لحزب العدالة والتنمية في تشرين الثاني/نوفمبر.&واعلنا انهما سينسقان خطواتهما للتأكد من "حصول اكثرية تؤمن بالاصلاحات وبنهج سياسي مبتكر على قاعدة عريضة من الحكم في تركيا".
وتاسس حزب "تركيا الجديدة" بدعم 60 نائبا استقالوا من حزب اجاويد الشهر الماضي بعد ازمة حكومية خطيرة وفي وقت تزايدت فيه المخاوف المتعلقة بمحاولات تركيا الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.
هذا الغليان السياسي الذي اججه تدهور صحة اجاويد والخلافات داخل الحكومة حول الاصلاحات اللازمة المطلوبة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي ارغم رئيس الوزراء البالغ من العمر 77 عاما على تقريب موعد الانتخابات الى تشرين الثاني/نوفمبر بعدما كانت مقررة اساسا في نيسان/ابريل 2003.
وكان درويش، نائب رئيس البنك الدولي سابقا، قد اتاح لتركيا الحصول على قرض بقيمة 16 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وقد انضم الى الحكومة السنة الماضية في محاولة لاخراج تركيا من الازمة الاقتصادية.
وتلقت الاسواق المالية التركية بارتياب مبادرة فريق جيم-درويش التي يمكن في حال نجاحها ان تبث نفحة ايجابية على الساحة السياسية التركية المنقسمة الى حد كبير والتي يهيمن عليها جيل من سياسيي المدرسة القديمة.
والاستقرار السياسي ضروري في تركيا ليس لاخراج البلاد من اسوأ ازمة اقتصادية تشهدها منذ عشرات السنين فحسب وانما ايضا لكي تتمكن من تحقيق طموحاتها بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي.
التعليقات