مصـباح الغـفري
&
&

حرف " لحاء" الذي اختص الباري عز وجل لغتنا العربية الشريفة به، هو الدليل الكافي الوافي على "حكمة " القيادات التاريخية، أفلا تَرون إلى هذا الحرف الخاص جداً، كيف تبتديء به معظم الكلمات، إبتداءً من حرية السوق وحرية تعديل الدستور وانتهاءً بالحصار والحشيش؟
&يستطيع كل أعرابي اليوم أن يرفع رأسه عالياً، لأن حرف الحاء يحرس منجزاتنا القومية وانتصاراتنا على العدو الصهيوني الشرس وعلى العنجهية العسكرية للولايات المتحدة وإسرائيل، اليوم نقول للأعداء : موتوا بغيظكم فأنتم لا تستطيعون النطق بهذا الحرف، و لا تعرفون أسراره التي نعلقها كحجاب الحصن الحصين لحماية أنظمتنا من العين والحسد، لاحظوا أيضاً أن الحسد كلمة تبدأ بحرف الحاء!
&قبل البدء بدراسة " علمية " لأسرار حرف الحاء، أود أن أروي للقراء الكرام هذه الطرفة التي رواها لي المرحوم سعيد إيبو، قال طيب الله ثراه :
-&ذهبت لزيارة صديقين في حي الأكراد في دمشق استقالا من الشرطة، وافتتحا بقالية في الحي، وصلت فإذا الدكان ليس فيها من البضاعة غير بضع قطرميزات معبأة بالفستق السوداني وبزر البطيخ، وثمة أيضاً كمية من الخيار والبندورة، وقد علقت على باب المحل لافتة كبيرة كتب عليها : ملا وشيخاني وشركاهم، وفي صدر المحل لوحة بالخط الثلث : الحسود لا يسود!
&ولم يحسد سعيد إيبو صديقيه على ما رزقهما الله، فلم يكن هناك من مبرر للحسد، كما أننا لانحسد القيادات التاريخية على ما تتمتع به من حكمة وحصافة وحرية وحضور ذهن، فالله إذا أعطى أدهش، وإذا أخذ فتّش وبَحبش!
&ولأن ذلك كذلك، حسب التعبير المفضل لصديقنا أبو حيان التوحيدي، فقد رأيت أنا العبد الفقير إليه تعالى أبو يسار الدمشقي، أن أدلي بدلوي وأقدم هذه المساهمة في المعركة القومية، باستكشاف الآفاق الحضارية لحرف الحاء الذي هو حرف عربي الوجه واللسان والسحنة.
&إعلم سدد الله خطاك، أن للحروف أسراراً كما أن للأرقام أسراراً، ومن أهم أسرار حرف الحاء، أن المدن التي يبدأ اسمها به لابد أن تصاب بنكبة أو بلوثة، ولنا في حلبجة وحماه وحلب وحمص أسوة حسنة! كما أن كلمات مثل الحكمة والحماقة، الحرية والحظر، الحشد والحصار، الحزب والحرب، حجر، حتف، حبر، حبل مشنقة، حذف مقال من قبل الرقابة، حنث باليمين الدستورية للحفاظ على أرض الوطن، حرص على المكاسب والعمولات، حزن من الوضع العربي المتردي، حسرة الباكي على لواء الإسكندرون، حصاد النتائج الوخيمة لسياسة القمع، حصة سيادة الرفيق المناضل وأقاربه وأصهاره وأخواله وأخوال زوجته، من واردات النفط، كل ذلك يبدأ بهذا الحرف، وهذه ليست مصادفة أبداً، بل هي تدخل ضمن أسرار حرف الحاء حفظه الله!
&تقول أيضاً : حققت أجهزة الأمن مع المشبوهين، حقدت الدولة على المنتقدين، حَلَبَ معالي الوزير ناقة الوزارة، حَلَقَ الشرطي للسجين على الصفر، حَنى المواطن ظهره من الذل، حشدت المخابرات الناس للخروج في مسيرة تأييد ، حاص يحوص حوصاً فهو حائص!
&ولا ننسى "حتى"! فقد قضى الكسائي حياته يحصي حالاتها فأحصى لها ستاً وثمانين حالة، ومات وفي نفسه شيء من حتى!
&فيا أخي العربي في تبوك ونجران، في صنعاء وتلمسان، في الاسكندرون وجنوبي لبنان، حتى لاتموت من الكمد، فلا يدري بموتك أحد، إمش من الحائط إلى الحائط وقل : نسأل الله الستر! دَع حرية الكلام والصحافة واستمسك بحرية السوق فهي خير وأبقى! وتذكر دائماً القاعدة القانونية " الحيازة في المنقول سندٌ لملكيته " وتأكد أن الحزب القائد والقائد شخصياً، أشياء منقولة يمكن نقل ملكيتها بالحيازة ووضع اليد.
&عندما تولى زياد بن أبيه على العراق، سأل :
ـ من على الحرس؟
&قيل له : فلان. أجاب : هذا رجلٌ يُحتَرَسُ منه ولا يُحترس به!
&وهذا من أسرار الحراسة التي أدمنها الحرس العربي منذ أربعة عشر قرناً، وهي تندرج في أسرار حرف الحاء الذي نحن في صدده.
&كلمة أخيرة، ماهو الفرق بين الحشود العسكرية والحرب على مصر في الخمسينيات من القرن الماضي، والحشود الأميركية البريطانية وما تبعها من حرب واحتلال للعراق في مطلع القرن الحادي والعشرين؟
&الفرق هو بين حشـــد يتصدى له الشعب، وحشر لأولي الأمر في خانة اليَك، والله أعلم!