توقعات أبرز 4 مبعوثين أميركيين إلى المنطقة لعام 2004
فرصة السلام قائمة شريطة أن يفهم كل طرف هدف الآخر
الانتفاضة وصلت إلى نقطة تحول لأن الجانبين أصبحا منهكين
فشلت خريطة الطريق لأنها لا تتضمن تفاهمات محددة
شارون يحاول تحت وطأة الضغط العودة إلى المفاوضات


واشنطن: تفاوتت توقعات المبعوثين الأميركيين إلى منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للأوضاع الراهنة على الصعيدين السياسي والأمني وفرص تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فبينما كان جورج ميتشل على اقتناع بأن فرصة تحقيق السلام ما زالت قائمة، شريطة أن يفهم كل طرف هدف الطرف الآخر، عبر مارتن إنديك عن اعتقاده بأن الانتفاضة الفلسطينية وصلت إلى نقطة التحول، لأن الإسرائيليين والفلسطينيين أصبحوا منهكين. وأضاف أن& أرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل يحاول، تحت وطأة الضغط الجماهيري، أن يبادر إلى إعادة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات من أجل تحديد الجدول الزمني.
جاء ذلك في مقابلات خاصة أجراها يتسحاك بن حورين مراسل صحيفة ييديعوت أحرونوت الإسرائيلية في واشنطن مع أربعة من أبرز المبعوثين الأمريكيين إلى المنطقة، وهم مارتين إنديك، سفير الولايات المتحدة السابق في إسرائيل والشخصية التي لعبت دورًا رئيسيًا في بلورة السياسة الأميركية في المنطقة& خلال ولاية الرئيس السابق بيل كلينتون، ودنيس روس، الذي شغل في السابق منصب المبعوث الخاص للرئيس كلينتون إلى المنطق، ويعمل حاليا مدير معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط، والسناتور جورج ميتشل، الذي ترأس لجنة تحقيق في أسباب اندلاع انتفاضة الأقصى، التي أعدت أيضا عام 2001 تقريرها الخاص باستنئاف المفاوضات، والجنرال أنتوني زيني، مبعوث وزير الخارجية الأمريكي، كولن باول، إلى الشرق الأوسط، الذي فشلت مساعيه لإنهاء الانتفاضة.
وكانت توقعات المبعوثين الأربعة كالتالي:
مارتين إنديك: "في الآونة الأخيرة نشأ وضع أصبحت فيه الأحداث التي تجري على الأرض تؤثر على الجمهور الإسرائيلي، الذي بدأ يعود من يمين الخريطة السياسية إلى وسطها. لقد رأينا العرض المدهش الذي قدمه وزراء "الليكود"، الذين جاءوا إلى رئيس الحكومة الواحد تلو الآخر، وفي جعبة كل منهم خطة خاصة تصف الأسلوب الذي يجب انتهاجه من أجل التعامل مع الوضع الراهن. كل منهم يسعى إلى السيطرة على الحلبة السياسية - نتنياهو، أولمرت، شِطريت، لِفنات، شالوم. أعتقد أن حالة الإنهاك تخلق زخمًا، تمثل رد رئيس الحكومة، أريئيل شارون، عليه بطرح مبادرة سياسية".
"إنطباعي هو أننا نصل إلى نقطة تحول في الانتفاضة. إن عامل الإنهاك يؤثر على كلا الجانبين من حيث الاستمرار في دعم الصراع عبر استخدام وسائل عنيفة. هذا الأمر يؤثر على اعتبارات حماس في الجانب الفلسطيني. إنهم يعون احتمال فقدانهم الشعبية في الشارع الفلسطيني، إذا ما استمروا في ارتكاب أعمال الإرهاب. كذلك، يؤثر عامل الإنهاك على الإسرائيليين، فهم يؤيدون العمليات العسكرية ما دام الإرهاب مستمرًا، لكن عندما تسود فترة من الهدوء ويكون الوضع الاقتصادي مترديًا، فإنهم يتوقعون رد فعل مغايرًا من الحكومة. إنهم يريدون منها أن تجد حلاً، وهم مستعدون لتجاهل الدور الذي يلعبه عرفات على الحلبة السياسية في الجانب الفلسطيني".
"لا أعتقد أن شارون قصد بالفعل اتخاذ خطوات أحادية الجانب كما أعلن في وقت سابق. إنه يحاول تحت وطأة الضغط الجماهيري أن يبادر إلى إعادة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات من أجل تحديد الجدول الزمني. هذا ما يريده شارون في الواقع. الخطوات الأحادية الجانب هي بمثابة وسيلة تهديد يستخدمها شارون ليعيد الفلسطينيين إلى المفاوضات، وكجزء من هذه العملية، سيتم إخلاء بعض المستوطنات. عامل الإنهاك يجعل الحكومة الإسرائيلية تبادر إلى حل سياسي، وهي تحاول أن تجد في أحمد قريع شريكـًا في العملية، على الرغم من أن هناك إجماعًا في إسرائيل، في هذه المرحلة، على أنه لا يوجد من يمكن التحاور معه في المفاوضات، إذ يدرك الجميع أن عرفات يقف وراءه (أي وراء قريع)".
"لا أعرف ما هو القرار الذي سيتخذه عرفات. إنه يريد أمرًا واحدًا وحسب، البقاء. وهذا يعني أنه يريد في بعض الأحيان التوصل إلى اتفاق سياسي، وفي أحيان أخرى لا يريد. لا أعرف ماذا سيفعل. إذا ما كانت هناك عملية سياسية ستعيد إليه اعتباره، فسوف يوافق عليها".
"أما بخصوص العام الجديد، فلديّ توقعات محدودة بأن العنف والإرهاب سيتراجعان بعض الشيء، وستتخذ خطوات معينة من أجل استئناف العملية السلمية. لست متفائلاً بشأن توقيع اتفاق. أعتقد أن إسرائيل لن تتخذ خطوات أحادية الجانب، على الرغم من أن شارون حدد مهلة زمنية قوامها ستة أشهر. وبدلاً من ذلك، سنشهد بدء تنفيذ المرحلة الثانية من خريطة الطريق، التي تتمثل في رسم حدود مؤقتة للدولة الفلسطيني".
"هناك عدد من العوامل، أحدها عرفات. هل هو معني بحدود مؤقتة؟ إذا كانت الإجابة بالإيجاب، فإن السؤال الثاني هو هل سيتدخل الرئيس بوش لإتاحة إتمام العملية. لن يتم إنجاز أي اتفاق دون أن يكون للولايات المتحدة دور فيه. ستجري مفاوضات، لكن نجاحها منوط بنوايا عرفات وبوش. أما بالنسبة للجدل حول الجدار الفاصل، فأعتقد أن الجدار هو رد إسرائيلي لا مفر منه على الوضع الأمني الذي تعيشه إسرائيل. لا أظن أن الجدار سيحول دون تحقيق حل دولتين لشعبين. الحديث عن دولة واحدة بعيد كل البعد عن الواقع. لن يوافق الإسرائيليون على أن يكونوا أقلية. التغييرات الديموغرافية تخلق استعدادًا سياسيًا من جانب إسرائيل للانفصال عن الفلسطينيين، بواسطة المفاوضات أو عبر اتخاذ خطوات أحادية الجانب".
الجنرال أنتوني زيني: "من وجهة نظري، ما يتعين فعله واضح بكل تأكيد. السؤال الذي يطرح نفسه هو إذا كان كل جانب مستعدًا لتقديم التنازلات بخصوص المستوطنات وحق عودة اللاجئين الفلسطينين وجميع الموضوعات المتعلقة بالحل الدائم. لا يمكن مناقشة الموضوعات على التوالي، فلا يمكن أن نقول سنبدأ أولاً بالموضوعات الأمنية ثم ننتقل إلى موضوعات أخرى. يجب أن يتم ذلك بصورة متوازية. يجب مكافحة الإرهاب، وعلى الفلسطينيين أن يتخذوا خطوات معينة. أدرك أنه من الصعب على الإسرائيليين إجراء المفاوضات في ظل العمليات المعادية، لكن الفلسطينيين ليسوا متأكدين من أنه في حال القضاء على الإرهاب، ستكون هناك استمرارية للعملية، كما تساورهم الشكوك بشأن ما سيأتي بعد معالجة المواضيع الأمنية".
"الوضع الراهن يؤدي إلى انعدام الثقة في الطرف الآخر وعدم الاستعداد للتوصل إلى تسوية، وهذا محبط بكل تأكيد. لقد حضر رئيس الحكومة إيهود براك في حينه إلى كامب ديفيد، وطرح عددًا من التسويات. أعتقد أننا بحاجة إلى هذا من كلا الطرفين. لقد اكتشفت أن التقدم في العملية السلمية خطوة تلو الأخرى ضمن شروط يسهل جدًا على منفذي العمليات وأولئك الذين لا يرغبون في تحقيق السلام. أعلم أنه يصعب على إسرائيل التوصل إلى تسويات بشأن موضوعات سياسية واقتصادية قبل تنفيذ الخطوات الأمنية، لكن يجب، على الأقل، إجراء حوار سياسي واقتصادي في موازاة ذلك من أجل بعث الأمل. لا أقول إنه يتعين علينا اتخاذ قرارات وتقديم التزامات، لكن ينبغي، على الأقل، إجراء الحوار".
"عندما عينت مبعوثا أميركيا إلى منطقة الشرق الأوسط، وجدت أن غالبية الأشخاص الذين عملت معهم كانوا جديين وبذلوا جهودا جبارة، وأقصد هنا الأشخاص الذين عملوا في المجالات الأمنية. وعندما كان يتدخل السياسيون، كانت هناك الكثير من الأحاديث عديمة الجدوى، والكثير من الصراخ والعويل. لكن عندما كان يجري الحوار بين رؤساء الأجهزة الأمنية من قطاع غزة والضفة الغربية وبين قادة الجيش وجهاز الشاباك، كان الوضع مختلفـًا تمامًا، فهؤلاء أشخاص أرادوا العمل بصورة جدية. بوسع هؤلاء الأشخاص تحقيق النجاح، لكن لا بد من قرار يتخذه الساسة".
السيناتور جورج ميتشل: "أومن بأنه ما زالت هناك فرصة من أجل التقدم نحو السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وآمل أن يستغل القادة في المنطقة وفي العالم هذه الفرصة. الأمر الذي يزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق سلام هو أن الظروف والأهداف لدى كل جانب مختلفة. فالإسرائيليون لديهم دولة، وهمهم الأكبر هو تحقيق الأمن. والفلسطينيون من جانبهم لا يملكون دولة، ويسعون إلى إقامة دولة مستقلة تتمتع بقدرات اقتصادية وتكون ذات تواصل جغرافي".
"إنني أومن بأنه لا يمكن لأي طرف أن يحقق أهدافه عن طريق منع الطرف الآخر من تحقيق أهدافه الخاصة. لن يحصل الفلسطينيون على دولة، إذا لم يحظ الإسرائيليون بالأمن. ولن تنعم إسرائيل بالأمن، ما لم تتم إقامة الدولة الفلسطينية. أعلم أن هناك في الجانبين من لا يوافقني هذا الرأي. لكن الدليل على صحة موقفي هو ما يحدث خلال السنوات الثلاث الأخيرة. لقد أصبح من المؤكد أن الوضع الراهن لن يتيح المجال أمام أي طرف ليحقق أهدافه.
"آمل أن يقود العام الجديد إلى استئناف الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام الاستقرار. ويجب أن تتضمن هذه الجهود وسائل من أجل تحسين الاقتصاد وتوفير أماكن عمل. هذا ضروري من أجل تحقيق الاستقرار على المدى البعيد".
دنيس روس: "إن الوضع معقد أكثر من أي وقت شهدته منذ فترة طويلة. لكن هناك عوامل أخرى تبعث على التفاؤل والأمل بشأن المستقبل. فمن ناحية، أصبح الفلسطينيون، في إطار اتفاق جنيف، يتحدثون لأول مرة بشكل علني عن موضوع اللاجئين الفلسطينيين، وكان هذا موضوعا يحظر التحدث فيه عن تسويات. لقد ذكر أمامي بعض الفلسطينيين بفخر، أنه يدور جدل حول الموضوع. ومن ناحية أخرى، هناك اعتراف إسرائيلي بالمشكلة الديموغرافية وضرورة تقسيم البلاد، إما عن طريق المفاوضات أو عن طريق انسحاب أحادي الجانب. هذا مهم جدًا للمستقبل. هذه عوامل مشجعة. لكن ما يشجع بصورة أقل هو زيادة قوة حركة حماس والشقاق الحاصل في صفوف فتح. رئيس الوزراء الفلسطيني لديه نوايا طيّبة. إنه يحاول فرض النظام".
"لقد فشلت خريطة الطريق، لأنها لا تتضمن تفاهمات بين الأطراف حول ما يتعين عليها فعله. هناك تفاهم بشأن إجراء المفاوضات حول قطاع غزة وبيت لحم، لكن يتعين أن تكون تفاهمات محددة حول الخطوات الفعلية التي يتعين على كل طرف القيام بها. على سبيل المثال، ما هي الخطوات التي يجب على الفلسطينيين اتخاذها في الموضوع الأمني: الأنفاق، ورشات تصنيع المتفجرات وما شابه".
"أما بالنسبة لتوقعاتي المتعلقة بالعام 2004، فأعتقد أنه ربما يحدث فتور في الحرب، لكنني لست مقتنعًا بأن ذلك سيكون لمدة طويلة. لا أظن أن الفلسطينيين قادرون على تحقيق الهدوء على المدى الطويل".