"إيلاف"من برلين: ما حدث في فرنسا حدث أيضا في ألمانيا، إذ وصلت النقاشات الحادة بين السياسيين حول الحجاب إلى القمة. ففي ألمانيا طالب يوهانس راو رئيس الجمهورية (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، في خطابه بمناسبة حلول العام الجديد معاملة كل الديانات على نفس المستوى، وكما قال: "إذا ما اعتبر غطاء الرأس علامة للتدين يجب أن ينطبق ذلك أيضا على رداء الراهب والصليب الذي يعلق في صفوف المدارس". وانتقد هذا الموقف العديد من الأحزاب منها الحزب المسيحي الديمقراطي الذي اتهم راو بأنه يرتكب خطأ فادحا عندما يشبه رداء الراهب أو الصليب بغطاء الرأس لأنه الحجاب يعبر عن توجه سياسي لا ديني.
&ولم يعارض المستشار الاشتراكي غيرهارد شرودر الحجاب علانية، بل ذكر بأن ألمانيا دولة علمانية ومتأثرة بالتقاليد الرومانية- اليونانية وبالديانتين المسيحية واليهودية وبتراث عصر التنوير، لكن منع الحجاب أو إقراره عائد إلى حكومة كل ولاية ألمانية.
وكان الرئيس الفرنسي أكثر حسما من الجميع فأعلن عن عزمه إصدار قانون السنة القادمة، يمنع كل المظاهر للديانات الثلاث المسيحية والإسلامية واليهودية في المدارس.
وتحظى مسألة المظاهر الدينية خاصة غطاء الرأس في دول أوربية أخرى بأهمية متفاوتة لكنها لم تتحول كما الحال في ألمانيا أو فرنسا حتى الآن على الأقل إلى مادة سياسية ساخنة أو إلى خلاف بين السياسيين والأحزاب.
فرغم رفع بريطانيا راية التسامح عالية لوجود شعوب متعددة لديها إلا أن قصة المدرسة هاسل ديرك في مدرسة ببيتربورو التي وقعت الخريف الماضي لم تنس بعد، وحمّلتها المحكمة مسؤولية إلحاق الضرر الجسدي بإحدى التلميذات المسلمات لأنها نزعت غطاءها الأسود بالقوة عن رأسها وكانت المدرسة قد سمحت باللون الرمادي. وفي برادفورد بذل مركز المسلمين البريطانيين في الثمانينيات الجهد لوضع نظام مدرسي ديني تراجع عنه بعد ذلك عقب حملة عنيفة من مدراس تضمن تلاميذ من إثنيات متعددة. رغم ذلك لم تقدم أي حكومة من الحكومات البريطانية المتعاقبة على إصدار قانون يمنع غطاء الرأس. وأكد أحد السياسيين مؤخرا بأن لا وجود لسياسي بريطاني لديه الاهتمام بإثارة مثل هذه القضية.
ولم تكن قضية الحجاب في النمسا حتى الآن موضع نقاش أو اهتمام لعدم وجود فصل بين الدين والدولة. ولأنها بعكس ألمانيا تعتبر الإسلام كما المسيحية هيئة دينية تابعة للقانون العام، لا توجد أسس قانونية تحظر غطاء الرأس. كما يدرج الدين في البرامج التعليمية كأي مادة تدريس أخرى لذا من الطبيعي وجود معلمات بغطاء رأس.
وتسمح هولندا قانونيا للتلميذات المسلمات بتغطية رؤوسهن في المدرسة، في الوقت نفسه لا تقبل تغطية الوجه بالكامل لأنه يمنع الاتصال بين المدرسة والتلميذة. ويحظر الحجاب على المدرسات والقاضيات والطبيبات العاملات في القطاع العام ، لكن بإمكان المدرسة التحجب العادي بناء على تقدير إدارة المدرسة. ومع أن النقاشات حول قضية الحجاب تبرز بين حين وآخر لكنها لا تأخذ منحى إيديولوجي في هولندا ، وليس هناك سياسي واحد يريد الغوص في هذا الموضوع أو تغير الوضع الحالي.
ولا يوجد في اسبانيا أي قانون يسمح أو يمنع الحجاب، وحسب أقوال وزارة العدل في مدريد ليس لدى الحكومة نية سنّ قوانين من هذا القبيل مستقبلا كما وإنه ليس هناك ضرورة لدخولها في صراع مع الدستور الذي يضمن للمواطنين حرية ممارسة معتقداتهم الدينية. ولا توجد لوائح تنظم التعامل مع الدين كرمز في المدارس التي تعتبر نفسها علمانية رغم تعليق بعضها الصليب في قاعات التدريس.
&لكن للمدارس الاسبانية الخاصة ومعظمها كاثوليكية ويدرس فيها حوالي 50 في المائة من التلاميذ مسحة دينية غير ظاهر وتحظى بمعاملة خاصة من الحكومة بناء على اتفاق وقع في السبعينيات مع حاضرة الفاتيكان، مثل حصولها على دعم مالي، وهذه الخصوصية محجوبة عن المدارس الإنجيلية واليهودية والمسلمة، كما تحصر دراسة الدين بجامعة غرناطة فقط. وبعكس كل الدول الأوروبية لم تسجل في إسبانيا حالة خطيرة لها علاقة بالتعصب الديني،وطردت تلميذة من مدرسة خاصة للراهبات في مدريد فقبلتها أخرى حكومية بسرعة ووافقت على احتفاظها بغطاء رأسها.