داود البصري
&
&
لاشك ان متغيرات كبيرة ستطرأ على ملف إسترداد بعض مسؤولي النظام البعثي البائد في العراق بعد إلقاء القبض على صدام وبالكيفية المتوقعة عنه، فلم يفجر نفسه، ولم يكن أمينا لكل شعارات البطولة التي طرحها تلفزيا، وإستسلم لقدره كمعظم قادة البعث البائد وحيث ظهروا على حقيقتهم في (حواسمهم) التي أرادوها وتحدثوا عنها كثيرا فإذا بهم في ساعة الحقيقة عراة مكشوفين بالجملة والمفرق وكانت مواقف الذل لصدام بمثابة إنعطافة تاريخية في فكر وسلوك كل قادة ورموز الطغيان في العصر الحديث، إنهم ليسوا طغاة وأوغاد فحسب بل أنهم جبناء يخجل الجبن ذاته من جبنهم، وتلفظهم الأرض كما تلعنهم السماء، وسيكونون عبرة ودرس تاريخي لكل صور وصيغ الطغيان، ففي مقال سابق نشرته قبل شهور تساءلت عن سر عدم إقدام وزير إعلام صدام السابق محمد الصحاف على الإنتحار تلبية لموقف عز وكرامة وحللت المواقف والنفسيات البعثية المتشبثة بالحياة والباحثة عن الملذات على أشلاء الضحايا والمعذبين، واليوم وقع قائدهم (المنصور) في نفس الموقف فلم ينتحر أو يثأر لنفسه وكرامته ودماء أبنائه ولتشرد وهوان نسائه، بل ظهر ذليلا مذموما مدحورا ولم يكن أمينا (لقلعته الحصينة)! كما لم تبدر منه أية مواقف رجولة حقيقية في مثل الموقف المخزي الذي ظهر فيه ولم يكن حاميا للبوابة الشرقية ولا لفتحة الجحر الذي حشر نفسه به لينتهي مثلما إنتهى كل طغاة الأرض ملعونا على صفحات التاريخ، وإذا كان سقوط صدام قد أغلق ملف نظام البعث العراقي للأبد، فإن هنالك ملفات أخرى ستفتح وهي ملفات المحاكمات القريبة لأقطاب النظام وبعضهم موجود ضمن وضعية الهارب من العدالة الشعبية العراقية وأبرزهم محمد سعيد الصحاف الذي يقبع سعيدا في مخبأه الإماراتي معتزلا الأضواء بعد أن ملأ الدنيا وشغل الناس بأكاذيبه المستحدثة ردحا من الزمن.
لعل التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإماراتيين حول رفع حمايتهم لوزير العلوج البعثي السابق والكاذب الأكبر في تاريخ الإعلام العربي محمد سعيد الصحاف تمثل بادرة إيجابية ملموسة في تصحيح الخطيئة الكبرى بإحتضان ذلك الشخص وإعتباره نجما إعلاميا بارزا!وظاهرة إعلامية خارقة! رغم أنه واحد من أهم المطلوبين للعدالة الشعبية العراقية لدوره المعروف في تشييد المؤسسات القمعية البعثية التي كانت تسوم العراقيين مر العذاب ؟وكذلك لسلسة أدواره في العديد من ملفات النظام العراقي القذرة بدءا من الأيام الأولى لإنقلاب 1968 وإنتهاءا بفضيحة سقوط نظام البعث المدوي في يوم الحرية العراقي في التاسع من نيسان / إبريل المنصرم، فلصحاف ليس مجرد مسؤول إداري عادي وروتيني أو تكنوقراطي عادي يمارس مهامه بواقع الحرفنة المهنية، لا أنه أكثر من ذلك بكثير فهو أحد رجال المنظومة الأمنية السرية التي كانت تحكم العراق وأوردته موارد الهلاك، وهو أحد القلائل الناجين من عمليات التصفية الكبرى التي خضعت لها جميع القيادات البعثية، وهو فوق هذا وذاك من المطلعين على التفاصيل المهمة في تركيبة النظام السابق البائد ومن المشاركين بهمة ونشاط في جرائمه وتعدياته، وقد تقلد مختلف المناصب الإدارية والسياسية والأمنية الرفيعة وتحمل مختلف صنوف الإذلال والإهانات من سيده صدام دون أن يرف له جفن أو ينزع عهد اليمين والبيعة والإخلاص لقائده وملهمه الذي كان وحتى في شهادته ( المهزلة ) في تلفزيون أبو ظبي فإنه لم يتطرق لصدام بأي شكل من أشكال النقد، وكانت أجوبته جافة وغبية وخائفة مرتعشة من أيادي صدام التي يتصورها الصحاف من أنها لازالت طويلة!، محمد سعيد الصحاف نموذج (للبعثي الجيد) وفقا للتصنيف الفاشي البعثي لدرجات الولاء؟ فهو شارك أسياده من القتلة البعثيين في جميع حفلات ومهرجانات الموت التي نظموها لمختلف فصائل وقوى الشعب العراقي منذ أن كان أحد عناصر التعذيب في الهيئات التحقيقية الخاصة ومنها (قصر النهاية) الرهيب، وأدواره الإعلامية المعروفة في التمهيد والتغطية الإعلامية لوجبات الإعدام ض كل القوى الوطنية والقومية العراقية بدعاوي عمالتها لإسرائيل !، هذا غير دور الصحاف في جميع مؤسسات النظام الإعلامية والأمنية والدبلوماسية ومساهماته في ترويع العراقيين وقتلهم بكواتم الصوت الدبلوماسية أيام كان سفيرا في الهند وإيطاليا والسويد حيث إشترك في جريمة قتل المنشق وضابط المخابرات ماجد عبد الكريم حسين في العاصمة السويدية إستوكهولم عام 1985؟ ثم أدواره المشبوهة في المؤسسة الإعلامية العراقية ومن فضائح تمس الشرف العام، هذا غير جريمته القومية في التغطية على جريمة إعدام أسرى الكويت بناءا على توصية من جهاز المخابرات العراقية أيام وزارته للخارجية وقيامه بعملية خلط الأوراق للتشويش على تلك الجريمة الكبرى ضد الإنسانية والعروبة... إنها مسلسلات طويلة لجرائم موثقة ستبرز في وجه الصحاف ومن هم على شاكلته، وبعد التطورات الميدانية الأخيرة في العراق فإن المحاكمة المنتظرة ستضم لامحالة محمد سعيد الصحاف لقفصها الموعود.. ألم نقل لكم بـأنه موسم إصطياد القتلة البعثيين.
&
التعليقات