القاهرة- تامل ليبيا عبر دفعها تعويضات مالية كبيرة لاغلاق ملف لوكربي الذي يمثل عائقا سياسيا منيعا امام علاقاتها مع الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، الى الخروج من عزلتها والانفتاح سعيا وراء عودتها بلدا "طبيعيا" جاذبا للاستثمارات، حسب المحللين.
وقال نائب مدير مركز "الاهرام" للدراسات الاستراتيجية وحيد عبد المجيد ان "ليبيا تعاني من عزلة عربية، ولهذا اتجهت نحو الغرب مستعدة لاغلاق الملف، املا في العودة بلدا طبيعيا". واضاف ان "الولايات المتحدة وجدت ان صالحها يكمن في اغلاق الملف بسبب ارتباطها بمشاغل كثيرة، وهي خطوة حكيمة نادرة من الادارة الحالية".
ووقع مساء امس الاربعاء في لندن اتفاق بين عائلات ضحايا الاعتداء ووفد ليبي تضمن فتح حساب لايداع التعويضات البالغة قيمتها 7،2 مليار دولار واقرار ليبيا امام مجلس الامن الدولي ب"مسؤوليتها" عن حادث تفجير طائرة البانام الاميركية فوق لوكربي (اسكتلندا) عام 1988.
ومن المفترض ان تدفع ليبيا 2.7 مليار دولار كتعويضات الى عائلات الضحايا، اي عشرة ملايين دولار للعائلة الواحدة، شيئا فشيئا مع عودتها الى الاسرة الدولية. وستدفع اربعة ملايين دولار لكل عائلة اثر رفع العقوبات التي تفرضها الامم المتحدة، واربعة ملايين دولار اضافية عند رفع العقوبات الاميركية على ان يتم دفع المليونين الاخيرين عند رفع اسم ليبيا من اللائحة الاميركية للدول المساندة للارهاب.
وتابع عبد المجيد ان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي "يمر في مرحلة مراجعة شاملة لسياساته فاختار افريقيا ميدانا لتحركاته لكن ذلك لم يسفر عن شيء فعاد واتجه الى الولايات المتحدة خصوصا بعد ان تجاوزت الاحداث قضية لوكربي".
وقال ان "القذافي لم يعد يشكل اي تهديد ولا يثير المشاكل لاحد" موضحا ان ليبيا تجد نفسها "امام مازق فهي تريد الانفتاح الا انها لا تعرف كيفية تحقيق ذلك، فهناك بعض من الانفتاح لكنه مشوش بانعدام الرؤية".
ومن جهته، قال رئيس تحرير التقرير الاقتصادي الصادر عن مؤسسة "الاهرام" احمد النجار ن طرابلس اقدمت على اغلاق الملف "نظرا لايمانها بانه يشكل اخر عائق سياسي امام تطوير علاقاتها مع الغرب وخصوصا الولايات المتحدة".
واوضح ان طرابلس "تسعى الى جذب الاستثمارات وخصوصا من الشركات النفطية الاميركية". وكان القذافي دعا في حزيران/يونيو الى الغاء القطاع العام وخصخصة قطاعات النفط والمصارف والمطارات. كما اعلن رئيس الوزراء الليبي شكري غانم في العشرين من تموز/يوليو الماضي ان ليبيا مع عودة الشركات الاميركية الى ليبيا خصوصا النفطية منها.
يذكر ان النفط يشكل قرابة 90 % من موارد ليبيا العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) حيث تبلغ حصتها الانتاجية 3،1 مليون برميل في اليوم. وقد تم تاميم النفط عام 1969 مع قيام الثورة الليبية وتوليها الحكم بقيادة العقيد القذافي.
وتامل طرابلس في تطوير اقتصادها وتعلق آمالا كثيرة على رفع الحظر الدولي الذي فرض عليها منذ 1992 حتى غاية 1999. واشار النجار الى احتمال ان "تعاود ليبيا طرح انضمامها الى الشراكة الاوروبية التي استبعدت منها لاسباب سياسية" موضحا ان ليبيا "تملك امكانات زراعية ضخمة لا تتناسب مع حجمها الحالي وكذلك من حيث الامكانات السياحية".
ومن جهته، قال مسؤول المكتب الصحافي في الجامعة العربية حسام زكي "نامل في ان يشكل الاتفاق انطلاقة جديدة وطيا للصفحة السابقة وبدء صفحة جديدة".& يذكر ان طائرة بوينغ 747 تابعة لشركة بانام الاميركية انفجرت فوق قرية لوكربي الاسكتلندية في 21 كانون الاول/ديسمبر 1988 ما ادى الى مقتل 259 شخصا كانوا على متنها و11 اخرين على الارض.
وكانت ليبيا سلمت الى محكمة اسكتلندية خاصة انعقدت في هولندا اثنين من رعاياها متهمين بتنفيذ الاعتداء. وفي كانون الثاني/يناير 2001 حكم على احدهما بالسجن مدى الحياة بينما تمت تبرئة الاخر.
وكانت العقوبات الدولية قد علقت بعد تسليم طرابلس اثنين من مواطنيها متهمين بتنفيذ الاعتداء، على ان ترفع كليا بعد ان تقر طرابلس رسميا بمسؤوليتها.
التعليقات