الدور (العراق) - اعتقل صدام حسين قبل أسبوع في المزرعة ذاتها التي اختبأ فيها إبان مقتبل العمر سنة 1959 إثر مشاركته في محاولة اغتيال الرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم.
ففي تشرين الأول(أكتوبر) سنة 1959، فر الشاب صدام (22 عاما) من بغداد مطاردا من أجهزة الأمن. ووصل وهو مصاب في ساقه إلى قرية الدور على بعد 180 كلم شمال بغداد حيث احتمى بمزارع يدعى جاسم النمش.&ولم يكن يعرف المزارع أن الهارب من اجهزة الأمن سيصبح رئيسا للعراق.
وأوضح الشيخ حسيب الشايب أحمد، زعيم عشيرة المواسط التي ينتمي إليها النمش، أن المزارع "وجريا على عادة التقاليد العربية، منح ملجأ للشاب الجريح الذي كان في خطر". وقال "كان شابا من عمر صدام تقريبا".
وبعد أن نال قسطا من الراحة، سار صدام عبر أراضي النمش المحاذية لضفة دجلة وألقى بنفسه في مياه النهر الباردة ليعبر إلى الضفة الأخرى. وتوجه إلى العوجة القرية التي ولد فيها قبل أن يفر إلى سوريا ومن ثم إلى مصر.
وبعد أربعين سنة من هذه الحادثة، وجد صدام نفسه مطاردا من جديد، ولكن من القوات الأميركية.&ففر مرة أخرى إلى مزرعة جاسم النمش طالبا اللجوء. ويتولى قيس نجل جاسم إدارة المزرعة التي تبلغ مساحتها خمسة هكتارات.
وإذا كانت عملية الهرب الأولى مرت بسلام، فإن عملية هروبه الثانية التي قادته إلى المزرعة ذاتها للاختباء أكثر من ثمانية أشهر سارت بشكل سيء له ولمضيفيه.
إذ اعتقل صدام وكذلك قيس، النجل الأكبر لجاسم النمش. وقال الشيخ حسيب أن شقيقيه اعتقلا بعد ذلك بساعات في مكان آخر في الدور. وأضاف:"لقد قدموا الحماية للرئيس المطاح به تعبيرا عن الولاء". ولم يعد جاسم المصاب بالسرطان يتحدث مع أحد من أبنائه.
ويأتي لجوء صدام حسين إلى آل النمش منسجما مع تصرفاته خلال أشهر اختبائه ومطاردته، أي اتكاله على الأحلاف والعلاقات العشائرية التي نسجها خلال شبابه.
إضافة إلى ذلك، ينتمي آل النمش إلى العشيرة الكبيرة التي ينتمي إليها عزة ابراهيم الدوري، الساعد الأيمن لصدام والمتهم بإدارة عمليات المقاومة ضد الأميركيين الذين لم ينجحوا حتى الآن في القبض عليه.
وإبان فترة مجده الغابر، رد صدام الجميل لآل النمش مكافئاً جاسم عبر منحه، وكل من ساعد في اختبائه، الأوسمة. وذلك وفقا للشيخ حسيب.
كما منح صدام نجل جاسم، قيس، رتبة رئيس طهاة في قصره الرئاسي في تكريت وعين ولداه الآخران في مناصب حكومية.
وقال الشيخ حسيب:"كان قيس وفيا له"، مضيفا أن "الشخص الذي يشرف على مطبخ القصر يرى صدام أثناء تقديم الوجبات. ولم يكن الرئيس السابق يقبل طبقا لم يحضره واحد من أهل الثقة". وتابع "في الدور، فوجىء الجميع لدى معرفتهم أن صدام حسين كان هنا".
ودهم الجيش الأميركي المزرعة قبل شهر واعتقل مزارعين بسبب إخفائهم أسلحة. وأكد ضباط أميركيون أنهم كانوا يعتقدون أن صدام كان يشعر بالأمان في منطقة مساحتها 20 كلم مربعا حول تكريت وأنه كان يتنقل، إما كل أربع ساعات، أو كل أسبوعين متى شعر بالأمان.