"إيلاف"من لندن: رغم أن القمة البحرينية القطرية اكتسبت بعدا إعلاميا على نطاق محلي خص وسائل الإعلام المحلية في البلدين الخليجيين، إلا أن أسئلة ظلت حائرة في غذهان المراقبين الذين يتابعون عن كثب مستوى العلاقات بين المنامة والدوحة وهي انهارت إلى حدودها القصوى حتى عشية قمة الكويت الخليجية في تصادم إعلامي واضح يعكس رؤية القيادة السياسية في البلدين.
والبيان الرسمي المختصر الذي أذيع في كل من المنامة والدوحة، حسب مراقبين، مشجع جدا في تعبيراته السياسية، لكنه ناقص في تنفيذ عملي لعلاقات مستقبلية أفضل بين البلدين اللذين ما بينهما "ما صنع الحداد" على خلفيات كثيرة.
ولا حظ المراقبون أن البيان الرسمي الوجيز، لم يتطرق إلى مسالة وقف الحملات الإعلامية بين البلدين التي تشتد على خلفية أية أزمة صغيرة أو من دونها، على أنه تناول "ضرورة تمتين العلاقات على صعد اقتصادية أخرى".
وكان أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بادر خلال حضوره لقمة الكويت "ومن تحت ضغوطات شقيقة" لزيارة العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في مقر إقامته، وخلال وجه الأمير الدعوة للملك لزيارة الدوحة ورحب الأخير على الفور.
وفي المس تمت الزيارة التي هي الأولى للملك حمد منذ تحويل البحرين الإمارة إلى مملكة حسب الدستور الذي وافق عليه الشعب البحريني في العام الماضي، وهي الثالثة له منذ توليه السلطة خلفا لوالده العود الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذي شهد لنصف قرن من حكمه الصراع مع دولة قطر في مسالة جزر حوار وفشت الديبل التي انتهت إلى محكمة لاهاي الدولية وهي قررت سيادة البحرين تاريخيا على جزر حوار الـ 16 .
والملاحظ أن جميع التعليقات التي بادر إلى كتابتها صحافيون قريبون من الحكم في البلدين الخليجيين قفزت على معطيات كثيرة في العلاقات المتوترة بين المنامة والدوحة، حيث أعطى هؤلاء الكتاب والمعلقين بعدا خليجيا وعربيا أكبر لنتائج قمة الأمس، التي استطاعت تحقيق مهمة واحدة هي إعادة تفعيل أعمال اللجنة العليا المشتركة التي يرئسها وليا العهد في البلدين من دون التطرق إلى جدول أعمال محدد لاجتماع اللجنة المقبل.
وإذا كان عاهلا البلدين الخليجيين "الحمدين ، آل خليفة وآل ثاني" توصلا إلى مقاربة في الآراء عبر بيان رسمي وجيز، تناول مسالة تزويد قطر للبحرين بالغاز الطبيعي، وإمكان البدء بتنفيذ جسر المحبة الذي سيطلق عليه إسم (جسر الحمدين) إن تم الاتفاق النهائي على إقامته، فإن وقف الحملات الإعلامية بين البلدين لم يشر إليه في البيان الرسمي.
يذكر أن دولة قطر، دأبت من خلال وسائل إعلامها المحلية مقرؤة كانت أو مرئية أو مسموعة على شن هجمات ضد الجار البحريني لسنوات عديدة هي عمر تصعيد الصراع في شأن ملكية الجزر ، حوار وفشت الديبل.
واستطاعت حكومة الدوحة تحقيق انتصارات إعلامية هائلة أزعجت مملكة البحرين كثيرا من خلال استخدامها لفضائية (الجزيرة) التي يرعاها ويمولها وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر الرجل الثاني في القرار القطري. وهذا الانتصار كان يشكل "شوكة في خاصرة الإعلام البحريني الذي لا يمتلك فضائية ذات نيات وطموحات بعيدة مثل الجزيرة".
وما استغربه المراقبون للبعد الخليجي هو تصريح عميد فضائية (الجزيرة) وممولها وعرابها، والنائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية، حمد بن جاسم حين تكلم عن العلاقات بين البلدين حيث قال : "شهدت نقاشات واضحة وصريحة وسادها جو من الشفافية والرغبة الأكيدة لدى الطرفين لتطوير ودفع العلاقات بين البلدين"، وأضاف "صحيح أنه شاب هذه العلاقات بعض الفتور خلال العامين المنصرمين ولكن تم الوقوف على أسباب وآليات تجاوزه"، ولم يكشف عميد الدبلوماسية والإعلام القطري عن الأساليب والخطوات التي ستتخذ بنا فيها "لجم" فضائيته التي يمولها عن الهجمات المتكررة ضد البحرين أو دول أخرى في الجوار.
وتنشر "إيلاف" في الآتي نص أحد المقالات التي كتبها كاتب بحريني مؤثر هو عيسى الشايجي حول قمة الدوحة أمس وهو يوق الآتي .
"أن تأتي زيارة جلالة الملك إلى دولة قطر الشقيقة مباشرة بعد اختتام قمة مجلس التعاون في الكويت فقد اكتسبت بعداً بالغ الأهمية على صعيد تفعيل التعاون المشترك ثنائياً وخليجياً .
إن البحرين تضع دائماً الدائرة الخليجية في مقدمة تحركاتها واتخذت سلسلة من المبادرات التي من شأنها تسريع عملية التعاون والتكامل الخليجي، وذلك انطلاقاً من قناعة كاملة بالرغبة الشعبية الخليجية في تطوير صيغة الكيان الخليجي الراهن .
وفي هذا الإطار فإن أبناء الشعبين الشقيقين البحريني والقطري تطلعوا بشغف الى لقاء جلالة الملك المفدى وسمو أمير دولة قطر وهم يحملون الآمال الكبيرة في رؤية تعاون متقدم ومتطور يعكس ما يربط بين الشعبين من علاقات اخوة وقرابة ونسب وزد على ذلك تجانس في الرؤى والتطلعات والآمال المشتركة التي تجمعهما وعملية الاصلاح والتحديث التي يشهدها البلدان .
ولاشك فان نتائج زيارة جلالة الملك لدولة قطر ستشكل انعطافة كبيرة في مسار العلاقات بين البلدين التي لم تعد تقف في طريقها أية عقبة ولا يجب أن تقف في حدود ما هي عليه اليوم، فهناك قناعة لدى القيادتين وأبناء الشعبين الشقيقين في خلق تكامل بحريني قطري في مجالات عدة تبرز قدرات البلدين بشكل أفضل سواء ثنائياً أو على صعيد مجلس التعاون لدول الخليج العربية .
ان القمة وضعت الخطوط العريضة لمسار العلاقات القادمة والتي نرجو ان تتوافق وطموحات أبناء الشعبين الشقيقين في التعاون والتكامل بين البلدين والتي هي أوسع وأعلى سقفاً مما هو قائم حالياً، فكل الظروف والمتطلبات ـ يرى أبناء الشعبين ـ إنها مهيأة لانطلاقة حقيقية قوية في التعاون رسمياً وشعبياً .
إن القواسم المشتركة التاريخية والجغرافية والبشرية التي تجمع بين دول مجلس التعاون كافة وقطر والبحرين بصفة خاصة هي قواسم قلما تهيأت لدول أخرى تسعى لتعزيز التعاون ومن الواجب ان نستثمر هذه القواسم المشتركة نحو تعزيز التكامل فيما بيننا .
كما إن التحديات أصبحت تختلف اليوم وهي التى غيّرت وجه المنطقة، وكلا البلدين يمثلان الامتداد الطبيعي للآخر ولدول مجلس التعاون الخليجي كافة الذي سيشكل أي إطار للتكامل في داخله مصدراً لقوته واستقراره وتعزيزاً لقدراته على مواجهة التحديات.
وإننا إذ نبارك نتائج لقاء القمة البحرينية القطرية، فان أبناء الشعبين البحريني والقطري يأملون في سرعة تفعيل أعمال اللجنة العليا المشتركة برئاسة سمو ولي عهد البحرين وسمو ولي عهد قطر وتنفيذاً كاملاً لما تم الاتفاق عليه وخاصة مشروع الجسر والتملّك والمشاريع المشتركة وذلك لما فيه مصلحة الشعبين والبلدين وشعوبنا الخليجية". (انتهى نص المقال) .

وإذ ذاك، فإن بيانا مشتركا صدر عن نتائج القمة القطرية ــ البحرينية، أشار إلى اتفاق الجانبين على استئناف أعمال اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين برئاسة وليي عهد البلدين، وأن تعقد اجتماعها القادم في المنامة في النصف الثاني من شهر فبراير عام 2004 لتطوير أوجه التعاون الأخوي ومراجعة المشاريع الحكومية المقترحة وغيرها وكيفية تنفيذها والبرنامج الزمني لذلك وأية مواضيع أخرى يعود نفعها على البلدين وشعبيهما الشقيقين.
وكان العاهل البحريني صرح حين وصوله إلى الدوحة قائلا إن "هذه الزيارة تعزز التعاون الثنائي بين البلدين وتدعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي مؤكدا أنها تفتح صفحات جديدة وكبيرة بين البلدين مشددا على أن التوافق القطري ـ البحريني يمثل عنصر دعم وقوة لمسيرة المجلس".
ورد الملك حمد على سؤال لصحافي حول الرؤية القطرية ـ البحرينية للملف العراقي قال ملك البحرين "إن دول الخليج تعمل دائما باتجاه تكريس الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية وفي ظل الحروب والمنازعات لا تتاح الفرصة لمتابعة هذه الجوانب وبالتالي فإننا في قطر والبحرين ندعم أي سياسة تفضي إلى إنهاء الحروب والتوترات ودفع خطوات التنمية".
وفي الختام، رد الملك حمد على سؤال آخر حول إصلاح الوضع العربي وهيكل الجامعة باعتباره رئيس الدورة الحالية للقمة العربية بقوله "هنالك ثمة مبادرات ومشروعات متعددة لإصلاح الجامعة العربية، وستتبنى القمة العربية القادمة ورقة محددة حول العمل العربي المشترك".