الرياض-&ايلاف: قال خبير مصري في مجال الاسكان ان تعيين الدكتورة نادية مكرم عبيد ممثلة شخصية للامين العام لجامعة الدول العربية في قضية السودان خطاء كبير ارتكبة عمرو موسى امين عام الجامعة.
وقال الدكتور ميلاد حنا ان الدكتورة عبيد وقع عليها الاختيار وهي في أميركا، ومازالت حتى الوقت الراهن تقيم هناك، وتحمل الجنسية الأميركية بجانب جنسيتها المصرية الأصل,,&هي الدكتورة نادية مكرم عبيد التي تم اختيارها في 12 نوفمبر الماضي ممثلة شخصية للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في قضية السودان، ولقيت مقابل ذلك حملة من الهجمات الشرسة التي قادها الدكتور ميلاد حنا على صفحات الصحف والمجلات المصرية والعربية، ولكن يبدو أن وزيرة البيئة المصرية السابقة الدكتورة نادية، فضلت الصمت وعدم الرد على هذه الحملة،ربما حتى تعود من أميركا وتتولى مهام عملها الجديد.
الدكتور ميلاد حنا يرى في شخصه - وبصراحة شديدة- أنه كان الأحق والأجدر بتولي هذا المنصب الرفيع، خاصة وأن البعض يصنفه في خانة "الخبراء القلائل" في الشأن السوداني، كما أنه قبطي وشماس سابق في الكنيسة المصرية، وخبير معروف في مجال الاسكان، وفضلاً عن هذا كله، هو أحد مؤسسي أسرة "وادي النيل" بالقاهرة، وهي جمعية أهلية تعنى بتنمية العلاقات الشعبية المصرية السودانية، وكان قد تم تأسيسها عام 1997، ورأسها الدكتور صبحي عبد الحكيم ثم الدكتور صوفي أبوطالب.
أما الدكتورة نادية مكرم عبيد فهي تنتمي الى أسرة سياسية عريقة أنجبت لمصر مكرم عبيد سكرتير عام الوفد القديم لسنوات طويلة، وكانت وزيرة ناجحة للبيئة في مصر، وعملت في أكثر من هيئة دولية وتملك ثقافة سياسية رفيعة المستوى.غضب ميلاد حنا من اختيار نادية مكرم عبيد في هذا المنصب وصل الى حد وصف الأخيرة بأنها مثل "البصلة" التي أفطر عليها السودانيون بعد صوم طويل، مؤكداً أنها لا تفهم في السودان، ولا تعرف خريطته السياسية ولا تاريخه ولا تعقيدات المشكلة السودانية، وأضاف "ان معلوماتها في كل هذه المسائل تساوي صفراً"!!.
سهام واتهامات ميلاد حنا لم تقف فقط عند شخصية الدكتورة نادية مكرم عبيد، بل طالت ايضاً "بيت العرب" والأمين العام عمرو موسى حيث قال "ان موسى ارتكب بهذا الاختيار مخالفة اجرائية تتناقض مع ميثاق جامعة الدول العربية التي فوضته في اختيار من يمثله في مفاوضات السلام السودانية بالاتفاق مع كافة الأطراف السودانية وهو لم يفعل ذلك,, وأشار الى "سذاجة" الجامعة العربية في اتخاذ هذا القرار، وقال "ان الذين اتخذوا هذا القرار تصوروا أن ميزاته لا تنبع من حجم المعرفة بالسودان، ولا من موافقه جميع الأطراف عليه ولكن من أن الشخص المختار مجرد "قبطي".
وفي المحصلة النهائية لانتقاداته يقول ميلا حنا كما نقلت عنة صحيفة الراْي العام الكويتية "ان مصر خسرت جنوب السودان عندما رفضت الاعتراف بحقه في تقرير مصيره ويبدو أنه باختيار نادية مكرم عبيد نكون قد خسرنا السودان كله بالمسوجر",. ويمكن فهم أبعاد هذا الانتقاد الحاد من ميلاد حنا للوزيرة اذا ما ذكرنا أن اسم الدكتور ميلاد حنا أحد أبرز المرشحين للمنصب الى أن تم اختيار الدكتورة نادية.
ويشارك الدكتور ميلاد حنا في انتقاداته لاختيار نادية مكرم عبيد الكاتب الصحافي المتخصص في الشأن السوداني يوسف الشريف الذي لا يرى أي سبب أو مبرر مقنع لديه يفسر اختيار نادية في هذا المنصب، فهو على مدى أربعين عاماً متصلة من متابعة الشأن السوداني لم ير للدكتورة نادية أية اهتمامات بالسودان ولم يقرأ لها بحثاً أو حتى مقالا أو مداخلة عن السودان، ويرجع يوسف الشريف اختيار نادية الى "النوايا الحسنة" لمتخذي هذا القرار ويقول "ربما لأن والدها المغفور له مكرم عبيد من زعامات حزب الوفد القديم حين كانت المسألة السوادنية على رأس قائمة أولوياته السياسية، ولكن من حق كل مواطن أن يتساءل ان كانت النيات أو الارث السياسي أو حتى الاهتمامات بشؤون البيئة تمثل المؤهلات المطلوبة على مقاس المنصب المذكور آنفاً,,
ويضيف "اننا نشفق عليها من ثقل المسؤولية وعناء المهمة، فمن المتعين عليها أن تقرأ ما وسعها عن مشكلات السودان المترامي الأطراف والمتعدد القوميات والأعراق والثقافات والأديان، وأن تسرع الى معرفة أوضاعه ميدانياً عبر التجوال في ربوعه على امتداد مليون ميل مربع، وأن تنسج العلاقات مع زعاماته واعلامه ومفكرية",, وينصح الشريف نادية قائلاً: "لعلها تستمع الى نصيحتنا المخلصة وتعتذر عن قبول التكليف لأن الوقت والظروف في غير صالحها والمهمة في غير تخصصها".
ومن جانبه يتصدى رئيس اللجنة المصرية للتضامن الافرواسيوي والكاتب الصحافي في "روزاليوسف" أحمد حمروش لحملة ميلاد واتهاماته لنادية وموسى والجامعة قائلاً: "ان المناقشة الموضوعية مع أسلوب الدكتور ميلاد حنا تبدو صعبة لعلاقة خاصة تربطني به، ولكن بعد نشر كلمات الدكتور ميلاد في كل مكان فان القضية أصبحت قضية عامة من حق الجماهير أن تعرف الحقيقة فيها".
ويبدأ أحمد حمروش الرد على سهام ميلاد ضد الأمين العام للجامعة العربية قائلاً: "كان حرياً بالدكتور ميلاد أن يدرك أن موسى لا يصدر قرارات منفردة يمكن أن يتهمها بالسذاجة، لأنه لابد أنه تشاور مع المجموعة المسؤولة حوله وأن السذاجة ابعد ما تكون عن صفات الأمين العام "ويشير حمروش الى خطأ آخر وقع فيه ميلاد عندما قال ان اختيار نادية يعود الى كونها قبطية مثله" ويقول انه وقع في خطأ مزدوج، لأنه ليس شرطاً لمندوب أو موظف الجامعة أن يكون قبطياً، والمهم أن تكون نظرته شاملة وواعية,, "كما أنني لست أدرى سبب اثارة ميلاد لهذه النقطة التي يفرق فيها بين ديانات المصريين، ونحن نتعامل مع السودانيين كمصريين تجمعهم وحدة وطنية لاشك فيها، ونحرص على أن يكون السودان ايضاً أرضاً لجميع الأديان التي تتعدد هناك بشكل ملحوظ ويضيف أحمد حمروش "ان هذه الأقوال التي رددها الدكتور ميلاد حنا تشير، اذا صحت، الى أنه يعالج القضايا العامة برؤية خاصة، وينظر الى الشؤون الموضوعية نظرة ذاتية ويعطي أحكاماً لا تقترن بالحرص على المصلحة العامة بين الشعبين الشقيقين ويبدو في مظهر الذي يتحسر على فرصة ضائعة رغم قوله ان المناصب لا تهمه لأنه لو كانت تهمه لأصبح وزيراً للاسكان منذ 20 عاماً".
ويقول في ختام مقاله، ان موقف الدكتور ميلاد حنا من قضية اختيار السيدة نادية مكرم عبيد هو موقف يحتاج الى مراجعة من نفسه ونقد ذاته حتى يحتفظ الذين يعرفونه بصورة تتناسب مع ما يحملونه في نفوسهم له من تقدير والأمر عندئذ لن يسيء اليه لأن الوقوع في الخطأ ليس عيباً، ولكن العيب هو الاستمرار في الخطأ".
وتستطلع "الرأي العام" آراء بعض الشخصيات السودانية المقيمة بالقاهرة حول نظرتهم الى اختيار الدكتورة نادية مكرم عبيد في منصب ممثلة الأمين العام للجامعة العربية في قضية السودان ويقول نائب رئيس التجمع الوطني المعارض الفريق عبد الرحمن سعيد "ان تعيين الدكتورة نادية في هذا المنصب جاء في الوقت المناسب، حيث أن هذا القرار يساعد على تفعيل الدور العربي في القضيةالسودانية التي كادت أن تأخذ منحى أفريقيا بعيداً عن التواجد العربي",, ويذكر الفريق عبد الرحمن سعيد ترحيب المعارضة السودانية باختيار السيدة نادية مكرم عبيد في هذا المنصب، خاصة أنها من مصر، والمصريون هم أقرب الناس الى قضية السودان وينبغي أن يكون لها دور أكبر في القضية السودانية، ويقول إنه سواء كان تم اختيار أي شخصية أخرى غير الدكتورة نادية فان المطلوب منها أو من هذه الشخصية أن تدرس القضية السودانية جيداً، لأن مشكلة السودان شديدة التعقيد ولا تقتصر فقط على مشكلة الشمال والجنوب.
ويرحب الناطق الرسمي للتجمع الوطني حاتم السر على كذلك بتعيين الدكتورة نادية في هذا المنصب ويقول: ان التجمع مستعد للتعاون معها بصدر رحب لحل القضية السودانية حلا شاملاً يرضي جميع الأطراف، وأضاف أن رئيس التجمع الوطني السيد محمد عثمان الميرغني ظل باستمرار ينادي بضرورة أن يكون هناك دور عربي في قضية السودان.
ونفى ممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان غوركوج ما تردد عن اعتراض قائد الحركة "جون غارانغ" على اختيار الدكتورة نادية مكرم عبيد، وطالبها بالتركيز في بداية عملها على الجانب الانساني والعمل على تنميه الجنوب الذي دمرته الحرب وتوصيل المساعدات الانسانية لضحاياها واشار كوج أن الدكتورة نادية ستقابلها بعض الصعوبات أثناء عملها وذلك لأنها غير متخصصة في الشأن السوداني ولكن الحركة ستقوم بتقديم كافة المساعدات لها في سبيل انجاح مهمتها.
ومن جانبه يطالب العضو القيادي في حزب الاتحاد السوداني الدكتور أبو الحسن فرح جامعة الدول العربية أن تقدم الدعم للدكتورة نادية في مهمتها المقبلة ويقول: ان الزوبعة الأخيرة التي نتجت عن اختيار الدكتورة نادية لاصلة للمعارضة السودانية بها، فالأختيار تم نتيجة لرؤى معينة تتناسب مع سياسات الدول العربية".