أديب كمال الدين
&
سقط َ الساحرُ من مائدةِ السحر على الأرض.
فتمزّق صوتُ الماءِ بكفّيه، بكى، واهتزّ كما يهتزّ الطائرُ
حين تمرر سكين الذ بح على الرقبة.
الارضُ تكرر لعبتها. ماكنتُ أكون. الغيمُ يجيء و يذهــــبُ
والفجرُ يطرز حرف الدهر فلا معنى أبداً. أختبئ اليوم كطفلٍ
أرنو للفجر أقرر أن أبعث كلماتي حتى يعتدل العالم، يذهب
سيف الظالم في الظلمات. فما أحلى الكلمات ! وما أسخفها !
سقط الساحرُ . كانت امرأة الساقين الفاتنتين تهدهد...
لامعنى لاعادة مشهد حب مكرور ملتهب ، لا معنـــــــى.
المرأة واقفة خلف الشباك وخلف المكتب، خلف زجاج الباص
وما من شيء ينقذها. سقط الساحرُ من مائدة ِ الفعل ِ، فعضّ
يدي قال : سأقتصّ من الظالم ِ. هددني بعيون الجمر، تقــدّم
من دائرة ِ السيف ِ واطلق جمع َ طيور ملأتْ جوّ الغرفــــــة بالهذيان .
اكتشفُ اللحظة ان الساحر مسحور ، ان الســــــاحر يبكي كالطفل..
نظر الساحر لي قال : بأني الطفل
فتعجبتُ من القول
ونظرت الى لغة الفجر فكانت سوداء .
قام الساحرُ بالرقص، اختط ّ لنا أرضا ً تكفي لكلينا قـــــال:
هنا نرقص ـ واختطّ بجانبها أرضا ً أصغرَ - وهنا سـنموت
علينا بالرقص لأن المرأة شيء باطل
والطفل كذلك ، والسيف قوي ، والمعنى مكتنز في الرقـص
فارقص !
أخبرتُ الساحر َ : إني أعمى لا أعرف إلا خيطا ً من ذاكرة
الفجر وأخفي في كفّي وشما ً لامرأة عارية ماتت منذ سنين.
غضب َ الساحرُ من كلماتي وافرنقع مني ، قال بأني كــذ ّاب
خرف . أخذ الساحرُ بالرقص فهب ّ الى الساحة مدفوعا ًبسهام
وأغان ٍ زرق ٍ وشموس حمر. واهتزّت ذاكرة الغرفة حتى غضب
الغيم وأمطرت اللحظة وقتا ً مدفوعا باللاشيء. افرنقع غيمُ شتاء
الروح . اشتد ّ المطرُ البريّ. نظرت ُ الى ماحولي عليّ أتلمّس
شيئا ً : الغرفة فارغة كالموت. الساحرُ مشغول بالرقص. الطائر
في جوّ الاسطورة ينمو . هبّتْ ريح طيبة فتذكّرتُ المرأة تأتي،
تأخذني لفراش الحب، تؤدب أوجاعي، وتذكّرتُ الطفل يحلــــق
في النهر تذكرتُ السيف َ رجالا ماعرفوا إلا الكذب الأســــــود
وعوانس من سخف ٍ و خيوط ٍ من لحم و دم . فصرختُ :أبي..
هلّ أبي كهلال العيد بطير النورس مؤتلقا ً. واشتدّ المطر البريّ.
افرنقعت الغيمة ُ واهتزّ جدارُ الغرفة ثوبا ً في الريح . الساحر
يلعبُ ، لم يتعب من رقصته ، وخيوط ُالعرق المصبوب على
الجسد العاري هبطتْ. كنتُ أحسّ بأني أُقْتَلُ هذا اليوم وأنــي
سأغادرُ ساحة رقص الساحر متجهاً بهدوء نحو القبر المرسوم
على الارض. المطرُ قويا ًيشتدُ. الغيمة ُ تعصفُ تعصفُ تعصفُ.
جاء أبي ، هبط الساعة من سقفِ العالم. كان أبي يتألق شمسا ً للفجر .
صرخ الساحرُ في وجهي : ارقص ُ. قلت بأني أعمى.
ضحك الساحر ُ، قهقه ثم ارتجف الساحر حين تألق وجهُ أبي في
الغرفة . أمسك بالعين الجرداء فأحياها. أمسك بالأذن الجرداء
فأسمعها، أمسك بي. اشتد ّ المطرُ فخفت ُ على ثوب أبي الابيض
أن يتسخَ. وقال أبي : لاتحزنْ انكَ في عيني . فبكيت ُ، نظرتُ،
رأيتُ الفجرَ لأول مرّة.
ووقعتُ على كف ّ أبي لأقبّلها. والغيمة ُ تعصف ُ عصفا.
وبدا ان الارض َ ستغرقُ. قال أبي : لاتحزنْ هذا مطرُ الفقراء
أنظرْ فنظرت ُ العشب َ بقامةِ طفل.
&
التعليقات