يحي أبوزكريّا
&
الحلقة الأولى
تقع دولة موريتانيا في الشمال الافريقي أو المنطقة التي تعرف باسم المغرب العربي، وتحدّها من الشمال الشرقي الجزائر ومن الشرق والجنوب الشرقي مالي ومن الجنوب السنغال التي يفصلها عنها نهر السنغال و من الغرب المحيط الأطلسي ومن الشمال الغربي الصحراء الغربية والمغرب.
ومناخ موريتانيا صحراوي جاف بدءا من شهر تشرين الثاني نوفمبر والى شهر حزيران يونيو -، أمّا مساحة موريتانيا فتبلغ 1.030.000كلم مربع وعدد سكانها حوالي المليونين حسب أخر الاحصاءات في التسعينيات.
وقد نزح سكان موريتانيا من شمال افريقيا أثناء ازدهار الحضارة القفصيّة في العصر الحجري الجديد وأستقرّوا في شمال البلاد في مناطق بئر بوغرين وزويرات ونواذيبو.
وفي نفس الفترة نزحت قبائل من افريقيا السوداء الى موريتانيا وأستقرّت في الجنوب الموريتاني وهم المعروفون اليوم باسم الزنوج الموريتانيين. وحسب الباحثين فانّ 80 في المائة من السكان الموريتانيين هم من البربر والعرب الحسانيين أو البيضان أي البيض وهؤلاء يقطنون في الشمال الموريتاني وفي الوسط، أمّا الزنوج الموريتانيون فيقطنون في جنوب موريتانيا وهم ينحدرون من النيجر والسنغال ومالي وينتمون الى عدة قبائل مثل بسبرة وسركولي والولوف وتوكولير و البيد.
والعاصمة الموريتانية هي نواكشوط، أمّا المدن الرئيسية فهي نواذيبو وقايدي و زويرات وروسو وأطار وكيفة.
واللغة العربية هي اللغة الأصلية والغالبة في موريتانيا مع وجود مكثّف للغة الفرنسية المنتشرة خصوصا في وسط الزنوج الموريتانيين، وقد نصّ البند الثالث من أول دستور موريتاني لعام 1961 بعد التعديل على أنّ اللغتين العربية والفرنسية هما لغتان رسميتان في البلاد.
أمّا الديانة السائدة في موريتانيا فهي الاسلام وحسب الدستور الموريتاني فانّ الاسلام هو دين الدولة. وتفيد بعض الدراسات المتخصصة أنّ موريتانيا كانت مأهولة بالسكان منذ عصور ما قبل التاريخ ، كما أنّ العديد من الحضارات قد توالت على موريتانيا منها الحضارة العثيرية أثناء العصر الحجري والعصور الوسطى والعليا، والحضارة الحفصية التي انطلقت من تونس والتي تأثرّت بحضارة وادي النيل. وفي هذه الحقبة التاريخية انتقل الانسان الموريتاني من مرحلة الرعي وتربية المواشي الى مرحلة الزراعة ومنها الى عصر التجارة.
وكبقية الأقطار المغاربية فقد تعرضّت موريتانيا للاحتلال والغزو الفينيقي والروماني، وقد أقام الفينيقيون على سواحل موريتانيا مراكز تجارية متعددة أشهرها ليكس والتي سمّاها الرومان فيما بعد ليكسوس وهي العراش حاليا، وأستمرّ الفينيقيون يشرفون على المناطق الساحلية الموريتانية الى أن أنهزموا أمام الرومان في الحروب البونيقية في 146 قبل الميلاد.
أمّا الاسلام فقد دخل الى موريتانيا مع موسى بن نصير في سنة 708 بعد الميلاد حيث عندما وطدّ المسلمون وجودهم في بلاد المغرب انطلقوا جنوبا نحو موريتانيا لمواصلة نشر الدعوة الاسلامية، وقد أدرك المسلمون أهمية موريتانيا من حيث موقعها الجيوسياسي الحسّاس باعتبارها واقعة على طريق استيراد الذهب من غربي افريقيا.
وقد لعبت موريتانيا دورا بارزا في اثراء الحضارة الاسلامية وأصبحت مركز اشعاع علمي وثقافي، وكانت الدولة الموحديّة التي وحدّت المغرب العربي تأسسّت في منطقة السوس المتداخلة بين المغرب وموريتانيا بقيادة المهدي بن تومرت، وحتى في العهد الفاطمي لعبت موريتانيا دورا كبيرا في توطيد أركان الدولة الفاطمية الاسماعيلية، ومعروف أنّ العرب الحسّانيين الذين يشكلّون النسبة العالية من سكان موريتانيا هم من قبائل معقل التي زحفت مع الهلاليين وبني سليم بأمر من الخليفة الفاطمي في مصر.
ولأنّ موريتانيا تحتلّ موقعا استراتيجيا فقد تحولّت الى محل أطماع الغربيين وتحديدا دول جنوب حوض المتوسط كالبرتغال، وقد بدأ اهتمام البرتغاليين بموريتانيا منذ النصف الأول من القرن الخامس عشر، ففي عام 1434 ميلادية نزل القائد البحري جيل أيانيش لأول مرة في رأس بوغديد الصحراوية التي كانت في ذلك الوقت جزءا من مورتانيا.
وقد كتب العديد من الرحالة البرتغاليين الكثير من المعلومات و الكثير من الكتب عن موريتانيا وشعبها في ذلك الوقت، كما أنشأ البرتغاليون مراكز للعبيد حيث كان القراصنة البرتغاليون يخطفون الموريتانيين ويبيعونهم في أسواق الرقيق في أوروبا.
وكثيرا ما أستغلّ البرتغاليون الصراعات المستفحلة بين البراكنة والطرارزة وهما قبيلتان تنتميان الى العرب الحسانيين لبسط سيطرتهم على موريتانيا ونفس الصراعات خدمت الهولنديين ومن بعدهم البريطانيين و الفرنسيين الذين استولوا على أقطار المغرب العربي.
وكانت فرنسا وبريطانيا تتقاسمان النفوذ في موريتانيا وفي سنة 1854 خطت فرنسا خطوة كبيرة نحو موريتانيا عندما أشرف الوالي الفرنسي فيديريب على تجهيز حملة عسكرية على قبيلة الطرارزة والتي كانت شرسة في معارضة الوجود الغربي في موريتانيا، وكان هدف الحملة الفرنسية اعادة الأمن والاستقرار الى موريتانيا بزعم الفرنسيين، وتمكنّت فرنسا من فرض شروطها على أمير الطرارزة محمد الحبيب الذي خضع للفرنسيين حفاظا على موقعه وهذا ما دفع بعض الموريتانيين المناوئين للاستعمار الفرنسي الى اغتياله سنة 1860.
وفي 27 كانون الأول ديسميبر 1899 صدر قرار حكومي فرنسي بتأسيس دولة موريتانيا الفرنسية، ولاسكات اسبانيا التي كان لها وجود في موريتانيا اتفقت فرنسا معها عام 1900 على أن يمتدّ النفوذ الاسباني الى الصحراء الغربية شمالي الرأس الأبيض.
وفي مؤتمر الجزيرة الخضراء الذي انعقد عام 1906 بمشاركة الدول الأوروبية المتنافسة على موريتانيا وهي : فرنسا وبريطانيا وألمانيا واسبانيا تقررّ أن تكون منطقة شمال وغربي افريقيا تحت السيطرة الفرنسية.
ومن أجل ادماج موريتانيا بشكل كامل في فرنسا أصدرت فرنسا قرارا يقضي بأنّ موريتانيا يحق لها ترشيح نائب واحد يمثلها في الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان -.
وسمح هذا القرار بتأسيس تيارات سياسية موريتانية والتي منها :
-&الاتحاد التقدمي الديموقراطي.
-&حزب الوفاق الموريتاني .
وكان يتزعم حزب الوفاق الموريتاني خورما ولد بابانه وكان عميلا للسلطات الفرنسية وقد أسسّ حزبه للتصدي للزعماء الدينيين التقليديين الذين كان لهم دور كبير في تاريخ موريتانيا.
وفي سنة 1956 أخذت فرنسا تفكّر في ادارة مستعمراتها في الشمال الافريقي بطريقة مغايرة حتى تتمكنّ من التصدي للثورة الجزائرية التي باتت تهددّ الوجود الفرنسي برمته في الشمال الافريقي، فأنشأت فرنسا في موريتانيا مجلسا حكوميّا رئيسه فرنسي ونائب رئيسه موريتاني، وكان هذا الموريتاني هو زعيم الاتحاد التقدمي الموريتاني مختار ولد داده.
وبعد استقلال المغرب اصطدم ولد داده معها لأنها كانت تطالب بضمّ موريتانيا الى المغرب، ورفع شعار استقلال موريتانيا، أمّا خصمه السياسي خورما ولد بابانه فقد كان مؤيدا لفكرة انضمام موريتانيا الى المغرب.
وقد دعم الفرنسيون مختار ولد داده وقرروا أن تكون نواكشوط عاصمة الدولة الموريتانية والتي أختارت فرنسا رئيسها وهو مختار ولد داده.
وفي 28 تشرين الثاني نوفمبر 1960 منحت فرنسا الاستقلال لموريتانيا، وأنتقلت حكومة موريتانيا الاسلامية برئاسة مختار ولد داده والذي كان عمره في ذلك الوقت 36 سنة من سانت لويس بالسنغال الى نواكشوط عاصمة موريتانيا الفتيّة، وفي 1961 أصبحت موريتانيا عضوا كاملا في الأمم المتحدة رغم معارضة المغرب التي لم تعترف بموريتانيا كدولة مستقلة الاّ في سنة 1969.
ومناخ موريتانيا صحراوي جاف بدءا من شهر تشرين الثاني نوفمبر والى شهر حزيران يونيو -، أمّا مساحة موريتانيا فتبلغ 1.030.000كلم مربع وعدد سكانها حوالي المليونين حسب أخر الاحصاءات في التسعينيات.
وقد نزح سكان موريتانيا من شمال افريقيا أثناء ازدهار الحضارة القفصيّة في العصر الحجري الجديد وأستقرّوا في شمال البلاد في مناطق بئر بوغرين وزويرات ونواذيبو.
وفي نفس الفترة نزحت قبائل من افريقيا السوداء الى موريتانيا وأستقرّت في الجنوب الموريتاني وهم المعروفون اليوم باسم الزنوج الموريتانيين. وحسب الباحثين فانّ 80 في المائة من السكان الموريتانيين هم من البربر والعرب الحسانيين أو البيضان أي البيض وهؤلاء يقطنون في الشمال الموريتاني وفي الوسط، أمّا الزنوج الموريتانيون فيقطنون في جنوب موريتانيا وهم ينحدرون من النيجر والسنغال ومالي وينتمون الى عدة قبائل مثل بسبرة وسركولي والولوف وتوكولير و البيد.
والعاصمة الموريتانية هي نواكشوط، أمّا المدن الرئيسية فهي نواذيبو وقايدي و زويرات وروسو وأطار وكيفة.
واللغة العربية هي اللغة الأصلية والغالبة في موريتانيا مع وجود مكثّف للغة الفرنسية المنتشرة خصوصا في وسط الزنوج الموريتانيين، وقد نصّ البند الثالث من أول دستور موريتاني لعام 1961 بعد التعديل على أنّ اللغتين العربية والفرنسية هما لغتان رسميتان في البلاد.
أمّا الديانة السائدة في موريتانيا فهي الاسلام وحسب الدستور الموريتاني فانّ الاسلام هو دين الدولة. وتفيد بعض الدراسات المتخصصة أنّ موريتانيا كانت مأهولة بالسكان منذ عصور ما قبل التاريخ ، كما أنّ العديد من الحضارات قد توالت على موريتانيا منها الحضارة العثيرية أثناء العصر الحجري والعصور الوسطى والعليا، والحضارة الحفصية التي انطلقت من تونس والتي تأثرّت بحضارة وادي النيل. وفي هذه الحقبة التاريخية انتقل الانسان الموريتاني من مرحلة الرعي وتربية المواشي الى مرحلة الزراعة ومنها الى عصر التجارة.
وكبقية الأقطار المغاربية فقد تعرضّت موريتانيا للاحتلال والغزو الفينيقي والروماني، وقد أقام الفينيقيون على سواحل موريتانيا مراكز تجارية متعددة أشهرها ليكس والتي سمّاها الرومان فيما بعد ليكسوس وهي العراش حاليا، وأستمرّ الفينيقيون يشرفون على المناطق الساحلية الموريتانية الى أن أنهزموا أمام الرومان في الحروب البونيقية في 146 قبل الميلاد.
أمّا الاسلام فقد دخل الى موريتانيا مع موسى بن نصير في سنة 708 بعد الميلاد حيث عندما وطدّ المسلمون وجودهم في بلاد المغرب انطلقوا جنوبا نحو موريتانيا لمواصلة نشر الدعوة الاسلامية، وقد أدرك المسلمون أهمية موريتانيا من حيث موقعها الجيوسياسي الحسّاس باعتبارها واقعة على طريق استيراد الذهب من غربي افريقيا.
وقد لعبت موريتانيا دورا بارزا في اثراء الحضارة الاسلامية وأصبحت مركز اشعاع علمي وثقافي، وكانت الدولة الموحديّة التي وحدّت المغرب العربي تأسسّت في منطقة السوس المتداخلة بين المغرب وموريتانيا بقيادة المهدي بن تومرت، وحتى في العهد الفاطمي لعبت موريتانيا دورا كبيرا في توطيد أركان الدولة الفاطمية الاسماعيلية، ومعروف أنّ العرب الحسّانيين الذين يشكلّون النسبة العالية من سكان موريتانيا هم من قبائل معقل التي زحفت مع الهلاليين وبني سليم بأمر من الخليفة الفاطمي في مصر.
ولأنّ موريتانيا تحتلّ موقعا استراتيجيا فقد تحولّت الى محل أطماع الغربيين وتحديدا دول جنوب حوض المتوسط كالبرتغال، وقد بدأ اهتمام البرتغاليين بموريتانيا منذ النصف الأول من القرن الخامس عشر، ففي عام 1434 ميلادية نزل القائد البحري جيل أيانيش لأول مرة في رأس بوغديد الصحراوية التي كانت في ذلك الوقت جزءا من مورتانيا.
وقد كتب العديد من الرحالة البرتغاليين الكثير من المعلومات و الكثير من الكتب عن موريتانيا وشعبها في ذلك الوقت، كما أنشأ البرتغاليون مراكز للعبيد حيث كان القراصنة البرتغاليون يخطفون الموريتانيين ويبيعونهم في أسواق الرقيق في أوروبا.
وكثيرا ما أستغلّ البرتغاليون الصراعات المستفحلة بين البراكنة والطرارزة وهما قبيلتان تنتميان الى العرب الحسانيين لبسط سيطرتهم على موريتانيا ونفس الصراعات خدمت الهولنديين ومن بعدهم البريطانيين و الفرنسيين الذين استولوا على أقطار المغرب العربي.
وكانت فرنسا وبريطانيا تتقاسمان النفوذ في موريتانيا وفي سنة 1854 خطت فرنسا خطوة كبيرة نحو موريتانيا عندما أشرف الوالي الفرنسي فيديريب على تجهيز حملة عسكرية على قبيلة الطرارزة والتي كانت شرسة في معارضة الوجود الغربي في موريتانيا، وكان هدف الحملة الفرنسية اعادة الأمن والاستقرار الى موريتانيا بزعم الفرنسيين، وتمكنّت فرنسا من فرض شروطها على أمير الطرارزة محمد الحبيب الذي خضع للفرنسيين حفاظا على موقعه وهذا ما دفع بعض الموريتانيين المناوئين للاستعمار الفرنسي الى اغتياله سنة 1860.
وفي 27 كانون الأول ديسميبر 1899 صدر قرار حكومي فرنسي بتأسيس دولة موريتانيا الفرنسية، ولاسكات اسبانيا التي كان لها وجود في موريتانيا اتفقت فرنسا معها عام 1900 على أن يمتدّ النفوذ الاسباني الى الصحراء الغربية شمالي الرأس الأبيض.
وفي مؤتمر الجزيرة الخضراء الذي انعقد عام 1906 بمشاركة الدول الأوروبية المتنافسة على موريتانيا وهي : فرنسا وبريطانيا وألمانيا واسبانيا تقررّ أن تكون منطقة شمال وغربي افريقيا تحت السيطرة الفرنسية.
ومن أجل ادماج موريتانيا بشكل كامل في فرنسا أصدرت فرنسا قرارا يقضي بأنّ موريتانيا يحق لها ترشيح نائب واحد يمثلها في الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان -.
وسمح هذا القرار بتأسيس تيارات سياسية موريتانية والتي منها :
-&الاتحاد التقدمي الديموقراطي.
-&حزب الوفاق الموريتاني .
وكان يتزعم حزب الوفاق الموريتاني خورما ولد بابانه وكان عميلا للسلطات الفرنسية وقد أسسّ حزبه للتصدي للزعماء الدينيين التقليديين الذين كان لهم دور كبير في تاريخ موريتانيا.
وفي سنة 1956 أخذت فرنسا تفكّر في ادارة مستعمراتها في الشمال الافريقي بطريقة مغايرة حتى تتمكنّ من التصدي للثورة الجزائرية التي باتت تهددّ الوجود الفرنسي برمته في الشمال الافريقي، فأنشأت فرنسا في موريتانيا مجلسا حكوميّا رئيسه فرنسي ونائب رئيسه موريتاني، وكان هذا الموريتاني هو زعيم الاتحاد التقدمي الموريتاني مختار ولد داده.
وبعد استقلال المغرب اصطدم ولد داده معها لأنها كانت تطالب بضمّ موريتانيا الى المغرب، ورفع شعار استقلال موريتانيا، أمّا خصمه السياسي خورما ولد بابانه فقد كان مؤيدا لفكرة انضمام موريتانيا الى المغرب.
وقد دعم الفرنسيون مختار ولد داده وقرروا أن تكون نواكشوط عاصمة الدولة الموريتانية والتي أختارت فرنسا رئيسها وهو مختار ولد داده.
وفي 28 تشرين الثاني نوفمبر 1960 منحت فرنسا الاستقلال لموريتانيا، وأنتقلت حكومة موريتانيا الاسلامية برئاسة مختار ولد داده والذي كان عمره في ذلك الوقت 36 سنة من سانت لويس بالسنغال الى نواكشوط عاصمة موريتانيا الفتيّة، وفي 1961 أصبحت موريتانيا عضوا كاملا في الأمم المتحدة رغم معارضة المغرب التي لم تعترف بموريتانيا كدولة مستقلة الاّ في سنة 1969.
&
أثار فرنسا في موريتانيا
في نواكشوط العاصمة الموريتانية التي تعتبر من أصغر العواصم العربية عمرا أثار كثيرة خلفهّا الاستعمار الفرنسي، فنواكشوط لم تكن سوى ثكنة عسكرية فرنسية على الطريق الاستعماري الذي يربط شمال افريقيا بغربها، وكانت نواكشوط منطقة متوسطة نسبيا بين المناطق التعدينية في الشمال والمناطق الزراعية في الجنوب وبين المناطق السكانية ذات الكثافة جنوبا وتلك الموغلة شمالا.
وفي العاصمة الموريتانية يبصر الزائر الرجال في الطرقات يرتدون زيّهم المميّز الدرّاعة وهي عباءة خاصة مفتوحة من الجانبين بلا أكمام وغالبا ما يكون لونها أزرق وفي الأغلب يضعون المسواك في أفواههم.
ومن يتجوّل في شوارع نواكشوط وفي المدن الموريتانية المختلفة يلحظ المفارقة الكبيرة المتمثلة في الحيرة بين الماضي والحاضر، بين المجتمع التقليدي الضارب بجذوره في الصحراء والذي مازال يقوم على أسس عشائرية وبين المستقبل الذي يتساوى فيه المواطنون في اطار الوطن الواحد.
فموريتانيا تمرّ بمرحلة دقيقة بين مجتمع العشائر ومجتمع الانتماء الواحد ولعلّ صدور قانون الاصلاح الزراعي الذي يلغي ملكية القبيلة هو أول محاولة لاقتحام أوضاع الصحراء والتأثير عليها وصهرها في المجتمع الحديث. فالمجتمع الموريتاني ينقسم بحدة الى فئات اجتماعية تقوم على الأنساب بشكل صارم ومن المألوف أن تحتفظ كل قبيلة في مكان أمين بشجرة العائلة التي تحددّ القبيلة الأصلية التي تنحدر منها وتنتمي اليها ويتمثل مقياس الشرف عند البدوي في نقاء نسبه و يرفض الاعتراف بأبناء القبيلة اذا كانوا ثمرة اتصال غير متكافئ.
والمجتمع الموريتاني كما يقول الباحث الدكتور أبو العلا، قائم على البيضان والسودان ولفظ البيضان يطلق على الذين يتكلمّون اللغة العربية والسودان يطلق على الزنوج الذين يتكلمّون اللهجات الافريقية واللغة الفرنسية، ومثلما ركزّت فرنسا على بربر الجزائر والمغرب فقد ركزّت على السودان في موريتانيا في محاولة لخلق مشكلة اثنية.
وقد خرجت فرنسا من موريتانيا بعد أن أمتصّت خيراتها، ولم تترك بها شارعا واحدا مرصوفا وبقيت مدن القوافل القديمة في الصحراء على حالها، مما جعلها تستهلك دخلها المحدود في اقامة البنية الأساسية، ورغم أنّ موريتانيا قامت بوضع خطة استثمارية طموحة خلال السبعينات فانّ الجفاف والتصحّر وما صاحب ذلك من انخفاض الناتج الرعوي أدىّ الى عدم تنفيذها بالصورة المطلوبة.
وهذا لا يعني أنّ موريتانيا فقيرة، بل على العكس من ذلك فانّه يرقد في باطنها من الثروات والمياه ما لا يوجد في كثير من البلدان الأخرى ولكنّها مازالت أرضا بكرا لم تمسسها يد، وثروات موريتانيا دفينة تحت الرمال والجزء الضئيل المستثمر تحيط مؤامرات دولية فرنسية وأمريكية واسرائيلية تعرقل انتاجه. وحول مدينة شنقيط الموريتانية تقع ثروة موريتانيا الأسطورية الحديد الذي ينتشر على هيئة سلاسل جبلية، ويقال أنّه عند اندلاع الحرب العالمية الثانية شكا الطيارون من حدوث تغييرات على مؤشر البوصلة في طائراتهم في كل مرّة يطيرون فيها فوق الجبال المحيطة بشنقيط، وبعد أن توقفت الحرب جاء الخبراء الى تلك المنطقة لكشف سرّ الظاهرة وما كادوا يبدؤون عملهم حتى اتضحّ لهم أنّ جبال سفاريات وكديت الجلد ماهي الاّ كتلة هائلة من الحديد و تبث أنّ حجارة هذه الجبال تحتوي على 94،56 بالمائة من أكسيد الحديد وهذه النسبة تضارع أعلى نسبة حديد موجودة في العالم.
ومع كل هذه الثروات الطبيعية فانّ موريتانيا مازالت تعاني من أثار الاستعمار الفرنسي والتي تتجسّد في :
-&الأثار السياسية.
-&الأثار الاقتصادية.
-&الأثار الثقافية واللغوية.
-&الأثار العرقية والاثنيّة.
فعلى الصعيد السياسي فانّ فرنسا هي التي صاغت شكل النظام السياسي، وأشرفت على تعيين أول رئيس لموريتانيا وهو مختار ولد داده، وكان لديها نفوذ واسع داخل المؤسسة العسكرية الموريتانية صاحبة الحل والعقد في موريتانيا، وتمكّنت من ايصال النخبة الموريتانية الفرانكفونية الى دوائر القرار وهؤلاء هم الذين جعلوا اللغة الفرنسية لغة رسمية في موريتانيا شأنها شأن اللغة العربية.
وعلى الصعيد الاقتصادي نهبت فرنسا كل الثروات الموريتانية وخلفّت وراءها مجتمعا بلا مقومّات اقتصادية، وكانت سياسة فرنسا الاستعمارية تقضي عند تركها لأيّ منطقة تحتلها أن تبقيّها خالية الوفاض وحتى أنها كانت تستولي على أخر النقود الموجودة في خزينة الدولة.
وعلى الصعيد الثقافي فرضت فرنسا ثقافتها ونمطها التغريبي على الشعب الموريتاني وخلفّت النزعة العنصرية بين البيضان والسودان حيث نشبت العديد من الصراعات بين أبناء البلد الواحد.
وظلّت موريتانيا تتعرّض للمد والجزر بين أنصار اللغة العربية و أنصار اللغة الفرنسية، وكان الاستعمار الفرنسي قد استثمر تعدد اللهجات في شمال افريقيا وافريقيا عموما لصالحه، الى أن أصبحت اللغة الفرنسية أو الانجليزية لغات رسمية في العديد من الدول الافريقية.
وقد وقعت أول أزمة في هذا المجال سنة 1966 بسبب تنامي الأقليّات التي تتكلم اللهجات الافريقية المختلفة والتي رأت في اللغة الفرنسية أداة لتأكيد ذاتها بتشجيع من بعض الحكّام الأفارقة المتفرنسين ومن الدوائر الفرنسية نفسها.
وقد شهدت المدارس الموريتانية اضطرابات وصدامات بين كل من أنصار اللغة العربية والفرنسية، وتعقدّت الأزمة أكثر عام 1968 عندما أصدرت الحكومة الموريتانية قرارا يجعل اللغة العربية لغة رسمية الى جانب اللغة الفرنسية، وأعلنت الحكومة عزمها على احترام اللغات المحليّة المختلفة، وخصّصت وقتا في الاذاعة المسموعة لتلك اللغات، وكانت احصائيات سنة 1973 على سبيل المثال قد أظهرت أنّ الحاصلين على الثانوية العامة البكالوريا من الطلبة قد فاق 300 طالبا، ودون مائتين طالبا امتحنوا باللغة العربية فيما معظم الناجحين امتحنوا باللغة الفرنسية.
و أخذت اللغة العربية تواجه صعوبات جمّة في موريتانيا وصعب عليها أت تقف في وجه فرنسة الادارة والتعليم، وقد بذلت فرنسا كل الجهود لتشويه الأصالة الموريتانية حتى لا تنتشر اللغة العربية والاسلام في افريقيا. لأنّ موريتانيا كانت على الدوام جسرا بين افريقيا والحضارة العربية والاسلامية
وفي العاصمة الموريتانية يبصر الزائر الرجال في الطرقات يرتدون زيّهم المميّز الدرّاعة وهي عباءة خاصة مفتوحة من الجانبين بلا أكمام وغالبا ما يكون لونها أزرق وفي الأغلب يضعون المسواك في أفواههم.
ومن يتجوّل في شوارع نواكشوط وفي المدن الموريتانية المختلفة يلحظ المفارقة الكبيرة المتمثلة في الحيرة بين الماضي والحاضر، بين المجتمع التقليدي الضارب بجذوره في الصحراء والذي مازال يقوم على أسس عشائرية وبين المستقبل الذي يتساوى فيه المواطنون في اطار الوطن الواحد.
فموريتانيا تمرّ بمرحلة دقيقة بين مجتمع العشائر ومجتمع الانتماء الواحد ولعلّ صدور قانون الاصلاح الزراعي الذي يلغي ملكية القبيلة هو أول محاولة لاقتحام أوضاع الصحراء والتأثير عليها وصهرها في المجتمع الحديث. فالمجتمع الموريتاني ينقسم بحدة الى فئات اجتماعية تقوم على الأنساب بشكل صارم ومن المألوف أن تحتفظ كل قبيلة في مكان أمين بشجرة العائلة التي تحددّ القبيلة الأصلية التي تنحدر منها وتنتمي اليها ويتمثل مقياس الشرف عند البدوي في نقاء نسبه و يرفض الاعتراف بأبناء القبيلة اذا كانوا ثمرة اتصال غير متكافئ.
والمجتمع الموريتاني كما يقول الباحث الدكتور أبو العلا، قائم على البيضان والسودان ولفظ البيضان يطلق على الذين يتكلمّون اللغة العربية والسودان يطلق على الزنوج الذين يتكلمّون اللهجات الافريقية واللغة الفرنسية، ومثلما ركزّت فرنسا على بربر الجزائر والمغرب فقد ركزّت على السودان في موريتانيا في محاولة لخلق مشكلة اثنية.
وقد خرجت فرنسا من موريتانيا بعد أن أمتصّت خيراتها، ولم تترك بها شارعا واحدا مرصوفا وبقيت مدن القوافل القديمة في الصحراء على حالها، مما جعلها تستهلك دخلها المحدود في اقامة البنية الأساسية، ورغم أنّ موريتانيا قامت بوضع خطة استثمارية طموحة خلال السبعينات فانّ الجفاف والتصحّر وما صاحب ذلك من انخفاض الناتج الرعوي أدىّ الى عدم تنفيذها بالصورة المطلوبة.
وهذا لا يعني أنّ موريتانيا فقيرة، بل على العكس من ذلك فانّه يرقد في باطنها من الثروات والمياه ما لا يوجد في كثير من البلدان الأخرى ولكنّها مازالت أرضا بكرا لم تمسسها يد، وثروات موريتانيا دفينة تحت الرمال والجزء الضئيل المستثمر تحيط مؤامرات دولية فرنسية وأمريكية واسرائيلية تعرقل انتاجه. وحول مدينة شنقيط الموريتانية تقع ثروة موريتانيا الأسطورية الحديد الذي ينتشر على هيئة سلاسل جبلية، ويقال أنّه عند اندلاع الحرب العالمية الثانية شكا الطيارون من حدوث تغييرات على مؤشر البوصلة في طائراتهم في كل مرّة يطيرون فيها فوق الجبال المحيطة بشنقيط، وبعد أن توقفت الحرب جاء الخبراء الى تلك المنطقة لكشف سرّ الظاهرة وما كادوا يبدؤون عملهم حتى اتضحّ لهم أنّ جبال سفاريات وكديت الجلد ماهي الاّ كتلة هائلة من الحديد و تبث أنّ حجارة هذه الجبال تحتوي على 94،56 بالمائة من أكسيد الحديد وهذه النسبة تضارع أعلى نسبة حديد موجودة في العالم.
ومع كل هذه الثروات الطبيعية فانّ موريتانيا مازالت تعاني من أثار الاستعمار الفرنسي والتي تتجسّد في :
-&الأثار السياسية.
-&الأثار الاقتصادية.
-&الأثار الثقافية واللغوية.
-&الأثار العرقية والاثنيّة.
فعلى الصعيد السياسي فانّ فرنسا هي التي صاغت شكل النظام السياسي، وأشرفت على تعيين أول رئيس لموريتانيا وهو مختار ولد داده، وكان لديها نفوذ واسع داخل المؤسسة العسكرية الموريتانية صاحبة الحل والعقد في موريتانيا، وتمكّنت من ايصال النخبة الموريتانية الفرانكفونية الى دوائر القرار وهؤلاء هم الذين جعلوا اللغة الفرنسية لغة رسمية في موريتانيا شأنها شأن اللغة العربية.
وعلى الصعيد الاقتصادي نهبت فرنسا كل الثروات الموريتانية وخلفّت وراءها مجتمعا بلا مقومّات اقتصادية، وكانت سياسة فرنسا الاستعمارية تقضي عند تركها لأيّ منطقة تحتلها أن تبقيّها خالية الوفاض وحتى أنها كانت تستولي على أخر النقود الموجودة في خزينة الدولة.
وعلى الصعيد الثقافي فرضت فرنسا ثقافتها ونمطها التغريبي على الشعب الموريتاني وخلفّت النزعة العنصرية بين البيضان والسودان حيث نشبت العديد من الصراعات بين أبناء البلد الواحد.
وظلّت موريتانيا تتعرّض للمد والجزر بين أنصار اللغة العربية و أنصار اللغة الفرنسية، وكان الاستعمار الفرنسي قد استثمر تعدد اللهجات في شمال افريقيا وافريقيا عموما لصالحه، الى أن أصبحت اللغة الفرنسية أو الانجليزية لغات رسمية في العديد من الدول الافريقية.
وقد وقعت أول أزمة في هذا المجال سنة 1966 بسبب تنامي الأقليّات التي تتكلم اللهجات الافريقية المختلفة والتي رأت في اللغة الفرنسية أداة لتأكيد ذاتها بتشجيع من بعض الحكّام الأفارقة المتفرنسين ومن الدوائر الفرنسية نفسها.
وقد شهدت المدارس الموريتانية اضطرابات وصدامات بين كل من أنصار اللغة العربية والفرنسية، وتعقدّت الأزمة أكثر عام 1968 عندما أصدرت الحكومة الموريتانية قرارا يجعل اللغة العربية لغة رسمية الى جانب اللغة الفرنسية، وأعلنت الحكومة عزمها على احترام اللغات المحليّة المختلفة، وخصّصت وقتا في الاذاعة المسموعة لتلك اللغات، وكانت احصائيات سنة 1973 على سبيل المثال قد أظهرت أنّ الحاصلين على الثانوية العامة البكالوريا من الطلبة قد فاق 300 طالبا، ودون مائتين طالبا امتحنوا باللغة العربية فيما معظم الناجحين امتحنوا باللغة الفرنسية.
و أخذت اللغة العربية تواجه صعوبات جمّة في موريتانيا وصعب عليها أت تقف في وجه فرنسة الادارة والتعليم، وقد بذلت فرنسا كل الجهود لتشويه الأصالة الموريتانية حتى لا تنتشر اللغة العربية والاسلام في افريقيا. لأنّ موريتانيا كانت على الدوام جسرا بين افريقيا والحضارة العربية والاسلامية
&
النظام السياسي في موريتانيا منذ الاستقلال
ساهمت فرنسا الى أبعد الحدود في تأسيس الكيان الموريتاني، هذا الكيان الذي كانت ترى فيه المغرب مجرّد امتداد للأراضي المغربية التي فككّها الاستعمار.
وتأسست أول جمهورية موريتانية برئاسة مختار ولد داده في ظروف داخليّة معقدّة، فالاستعمار الفرنسي خلفّ بعد خروجه من موريتانيا اقتصادا منهارا صعب على الموريتانيين التغلّب على افرازاته.
وأول مشكلة صادفت جمهورية موريتانيا هي عدم اعتراف المغرب بها، كما أنّ العديد من الدول المحسوبة على المحور الاشتراكي كانت تعتبر موريتانيا صنيعة فرنسية وكانت ترفض الاعتراف بها.
ورغم ذلك قررّ رئيس الدولة الموريتانية مختار ولد داده اقامة مؤسسات يعتمد عليها في ادارة شؤون بلاده، فقام بتأسيس البرلمان في عام 1960، وفي أواخر شباط فبراير سنة 1961 تمّ وضع أول دستور موريتاني.
وفي سنة 1961 جرت انتخابات رئاسية في موريتانيا وكان المرشّح الوحيد هو مختار ولد داده ولذلك كان هو الفائز الوحيد.
وفي كانون الأول ديسمبر 1961 انعقد وبمبادرة من الحزب الحاكم وهو الحزب التقدمي الموريتاني مؤتمر الوحدة الوطنية الموريتانية وحضرته الأحزاب التالية :
-&الحزب التقدمي الموريتاني الحزب الحاكم -.
-&الاتحاد الوطني الموريتاني.
-&الاتحاد الاشتراكي لمسلمي موريتانيا.
-&حزب النهضة.
وكانت نتيجة هذا المؤتمر أن توحدّت كل هذه الأحزاب في حزب واحد هو حزب الشعب الموريتاني، برئاسة مختار ولد داده رئيس البلاد. وعندما بادر مجموعة من السياسيين الموريتانيين الى تأسيس الجبهة الديموقراطية في أغسطس أوت 1964 بادرت الحكومة الى حلّ هذه الجبهة.
وفي سنة 1965 تمّ تعديل الدستور الموريتاني الذي نصّ على أنّ حزب الشعب الحاكم هو الحزب الوحيد في البلاد، وبسبب هذه الديكتاتورية المطلقة في البلاد بدأت تبرز في موريتانيا سلسلة من المشاكل الداخلية والانفجارات السياسية والاجتماعية مثل الاضراب الذي قام به عمّال مناجم الزويدات في عام 1968 والذي لم ينته الاّ بعد سقوط المضربين برصاص الجيش الموريتاني، وأستمرّت حركة الاضرابات بقوة الى سنة 1972، وفي هذه المرحلة التاريخية بالذات نمت وترعرعت الحركات اليسارية في موريتانيا والتي كانت متأثرة بالمدّ اليساري العالمي والعربي، وقد تأسسّت حركات ثورية في موريتانيا أهمها:
&
-&الحركة الوطنية الديموقراطية.
-&حزب الكادحين الموريتانيين الذي تأسسّ في سنة 1973 وهو حزب ماركسي لينيني ماوي. كما تأسست حركات أخرى رفضت كلها فكرة الحزب الواحد.
وتأسست أول جمهورية موريتانية برئاسة مختار ولد داده في ظروف داخليّة معقدّة، فالاستعمار الفرنسي خلفّ بعد خروجه من موريتانيا اقتصادا منهارا صعب على الموريتانيين التغلّب على افرازاته.
وأول مشكلة صادفت جمهورية موريتانيا هي عدم اعتراف المغرب بها، كما أنّ العديد من الدول المحسوبة على المحور الاشتراكي كانت تعتبر موريتانيا صنيعة فرنسية وكانت ترفض الاعتراف بها.
ورغم ذلك قررّ رئيس الدولة الموريتانية مختار ولد داده اقامة مؤسسات يعتمد عليها في ادارة شؤون بلاده، فقام بتأسيس البرلمان في عام 1960، وفي أواخر شباط فبراير سنة 1961 تمّ وضع أول دستور موريتاني.
وفي سنة 1961 جرت انتخابات رئاسية في موريتانيا وكان المرشّح الوحيد هو مختار ولد داده ولذلك كان هو الفائز الوحيد.
وفي كانون الأول ديسمبر 1961 انعقد وبمبادرة من الحزب الحاكم وهو الحزب التقدمي الموريتاني مؤتمر الوحدة الوطنية الموريتانية وحضرته الأحزاب التالية :
-&الحزب التقدمي الموريتاني الحزب الحاكم -.
-&الاتحاد الوطني الموريتاني.
-&الاتحاد الاشتراكي لمسلمي موريتانيا.
-&حزب النهضة.
وكانت نتيجة هذا المؤتمر أن توحدّت كل هذه الأحزاب في حزب واحد هو حزب الشعب الموريتاني، برئاسة مختار ولد داده رئيس البلاد. وعندما بادر مجموعة من السياسيين الموريتانيين الى تأسيس الجبهة الديموقراطية في أغسطس أوت 1964 بادرت الحكومة الى حلّ هذه الجبهة.
وفي سنة 1965 تمّ تعديل الدستور الموريتاني الذي نصّ على أنّ حزب الشعب الحاكم هو الحزب الوحيد في البلاد، وبسبب هذه الديكتاتورية المطلقة في البلاد بدأت تبرز في موريتانيا سلسلة من المشاكل الداخلية والانفجارات السياسية والاجتماعية مثل الاضراب الذي قام به عمّال مناجم الزويدات في عام 1968 والذي لم ينته الاّ بعد سقوط المضربين برصاص الجيش الموريتاني، وأستمرّت حركة الاضرابات بقوة الى سنة 1972، وفي هذه المرحلة التاريخية بالذات نمت وترعرعت الحركات اليسارية في موريتانيا والتي كانت متأثرة بالمدّ اليساري العالمي والعربي، وقد تأسسّت حركات ثورية في موريتانيا أهمها:
&
-&الحركة الوطنية الديموقراطية.
-&حزب الكادحين الموريتانيين الذي تأسسّ في سنة 1973 وهو حزب ماركسي لينيني ماوي. كما تأسست حركات أخرى رفضت كلها فكرة الحزب الواحد.
وللتخلص من أعباء هذه الحركات التي أستطاعت أن تستقطب شرائح من الناس، قامت الحكومة الموريتانية بتنفيذ سلسلة من المشاريع السياسية والاصلاحية للتنفيس عن الاحتقان الذي بات يخنق موريتانيا مثل التخلص من التبعيّة للفرنك الفرنسي، وانشاء النقد الوطني في أواخر 1972 والغاء الاتفاقات المجحفة في حق موريتانيا والتي كانت تربطها بفرنسا مثل تأميم شركة ميفيرما - Miferma في سنة 1974.
ومرة أخرى دعت الحكومة الموريتانية في عام 1975 الى مؤتمر الوضوح حيث جرى توحيد كل الأحزاب السياسية وتبنّي ما عرف في موريتانيا بالاشتراكية الاسلامية لازالة كل أنواع استغلال الانسان للانسان كما كان ينصّ الخطاب السياسي الموريتاني في ذلك الوقت.
غير أنّ خطوة توحيد الأحزاب تحت غطاء سياسي واحد لم تؤت ثمارها كما حدث في مؤتمر الوحدة الوطنية الموريتانية الذي انعقد في سنة 1961، وقد أستمرّت التصدعات الداخلية والصراعات السياسية والحزبية الأمر الذي أدىّ الى وقوع انقلاب عسكري هو الأول من نوعه في موريتانيا، وقد تمكنّ العقيد مصطفى ولد سالك في 10 تموز
-يوليو 1978 من الاطاحة بمختار ولد داده، وقد كان للمخابرات العسكرية الجزائرية في عهد الرئيس هواري بومدين دور كبير في الاطاحة بمختار ولد داده.
وأعلن عندها العقيد مصطفى ولد سالك بأنّه ضدّ سياسة مختار ولد داده المؤيدة للمغرب في قضية الصحراء الغربية، وأسسّ العقيد مصطفى ولد محمد سالك المجلس العسكري للاصلاح الوطني، ولم يتمكن هذا الانقلاب العسكري من ارجاع الاستقرار والأمن الى موريتانيا، وتفاقمت الصراعات الحادة بين الأجنحة المتنافرة ومراكز القوة داخل المجلس العسكري للاصلاح الوطني، وقد بلغت هذه الخلافات ذروتها في 06 نيسان أبريل
1979 حيث وقع انقلاب أبيض أدّى الى تغيير موازين القوة داخل المجلس العسكري للاصلاح الوطني والذي أصبح يحمل اسم المجلس العسكري للانقاذ الوطني برئاسة العقيد أحمد ولد يوسف الذي كان رئيسا للحكومة.
وشاءت الظروف السياسية المتقلبة في موريتانيا أن لا يدوم حكم أحمد ولد يوسف سوى 50 يوما، اذ قتل في حادث طائرة في 27 أيّار مايو 1979 بالقرب من العاصمة السنغاليّة داكار.
وتولّت لجنة دائمة مكوّنة من 14 عضوا منبثقة من المجلس العسكري تسيير الأمور، الاّ أنّ السلطة الفعلية كانت بيد العقيد خونة ولد هيدالة الذي ترأسّ الحكومة. و في تلك المرحلة أحبط هذا المجلس محاولة انقلاب قام بها العقيد مصطفى ولد سالك للعودة الى الحكم ثانية، وباءت المحاولة الانقلابية بالفشل الذريع.
و في هذه المرحلة من تاريخ موريتانيا سجلت العديد من القضايا و التداعيات التي لا يمكن للموريتانيين نسيانها ومنها :
-&استمرار الاضطرابات وتضعضع الاستقرار السياسي.
-&صراعات حادة داخل دوائر صنع القرار.
-&انهيار الاقتصاد بشكل شبه كامل رغم الثروات الهائلة في موريتانيا.
-&الصراع المتواصل بين البيضان والسودان، وما صاحبه من أزمة الهوية.
ومن جهة أخرى فقد تفاقمت الخلافات السياسية والديبلوماسية بين المغرب وموريتانيا، بسبب موقف موريتانيا من قضية الصحراء الغربية وجبهة البوليساريو التي كانت تطالب باقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية والتي كانت مدعومة من قبل الجزائر.
وبسبب ذلك اتهمّت المغرب موريتانيا بالخيانة العظمى وخصوصا اثر التوقيع على اتفاقية السلام بين موريتانيا وممثلي جبهة البوليساريو الصحراوية في 05 أغسطس - أب 1979 في الجزائر والتي تتضمن بندا سريّا ينص على تسليم الصحراويين منطقة تريس الغربية خلال ستة أشهر.
وقبل انقضاء هذه الشهور الستة احتلّت القوات المغربية النظامية هذه المنطقة عندما انسحبت منها القوات الموريتانية تمهيدا لتسليمها لجبهة البوليساريو.وقد تأزّمت العلاقات الموريتانية المغربية الأمر الذي أدّى الى احتلال المغرب لبئر بوغرين الواقعة في شمال موريتانيا، وأصبحت موريتانيا بسبب أزمة الصحراء الغربية بين سندان الجزائر ومطرقة المغرب. وهذه الضغوط الخارجية بالاضافة الى هشاشة الوضع الداخلي أفضت الى زعزعة الانسجام داخل المجلس العسكري للانقاذ الوطني وبدأت التصفيات الداخلية تظهر من جديد، ودعم العقيد خونه ولد هيدالة مركزه و أصبح رئيسا للدولة بعد أن قضى على العقيدين محمود ولد لولي رئيس الجمهورية و أحمد سالم ولد سيدي نائب رئيس المجلس العسكري في 04 كانون الأول ديسمبر 1980، وقد أخرجهما نهائيا من دوائر القرار، كما أقال عشرات الضباط المحسوبين عليهما و مكنّ للموالين له.
و كانت دوائر القرار الموريتانية في ذلك الوقت يتجاذبها جناحان بارزان أولهما يؤيد دولة الصحراء الغربيّة ومطالب جبهة البوليساريو، وكان على رأس هذا الجناح المقدّم ولد بوخريص الذي كان وزيرا للداخليّة، والجناح الثاني كان يمثله بعض كبار الضبّاط والعسكريين ويرى أحقيّة المغرب في أراضي الصحراء الغربية.
و في 09 أذار مارس 1980 وجهّ رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة نداءا الى كل من المغرب وجبهة البوليساريو يناشدهما فيه تفهمّ موقف بلاده الحرج والأزمة السياسية التي تمر بها موريتانيا، وبعد هذا النداء أجرى رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة سلسلة واسعة من التغييرات في أعلى المناصب والمستويات في صفوف الدرك الوطني والحرس الوطني والمخابرات العامة والأمن العام، وعينّ معاوية ولد طايع رئيسا للأركان والمقدّم شيخ سيد أحمد بابا وزيرا للداخليّة.
وبعد بضعة أشهر فقط من هذه التغييرات تأسسّت في موريتانيا حركة معارضة تضمّ عسكريين ومدنيين، كانت هذه الحركة تعرف باسم التحالف من أجل موريتانيا الديموقراطية، وكان هدف التحالف حسب ما صرحّ به القيمون على التحالف هو الاطاحة بالنظام الانقلابي الذي تأسسّ في 10 تموز يوليو 1978 وارجاع الحكم للمدنيين ووضع حدّ لسلسلة الانقلابات التي توالت على البلاد بشكل مذهل، واقامة نظام سياسي برلماني في ظل التعددية السياسية والحزبية وتحرير الاقتصاد.
وتجدر الاشارة الى أنّ هذه الحركة التغييرية التحالف من أجل موريتانيا ديموقراطية تأسست في 22أيّار مايو 1980 في باريس وفي عدّة عواصم افريقية وعينّ محمد ولد جدّو سفير موريتانيا السابق في المملكة العربية السعودية منسقّا لها كما التحقت شخصيات سياسية مهمة بهذا التحالف مثل العقيد محمد باه ولد عبد القادر القائد العام لسلاح الطيران سابقا، والعقيد أحمد سالم ولد سيدي النائب الأول لرئيس المجلس العسكري للانقاذ الوطني.
وبسبب هذه الظروف السياسية سارع رئيس موريتانيا خونة ولد هيدالة في محاولة لقطع الطريق عن خصومه السياسيين، الى عقد اجتماع طارئ للمجلس العسكري في 11 كانون الأول ديسمبر 1980 وأعلن في الاجتماع عن اقامة حكومة مدنية برئاسة شاب متخصص في الاقتصاد وهو سيد أحمد ولد بنيرة أحد مخططّي الانقلاب ضدّ ولد داده، ولم تضم الحكومة المدنية الجديدة سوى عسكري واحد هو وزير الدفاع الذي كان مرتبطا بشكل مباشر برئيس الدولة خونة ولد هيدالة .
وفي 19 كانون الأول ديسمبر 1980 تمّ الاعلان عن مشروع دستور جديد يطرح للاستفتاء الشعبي ونصّ هذا الدستور على انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر ولمدّة 06 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وانتخاب جمعية وطنية لمدة 04 سنوات.
وفي تلك الأثناء كانت مجموعة من الضباط العسكريين الموالين لليبيا يخططّون للقيام بانقلاب عسكري ضدّ خونة ولد هيدالة، ومن بينهم أحمد باب مسكي وهو مؤسس حزب النهضة الموريتاني في الستينيات، الاّ أنّ هذه المحاولة الانقلابية لم تنجح.
ولأنّ الساسة هي فن الممكن فلا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، فقد تحولّ الضباط الذين عينّهم رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة عندما قام بالتغييرات الواسعة في الجيش والمخابرات والأمن، الى خصوم شرسين له.
وفي 24 نيسان أبريل 1981 أقيل رئيس الحكومة ولد بنيرة وحلّ محلّه رئيس هيئة الأركان معاوية ولد طايع، وأصبح ولد طايع رئيسا للحكومة وأصبح يشرف على وزارة الدفاع و أزيح عن الحكم العقيد مولاي ولد بوخريص وزير الداخلية الذي كان متعاطفا مع الصحراويين و مختار ولد زامل وزير الخارجية الذي كان متعاطفا مع ليبيا.
وفي 12 كانون الأول ديسمبر 1984 كان الرئيس الموريتاني في دولة بوروندي الافريقية لحضور القمّة الفرنسية الافريقية، وأثناءها أطاح معاوية ولد طايع بنظام ولد هيدالة وأتهمّ نظامه بالفساد وسوء الادارة.
ومنذ ذلك الوقت وولد طايع يحكم موريتانيا حيث أعطى شرعية لنظامه بانتخابات رمزية و منذ استقلالها وموريتانيا تدفع ضريبة صراعات العسكر و خلافاتهم !!!
ومرة أخرى دعت الحكومة الموريتانية في عام 1975 الى مؤتمر الوضوح حيث جرى توحيد كل الأحزاب السياسية وتبنّي ما عرف في موريتانيا بالاشتراكية الاسلامية لازالة كل أنواع استغلال الانسان للانسان كما كان ينصّ الخطاب السياسي الموريتاني في ذلك الوقت.
غير أنّ خطوة توحيد الأحزاب تحت غطاء سياسي واحد لم تؤت ثمارها كما حدث في مؤتمر الوحدة الوطنية الموريتانية الذي انعقد في سنة 1961، وقد أستمرّت التصدعات الداخلية والصراعات السياسية والحزبية الأمر الذي أدىّ الى وقوع انقلاب عسكري هو الأول من نوعه في موريتانيا، وقد تمكنّ العقيد مصطفى ولد سالك في 10 تموز
-يوليو 1978 من الاطاحة بمختار ولد داده، وقد كان للمخابرات العسكرية الجزائرية في عهد الرئيس هواري بومدين دور كبير في الاطاحة بمختار ولد داده.
وأعلن عندها العقيد مصطفى ولد سالك بأنّه ضدّ سياسة مختار ولد داده المؤيدة للمغرب في قضية الصحراء الغربية، وأسسّ العقيد مصطفى ولد محمد سالك المجلس العسكري للاصلاح الوطني، ولم يتمكن هذا الانقلاب العسكري من ارجاع الاستقرار والأمن الى موريتانيا، وتفاقمت الصراعات الحادة بين الأجنحة المتنافرة ومراكز القوة داخل المجلس العسكري للاصلاح الوطني، وقد بلغت هذه الخلافات ذروتها في 06 نيسان أبريل
1979 حيث وقع انقلاب أبيض أدّى الى تغيير موازين القوة داخل المجلس العسكري للاصلاح الوطني والذي أصبح يحمل اسم المجلس العسكري للانقاذ الوطني برئاسة العقيد أحمد ولد يوسف الذي كان رئيسا للحكومة.
وشاءت الظروف السياسية المتقلبة في موريتانيا أن لا يدوم حكم أحمد ولد يوسف سوى 50 يوما، اذ قتل في حادث طائرة في 27 أيّار مايو 1979 بالقرب من العاصمة السنغاليّة داكار.
وتولّت لجنة دائمة مكوّنة من 14 عضوا منبثقة من المجلس العسكري تسيير الأمور، الاّ أنّ السلطة الفعلية كانت بيد العقيد خونة ولد هيدالة الذي ترأسّ الحكومة. و في تلك المرحلة أحبط هذا المجلس محاولة انقلاب قام بها العقيد مصطفى ولد سالك للعودة الى الحكم ثانية، وباءت المحاولة الانقلابية بالفشل الذريع.
و في هذه المرحلة من تاريخ موريتانيا سجلت العديد من القضايا و التداعيات التي لا يمكن للموريتانيين نسيانها ومنها :
-&استمرار الاضطرابات وتضعضع الاستقرار السياسي.
-&صراعات حادة داخل دوائر صنع القرار.
-&انهيار الاقتصاد بشكل شبه كامل رغم الثروات الهائلة في موريتانيا.
-&الصراع المتواصل بين البيضان والسودان، وما صاحبه من أزمة الهوية.
ومن جهة أخرى فقد تفاقمت الخلافات السياسية والديبلوماسية بين المغرب وموريتانيا، بسبب موقف موريتانيا من قضية الصحراء الغربية وجبهة البوليساريو التي كانت تطالب باقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية والتي كانت مدعومة من قبل الجزائر.
وبسبب ذلك اتهمّت المغرب موريتانيا بالخيانة العظمى وخصوصا اثر التوقيع على اتفاقية السلام بين موريتانيا وممثلي جبهة البوليساريو الصحراوية في 05 أغسطس - أب 1979 في الجزائر والتي تتضمن بندا سريّا ينص على تسليم الصحراويين منطقة تريس الغربية خلال ستة أشهر.
وقبل انقضاء هذه الشهور الستة احتلّت القوات المغربية النظامية هذه المنطقة عندما انسحبت منها القوات الموريتانية تمهيدا لتسليمها لجبهة البوليساريو.وقد تأزّمت العلاقات الموريتانية المغربية الأمر الذي أدّى الى احتلال المغرب لبئر بوغرين الواقعة في شمال موريتانيا، وأصبحت موريتانيا بسبب أزمة الصحراء الغربية بين سندان الجزائر ومطرقة المغرب. وهذه الضغوط الخارجية بالاضافة الى هشاشة الوضع الداخلي أفضت الى زعزعة الانسجام داخل المجلس العسكري للانقاذ الوطني وبدأت التصفيات الداخلية تظهر من جديد، ودعم العقيد خونه ولد هيدالة مركزه و أصبح رئيسا للدولة بعد أن قضى على العقيدين محمود ولد لولي رئيس الجمهورية و أحمد سالم ولد سيدي نائب رئيس المجلس العسكري في 04 كانون الأول ديسمبر 1980، وقد أخرجهما نهائيا من دوائر القرار، كما أقال عشرات الضباط المحسوبين عليهما و مكنّ للموالين له.
و كانت دوائر القرار الموريتانية في ذلك الوقت يتجاذبها جناحان بارزان أولهما يؤيد دولة الصحراء الغربيّة ومطالب جبهة البوليساريو، وكان على رأس هذا الجناح المقدّم ولد بوخريص الذي كان وزيرا للداخليّة، والجناح الثاني كان يمثله بعض كبار الضبّاط والعسكريين ويرى أحقيّة المغرب في أراضي الصحراء الغربية.
و في 09 أذار مارس 1980 وجهّ رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة نداءا الى كل من المغرب وجبهة البوليساريو يناشدهما فيه تفهمّ موقف بلاده الحرج والأزمة السياسية التي تمر بها موريتانيا، وبعد هذا النداء أجرى رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة سلسلة واسعة من التغييرات في أعلى المناصب والمستويات في صفوف الدرك الوطني والحرس الوطني والمخابرات العامة والأمن العام، وعينّ معاوية ولد طايع رئيسا للأركان والمقدّم شيخ سيد أحمد بابا وزيرا للداخليّة.
وبعد بضعة أشهر فقط من هذه التغييرات تأسسّت في موريتانيا حركة معارضة تضمّ عسكريين ومدنيين، كانت هذه الحركة تعرف باسم التحالف من أجل موريتانيا الديموقراطية، وكان هدف التحالف حسب ما صرحّ به القيمون على التحالف هو الاطاحة بالنظام الانقلابي الذي تأسسّ في 10 تموز يوليو 1978 وارجاع الحكم للمدنيين ووضع حدّ لسلسلة الانقلابات التي توالت على البلاد بشكل مذهل، واقامة نظام سياسي برلماني في ظل التعددية السياسية والحزبية وتحرير الاقتصاد.
وتجدر الاشارة الى أنّ هذه الحركة التغييرية التحالف من أجل موريتانيا ديموقراطية تأسست في 22أيّار مايو 1980 في باريس وفي عدّة عواصم افريقية وعينّ محمد ولد جدّو سفير موريتانيا السابق في المملكة العربية السعودية منسقّا لها كما التحقت شخصيات سياسية مهمة بهذا التحالف مثل العقيد محمد باه ولد عبد القادر القائد العام لسلاح الطيران سابقا، والعقيد أحمد سالم ولد سيدي النائب الأول لرئيس المجلس العسكري للانقاذ الوطني.
وبسبب هذه الظروف السياسية سارع رئيس موريتانيا خونة ولد هيدالة في محاولة لقطع الطريق عن خصومه السياسيين، الى عقد اجتماع طارئ للمجلس العسكري في 11 كانون الأول ديسمبر 1980 وأعلن في الاجتماع عن اقامة حكومة مدنية برئاسة شاب متخصص في الاقتصاد وهو سيد أحمد ولد بنيرة أحد مخططّي الانقلاب ضدّ ولد داده، ولم تضم الحكومة المدنية الجديدة سوى عسكري واحد هو وزير الدفاع الذي كان مرتبطا بشكل مباشر برئيس الدولة خونة ولد هيدالة .
وفي 19 كانون الأول ديسمبر 1980 تمّ الاعلان عن مشروع دستور جديد يطرح للاستفتاء الشعبي ونصّ هذا الدستور على انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر ولمدّة 06 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وانتخاب جمعية وطنية لمدة 04 سنوات.
وفي تلك الأثناء كانت مجموعة من الضباط العسكريين الموالين لليبيا يخططّون للقيام بانقلاب عسكري ضدّ خونة ولد هيدالة، ومن بينهم أحمد باب مسكي وهو مؤسس حزب النهضة الموريتاني في الستينيات، الاّ أنّ هذه المحاولة الانقلابية لم تنجح.
ولأنّ الساسة هي فن الممكن فلا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، فقد تحولّ الضباط الذين عينّهم رئيس موريتانيا خونه ولد هيدالة عندما قام بالتغييرات الواسعة في الجيش والمخابرات والأمن، الى خصوم شرسين له.
وفي 24 نيسان أبريل 1981 أقيل رئيس الحكومة ولد بنيرة وحلّ محلّه رئيس هيئة الأركان معاوية ولد طايع، وأصبح ولد طايع رئيسا للحكومة وأصبح يشرف على وزارة الدفاع و أزيح عن الحكم العقيد مولاي ولد بوخريص وزير الداخلية الذي كان متعاطفا مع الصحراويين و مختار ولد زامل وزير الخارجية الذي كان متعاطفا مع ليبيا.
وفي 12 كانون الأول ديسمبر 1984 كان الرئيس الموريتاني في دولة بوروندي الافريقية لحضور القمّة الفرنسية الافريقية، وأثناءها أطاح معاوية ولد طايع بنظام ولد هيدالة وأتهمّ نظامه بالفساد وسوء الادارة.
ومنذ ذلك الوقت وولد طايع يحكم موريتانيا حيث أعطى شرعية لنظامه بانتخابات رمزية و منذ استقلالها وموريتانيا تدفع ضريبة صراعات العسكر و خلافاتهم !!!
&
منذ استقلال موريتنايا وتعيين فرنسا مختار ولد داده رئيسا لموريتاينا، وكل الأمور الصغيرة والكبيرة بيد العسكر الذين تلقّى العديد منهم تكوينه العسكري في المعاهد العسكرية الفرنسية، ومنذ 1960 والى سنة ألفين لم تخرج مقاليد الأمور من يد العسكر الذين كانوا يديرون لعبة الحكم بالتراضي أحيانا وبالتصادم أحيانا وفي أحايين أخرى كانوا يتقاسمون النفوذ والمصالح.
ودائما كانت الرتب العليا في المؤسسة العسكرية حكرا على حملة الثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية، وكانت المعاهد الفرنسية يغلب عليها الطابع الفرانكفوني.
وكانت السلطات الفرنسية تدعم باستمرار هذه المعاهد الفرنسية، على عكس المعاهد العربية التي كانت تلقى الاهمال والاجحاف، وكان خريجو المعاهد العربية لا يجدون وظائف بعد تخرجّهم من الجامعة، وللاشارة فانّ المعاهد العربية لم تكن تتجاوز الثلاثة معاهد في مناطق بوتيليمين واطار وكيفة، بينما أخذت المدارس الفرنسية تتكاثر وتتوالى عليها المساعدات من المراكز التعليمية الفرنسية التي كان مقرّها في داكار في السنغال، بالاضافة الى هذا فانّ الدستور الذي حكم موريتانيا لأزيد من عقدين كان نسخة طبق الأصل عن الدستور الفرنسي للجمهورية الخامسة، على أساس أنّ الشعب الموريتاني وفي عهد الاستعمار الفرنسي أيدّ الدستور الفرنسبي للجمهورية الخامسة وكان ذلك في 28 أيلول -سبتمبر 1958.
ومن رحم هذه الأجواء الثقافية الفرانكفونية نشأت النخبة العسكرية الموريتانية التي وجدت نفسها صاحبة الحل والعقد في دولة كل سكانهّا من المسلمين، وقد عملت هذه النخبة على :
-&طمس الهويّة العربية والاسلامية للشعب الموريتاني.
-&ملاحقة كل التيارات الوطنية والاسلامية التي تنهل من العروبة والاسلام والتي كانت تتحرك من منطلق ارجاع موريتانيا الى دائرتها العربية والاسلامية.
ولم تتمكن هذه النخبة الفرانكفونية من فرض الثقافة الاستعمارية بالقوة، اذ أنّ الشعب الموريتاني الذي لعب أجداده دورا كبيرا في ايصال الاسلام واللغة العربية الى افريقيا، ظلّ محافظا على أصالته.
ولأجل الدفاع عن الهويّة المسلوبة تأسست العديد من الأحزاب والتيارات والتي كانت تهدف الى استرجاع الهويّة المسلوبة، وقد قرعت الأحزاب الوطنية والاسلامية جرس الانذار باكرا و بدأت تدفع الشعب الموريتاني باتجاه العودة الى أصالته، وهذا ما جعل العسكر يصعدّون حملاتهم ضدّ هذه التيارات التي كانت تحمل مشروعا مغايرا لمشروع السلطات المتعاقبة على موريتانيا .
ودائما كانت الرتب العليا في المؤسسة العسكرية حكرا على حملة الثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية، وكانت المعاهد الفرنسية يغلب عليها الطابع الفرانكفوني.
وكانت السلطات الفرنسية تدعم باستمرار هذه المعاهد الفرنسية، على عكس المعاهد العربية التي كانت تلقى الاهمال والاجحاف، وكان خريجو المعاهد العربية لا يجدون وظائف بعد تخرجّهم من الجامعة، وللاشارة فانّ المعاهد العربية لم تكن تتجاوز الثلاثة معاهد في مناطق بوتيليمين واطار وكيفة، بينما أخذت المدارس الفرنسية تتكاثر وتتوالى عليها المساعدات من المراكز التعليمية الفرنسية التي كان مقرّها في داكار في السنغال، بالاضافة الى هذا فانّ الدستور الذي حكم موريتانيا لأزيد من عقدين كان نسخة طبق الأصل عن الدستور الفرنسي للجمهورية الخامسة، على أساس أنّ الشعب الموريتاني وفي عهد الاستعمار الفرنسي أيدّ الدستور الفرنسبي للجمهورية الخامسة وكان ذلك في 28 أيلول -سبتمبر 1958.
ومن رحم هذه الأجواء الثقافية الفرانكفونية نشأت النخبة العسكرية الموريتانية التي وجدت نفسها صاحبة الحل والعقد في دولة كل سكانهّا من المسلمين، وقد عملت هذه النخبة على :
-&طمس الهويّة العربية والاسلامية للشعب الموريتاني.
-&ملاحقة كل التيارات الوطنية والاسلامية التي تنهل من العروبة والاسلام والتي كانت تتحرك من منطلق ارجاع موريتانيا الى دائرتها العربية والاسلامية.
ولم تتمكن هذه النخبة الفرانكفونية من فرض الثقافة الاستعمارية بالقوة، اذ أنّ الشعب الموريتاني الذي لعب أجداده دورا كبيرا في ايصال الاسلام واللغة العربية الى افريقيا، ظلّ محافظا على أصالته.
ولأجل الدفاع عن الهويّة المسلوبة تأسست العديد من الأحزاب والتيارات والتي كانت تهدف الى استرجاع الهويّة المسلوبة، وقد قرعت الأحزاب الوطنية والاسلامية جرس الانذار باكرا و بدأت تدفع الشعب الموريتاني باتجاه العودة الى أصالته، وهذا ما جعل العسكر يصعدّون حملاتهم ضدّ هذه التيارات التي كانت تحمل مشروعا مغايرا لمشروع السلطات المتعاقبة على موريتانيا .
التعليقات