نضال حمد
&
&
&
بالرغم من معارضتنا للزيارة الرسمية التي يقوم بها وزير الخارجية المصري احمد ماهر لفلسطين المحتلة حيث التقى بشارون ووزير خارجيته سالفان شالوم، وأقر مبدأ التعامل العربي مع حكومة ترتكب الجرائم بحق شعبنا، وبالرغم من مقاطعة الكيان الصهيوني والكلام عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والانتفاضة الفلسطينية، وبالرغم من الضرر الذي تسببه مثل تلك الزيارات للمصلحة الوطنية الفلسطينية، على عكس ما يبرر به الزيارة الحكم المصري وأركان السلطة الفلسطينية، إذ يقولون انها زيارة تضامنية مع الشعب الفلسطيني - إذا كانت فعلا هكذا فكان يجب ان تبدأ من مكتب ياسر عرفات المسجون في رام الله لا من مكتب الإرهابي شارون الذي يسجن الرئيس الفلسطيني بين اربعة جدران في مقره برام الله والشعب الفلسطيني في 220 سجنا موزعة على بقية مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، رغم كل تلك الاسباب التي تجعل الزيارة غير منطقية وغير ذات منفعة للشعب الفلسطيني بل تساهم في فك الحصار عن شارون وكيان الارهاب المدان من قبل شعوب العالم الحرّ، إلا أننا لا نقبل بالطريقة الغير عقلانية التي عومل بها الضيف المصري في الحرم القدسي الشريف.
فهذه ليست من شيم و اخلاق الشعب الفلسطيني الذي يلتزم بعمقه العربي وبوحدة مصير هذه الأمة، خاصة ونحن نعيش في زمن تساقط وسقوط العواصم العربية بالقبضة الاسرائيلية أو بالضربة القاضية الأمريكية، ولا يمكن لشعب فلسطين ان يتعامل مع الضيوف بهذه الطريقة حتى لو كان الضيف من الذين بزيارتهم لا يخدمون القضية الفلسطينية وإن كانوا يعتقدون بينهم وبين انفسهم انهم يخدمون الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
هذا وكان الوزير ماهر تعرض لهجوم واعتداء من قبل بعض المصلين الفلسطينيين الغاضبين من تلك الزيارة، ومن يدري فقد يكون هناك من إندس بين المصلين ليقوم بالاعتداء على الوزير المصري خدمة لأهداف اسرائيلية بحتة قد لا تغيب عن بال المصريين عندما يحللون الحادثة والاعتداء.
تجيء زيارة الوزير ماهر وفلسطين تحت الاحتلال والقدس تعيش وتقبع تحت نيره، حيث المهانة والعدوان يوميا،مما زاد من الغضب الشعبي وأدى لتلك الحادثة المؤسفة (التي نتمنى ان لا تكون بأيدي فلسطينية)، فقد كان الأجدر للمصلين إن كانوا تصرفوا بدافع غضب وضغط الأوضاع في فلسطين ان يجتمعوا بهدوء بالوزير العربي وان يشرحوا له واقع حياتهم و موقفهم وموقف الشعب الفلسطيني من زيارته للقدس المحتلة.
هذا وقالت وكالات الأنباء أن مجموعة من المصلين قامت بمحاولة اعتداء على الوزير احمد ماهر في باحة الحرم القدسي، واستطاع أحدهم اصابة الوزير المصري بغرض ما قذفه نحوه مما اصاب الوزير بحالة إغماء استدعت نقله الى المستشفى، وقد ادانت السلطة الفلسطينية تلك الحادثة وتوعدت بمعاقبة المسئولين عنها. لكن السؤال هنا هو متى وكيف ستعاقب السلطة الفلسطينية المسئولين عن الاعتداء في القدس ، فالمدينة تخضع لسيطرة الاحتلال التامة فوق وتحت الأرض؟!..
كان على السلطة الفلسطينية ان توضح للشعب الفلسطيني مهمة الوزير المصري في فلسطين المحتلة ونوعية زيارته ولماذا لم يلتقي مع الرئيس عرفات ولماذا لم يلتقي مع أركان السلطة وما هو السبب الحقيقي للزيارة.
ان زيارة الوزير المصري في هذا الوقت بالذات كانت كمن يصب الزيت على نار فلسطينية تغلي منذ اندلاع الانتفاضة قبل حوالي اربع سنوات، فالشعب الفلسطيني ترك وحده في حلبة الصراع، والفلسطينيون يموتون ويقتلون على الحدود مع اكبر الدول العربية في مخيمات غزة وبالذات مخيم رفح، والعملاق العربي نائم ولم يفعل أي شيء للشعب الفلسطيني سوى التنظيرات والمبادرات التي ليست كلها لصالح فلسطين.
الفلسطينيون يتذوقون المهانات والعذاب والإذلال على المعابر العربية والعبرية، والشهداء والجرحى والأسرى بالآلاف ، كل هذا وقالوا بسيطة ثم أذعن العرب لمشيئة أمريكا وجورج بوش وشارون وقاطعوا الرئيس الفلسطيني والتزموا بمقاطعته بعدما فكوا المقاطعة عن اسرائيل وعارضوا مشيئة الله، كل هذا يحدث باسم الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، أليس هذا هو هذا الكلام الفارغ بحد ذاته،أليست تبريرات السلطة الفلسطينية لتلك الخزعبلات فارغة أكثر من ذاك الكلام وتلك الخزعبلات؟
بصراحة نقول أن ما جرى في الحرم القدسي يجعلنا نتوقف عنده ويجعل الحكام العرب أمام شعب يريد مساعدتهم الحقيقة لا زياراتهم الغير طبيعية والغير مرحب بها في الاراضي المحتلة الفلسطينية. وفي الختام نقول لا للاعتداء على الوزير العربي ونعم لرفض زيارته.

اوسلو