&سالم اليامي
&
&
مررت في إجازة عيد الأضحى بجوار سوق للحيوانات في إحدى القرى الريفية، حيث يتم بيع وشراء العديد من انواع الحيوانات المختلفة في ذلك السوق. وقد لفت انتباهي حماران أحدهما كبير السن، والآخر صغير" جحش "، حيث انزوى الحماران في زاوية بعيدة من السوق وكأنهما يتحاوران بينهما بكلام سري وهما يرمقان الناس الذين يتجولون داخل سوق الحيوانات بحثا عن خروف أو نعجة او بعير او حمار. وقد تخيلت الحوار التالي بينهما:
الحمار الكبير للجحش: مابك تنهق كثيرا أيها الجحش؟! إهدأ فإن الانسان ينزعج من النهيق، ولا تنس أنه مسؤول عنا، ونحن " كحمير " في خدمته.
الجحش: والى متى وهذا الانسان " يستحمرنا"؟! إنني أريد أن أكون" جحشا حرا"، فأنهق كيفما أريد وأتمرد على "إستحمار" الانسان لنا معشر الحمير.
الحمار: عمر الحمار ما أصبح حرا أيها الجحش الصغير.. ومنذ الأزل والحمار يخدم الانسان،ويصبر على غضبه وقسوته..أتريد أن تغير سنة الحياة؟!
سيظل الحمار حمارا...والانسان انسانا..هل عرفت ايها الجحش؟!
الجحش: أنا لا أؤمن في كلامك هذا... وأرى أن الانسان حيوان أناني بالفطرة.. ومتى ما "إستحمرت " له إزداد لك إستحمارا. تخيل كم ضحى الحمار من أجل الانسان ومع ذلك لم يقل الانسان بيتا جميلا من الشعر في الحمار، ولا نسمع او نقرأ الا نوعا من السخرية والإستغباء لصبرنا وقوة تحملنا وخضوعنا له، بينما لو رأى هذا الانسان غزالا تمر من أمامه كالبرق،لكتب أجمل القصائد!هل سمعت الانسان يغني أغنية تقول يا حمار يا حمار فينك؟!
مثل أغنية: يا غزال يا غزال فينك؟!
وهل سمعت أغنية تقول يا حمار الحقل أو يا جحش الحمير؟!
إنني أعلن عدم احترامي لهذا الانسان مادام أنه يعاملنا بهذه القسوة وهذا الاستهتار والاستغباء والاستحمار.
الحمار: يالك من جحش طائش... عليك ان تعرف انك حمار أبا عن جد، وان تفتخر بخدمتك لهذا الانسان الذي شرفه الله على جميع المخلوقات.
أترفض أن تكون حمارا مثلما خلقك الله؟!
الجحش: أنا أرفض أن أكون حمارا في القرن الواحد والعشرين، ولم لا أكون غزالا، أو أسدا، أو نمرا؟!
الحمار: وكيف تكون أسدا أو نمرا أو حتى حصانا يا أيها الجحش الصغير؟ وأمك " حمارة"،وأبوك " حمار" وكل قبيلتك حمير مثلك.
قلت لك: أنت حمار ابن حمار، وستظل كذلك مالم يتغير الجين الذي يميزك عن بقية المخلوقات " كحمار". أنت لا زلت جحشا صغيرا لا تفقه في أمور الحياة، وحينما تصبح حمارا كبيرا ستعرف كم كنت جحشا طائشا حقا!
الجحش: ينهق......
الحمار: هكذا تعجبني... جحشا وابن حمار..
دعك عن التفلسف ايها الجحش...ولا تتمرد على عادات وتقاليد قبيلة الحمير " أجدادك".
كن جحشا تسلم.... غدا ستصبح حمارا ولك شأنك بين الحمير!
ثم عادا الى حضيرتهما ينهقان بقناعة!!