سامي السكندري
&
"من له أذنان للسمع فليسمع ومن له عينان للبصر فليبصر"
يعيب الاستاذ مجدى خليل فى مقالته القيمة" أين الاقباط"، على الأقباط المهتمين والمتولين لشأن عام، خجلهم بل وجبنهم عن الإفصاح عن اهتمامهم بمشاكل الأقلية القبطية فى الوطن المصرى، ويوجه أنظار المخاطبين بمقالته الى أن حقوق الأقليات مكفولة بقوانين ومواثيق دولية تشجيعا لهم على الاهتمام باشأن الخاص القبطى، وعدم تعارض ذلك مع توجهاتهم ومراكزهم المؤثرة فى الشأن العام. ويسترسل الاستاذ مجدى خليل الى حد ضرب الأمثلة فى كيفية وعدم لزوم وجود تعارض بين المهتم والمشارك بالشأن العام والذى- فى ذات الوقت- لا يغفل عن الاهتمام والدفاع عن حقوق الاقلية التى ينتمى اليها، وأورد أمثلة لمواقف كولين باول وكوندليزا رايس بل ولمقدمة البرامج الامريكية الشهيرة "أوبرا". وأنهى الاستاذ الكاتب مقالته بتساؤل مندهش نصه" وإن لم يدافع الأقباط عن حقوقهم وخصوصيتهم وأوضاعهم فمن سيدافع عنها اذن؟ ستكون النتيجة ضياع حقوقهم السياسية والثقافية وابتلاعهم داخل اطارثقافى يكرس وضعهم كذميين واطار سياسى يصنفهم عمليا كمواطنيين من الدرجة الثانية."؟
&ويبدو أن السيد الكاتب قد وقع فى المحظور الذى ينبه من الوقوع فيه، فهو يتكلم عن ضياع حقوق الاقباط السياسية والثقافية، ووضعهم فى أطر ثقافية وسياسية كمواطنين من الدرجة الثانية بصيغة الخطر المستقبل وهو يعلم تمام العلم أنه واقع حاضر" وأن العالم كله- بما فى ذلك الباحثون العرب-يتهمونهم بالخنوع للابتزاز المزرى ولانتهاك الحقوق". ولأن الاستاذ مجدى خليل كاتب مقبول الى حد ما لدى بعض الوسائل الاعلامية العربية فلا شك لدى أنه قد عانى فى انتقاء كلماته وتعبيراته ليحول الصرخة الى كلمة هادئة تخفى أكثر مما تفصح، وآل على ذكاء المتلقى فى أن يفهم ما بين السطور.
&أيضا ألمح الكاتب للمواقف التى يتعرض لها بابا الاقباط فى تناوله للشأن العام من تقريظ ومديح، وعدم الالتفات الى ما يقوله إن تعلق الأمر بشأن الأقلية التى يمثلها، بل وحتى مهاجمته والتعريض بمطالباته سواء فى شأن وقائع فادحة الظلم، أم بشأن قضايا كالتمثيل النسبى للأقباط فى المواقع السياسية. ويعلم الكاتب كما نعلم نحن أن لبابا الاقباط حساسيات وتوازنات تتعلق بموائمة علاقة الأقباط ليس فقط بالدولة وأجهزتها الرسمية بل أيضا بجموع الأكثرية المسلمة، ولا نستبعد موقفه المعارض لاتفاقية كامب ديفيد من تلك الموائمة، فضحى-فى ذكاء وبعد نظرثاقب- بمركزه البابوى الرسمى، وتقبل أن يتحفظ عليه داخل أسوار دير وادى النطرون، على أن يعرض الأقباط لنظرة دونية من جموع مواطنيهم العرب والمسلمين.
لايتبقى إلا أولائك المعينون فى مراكز ادراية أو تمثيلية عامة، كالاعلاميون واصحاب السلطة العمومية وأعضاء المجالس التمثيلية سواء كانت معينة أم منتخبة، وهؤلاء هم فقط من يرعبهم شبهة الاتهام بالطائفية والتحيز للأقلية التى هم منها، وتصرف هؤلاء ثمرة أنانية وجبن يبدوا-من شيوعهم وكثرتهم- أنهم قد جبلوا عليها كثمرة لتعليم رسمى وكنسى خانع ذليل، وأيضا بالاكثر نتيجة ضغوط ثقافية شعبية متأسلمة تجعلهم يتصرفون بملكية أكثر من الملك نفسه( إن جاز التعبير)، ومن الملاحظ أن أسماء هؤلاء فى الأغلب الأعم تنبىء عن انتمائهم الدينى، فتجد بينهم جرجس، وبطرس، وبباوى، وتكلا. وهؤلاء قوم لا يفهمون بالاشارات ولا بالكلمات، فليس لهم آذان للسمع ولا عيون للبصر، وانما ينبغى أن يلفظهم المجتمع القبطى الذين هم محسوبون كذبا عليه والذى بدون تواجده لا يكون لهم أى حيثية تؤهلهم للمراكز التى يتبوؤنها، فالشجرة التى لا تعطى ثمارها فى حينه ينبغى أن تقطع وتلقى الى النيران.

واشنطن