عصام المجالي من عمان: قضية الديمقراطية مثل حقوق الإنسان يشكلان وجهين لعملة واحدة& ومن الضروري أن يرتبطا في أي مجتمع متحضر لينهضا به الى مستوى لائق يحقق لأفراده وضعاً يجدون فيه الطمأنينة والعيش الكريم وحرية الرأي والتعبير وتقرير المصي. ولكن أين دولنا العربية من ذلك؟
يقول المحامي& هاني& الدحلة رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان إن أوضاع الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد العربية هي حالة مأساوية. وأضاف أن معظم الأنظمة العربية تدعي& أنها ديمقراطية يقوم الحكم فيها على أساس الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وتتضمن دساتيرها أحكاماً واضحة بهذا الخصوص.
ويرى الدحلة ان أوضاع الحكم في أقطار الوطن العربي أوضاع غير ديمقراطية& وتتسم بالفردية والشمولية وغياب& مؤسسات المجتمع الديمقراطي والمدني وتتسم بمخالفة الدستور& والقانون وانتهاك حقوق الإنسان.
وأكد في حلقة نقاشية شارك بها مفكرون ومثقفون أن النصوص الموجودة في الدساتير والقوانين شيء والتطبيق والممارسة شيء آخر. وأضاف أن المسؤولين في البلاد العربية لا يريدون الاعتراف بان أي حل حقيقي لمشكلات بلادهم يتطلب القيام بإصلاح عام سياسي وقانوني واجتماعي واقتصادي.
وهذا الإصلاح يجب ان يختلف اختلافاً جذريا عن السياسات التي قادت الى الأزمة& وعملت على تفاقمها& وأهمها الفساد وتزوير الانتخابات واعتماد سياسة الحزب الواحد أو التعدد الشكلي أو الطائفة أو الأقارب& وإضعاف سلطة القضاء وسيطرة الأجهزة الأمنية.
وأدى الارتباط بالسياسات والدول الأجنبية لحماية أنظمة الحكم& لوجود أحكام الطوارئ والأحكام العرفية والاعتقالات طويلة المد والضرب والتعذيب في السجون وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان.
وانتقد غياب حرية الرأي والصحافة وفرض الإعلام الرسمي لمفاهيمه وأفكاره وأغانيه على المواطنين بما يتبع ذلك من تمجيد للحاكم الذي لا يخطئ وتكميم الأفواه وخوف الناس من السلطة وعدم الانضمام الى الأحزاب& أو انتقاد المسؤولين وكون الجماهير غير مهتمة بالسياسة وغير مرتبطة بأحزاب سياسية.
وتم تعطيل نصف المجتمع عن طريق هدر طاقات النساء لأن نظرة الحكام للمرأة لا تزال& تعاملها كمواطن من الدرجة الثانية لا يجوز لها ان تعمل خارج البيت إلا في مجالات معينة وتحرمها من حقوقها السياسية وحقها في العمل في أعمال كثيرة .
وأشار إلى عدم إتاحة الفرصة للمواطنين في التعليم فنسبة الأمية في معظم الدول لا تزال مرتفعة. وهناك أسباب أخرى مثل البطالة وانخفاض مستوى الدخل وتفشي الأمراض بين الطبقات الفقيرة وعدم وجود ضمان اجتماعي أو صحي للأسرة أو المواطن وعدم توفر سكن أو غذاء كافي.
وقال إن هذه الأمور جميعها وغيرها من الأسباب والعوامل& جعلت الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان نوعاً من الترف الفكري لا مجال لشعوبنا& أن تلمس وجوده أو أثاره على أرض الواقع.
وهناك نوعان من الأنظمة العربية& أنظمة شمولية& لا يوجد بها دستور أو قانون معمول به ودول تمارس& نوعاً من الديمقراطية& المحدودة& مثل سوريا ومصر والعراق والأردن& ودول شمال إفريقيا والأردن. وأوضح ان الممارسة الديمقراطية& في هذه البلاد هي ممارسة ليست جدية& فالتعددية السياسية& مظهر غير ممتد& داخل الجماهير& والجماهير لا تنضوي تحت لواء الأحزاب إلا في القليل من الحالات ..والأحزاب الحكومية& تضم أعدادا هائلة من المواطنين ولكن دون أي فاعلية تذكر.
وانتقد الانتخابات التي تجري في ظل قوانين تسنها الدولة& لضمان أكثرية مريحة لها مؤكداً أن الأجهزة الأمنية هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في الأوضاع السياسية والاعتقال والضرب والتعذيب والمنع من العمل ومن السفر ومن تشكيل الجمعيات والمنظمات.
وقال إن القضاء أفرغ من الحصانة والكفاءات واصبح سلطة من سلطات الدولة تشكله كما تشاء لضمان سياستها ورغباتها وتمرير قراراتها مهما كانت سياستها وما تلحقه بالمواطنين والوطن من أضرار وسلبيات.
وأضاف أن الصحافة مدجنة ومسيطر عليها من خلال قانون المطبوعات يعطي الأجهزة& الحكومية سلطة المنح للترخيص أو منعه وسلطة التوقيف عن الصدور والإغلاق وحبس الصحفيين وتوجيه المقالات ومنع بعضها& والرقابة على ما ينشر في الصحف.
وقال إن قوانين الطوارئ لا تزال سارية المفعول في معظم البلدان مدة تتراوح بين عشرين واربعين سنة دون انقطاع ومحاكم أمن الدولة سيفاً مسلطا على رقاب المعارضين بأحكامها القاسية القطعية غير القابلة للمراجعة أو الاستئناف في معظم الدول .
وأضاف رغم كل هذه السلبيات يؤكد الدحلة أن عوامل تطوير الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان تفعل فعلها في المجتمع العالمي والتراكم الذي يحدث نتيجة استمرار الضغط الشعبي والمطالبة الجماهيرية يؤتي بعض الثمرات وان كان ذلك على المدى البعيد.
ومن العوامل التي تساعد على التطور، في رأيه، هي عالمية الديمقراطية وانتشارها على مستوى واسع وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والوعي الثقافي ونشاط مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وازدياد فرص التعليم والثقافة وانتشار المطبوعات والكتب.