عبدالله الحكيم



العالم يشتعل ازدهارا بتجارة الرقيق، والتقارير المحايدة لا تستثني طرفا الا فيما ندر ذكره. وفي كل يوم تقريبا تقذف الصحافة قصصا جديدة الى دائرة معارف العبودية الآخذة بأثر رجعي في اشتعالات النمو درجة الالتهاب.
الضحايا ليسوا أفرادا قلائل، والكثير من القصص باتت لا تضيف الى طقس العبودية مشاهد تذكي الخيال، ففي دولة مثل النيجر لا يقل تعداد الر قيق بحسب احصاءات جهات عن 870 ألف انسان يعيشون حذافير العبودية التي يفترض أن يكون ملفها قد أغلق منذ سنوات بعيدة الى غير رجعة.
وأما في دولة مثل نيجيريا، فيطلق عليها متعاملون في سوق بيع الأنفس البشرية (مستعمرة العبيد).
وقبل ثلاثة أشهر فقط كشف تقرير اخباري، مشفوع بتفاصيل معلوماتية، لأحد وكالات الأنباء الأفريقية عن سبع مدن نيجيرية تكتظ بنخاسة الرقيق.
لقد أوردوا سلسلة لقاءات موثقة مع عقول مدبرة وخبرات محلية تدير تلك السلخانة البشرية، حيث أعترف متعهدو تلك المشاريع أنهم يتعاملون مع خاطفين يجلبون اليهم الأطفال من قرى في دول مجاورة بعد أن يخبئ المهربون الأطفال قي أكياس ويدخلونها البلاد على اعتبار أنها مواد غذائية.
وفي الغالب فحرس الحدود يعرفون جيدا ماذا يوجد داخل الأكياس، ولكنهم لا يصمدون أمام اغراءات الرشاوي التي يقدمها اليهم المهربون.
ومن بعد ذلك يجري تصريف هؤلاء الضحايا الصغار داخل البلاد وتهريب البعض الى خارج البلاد أيضا بعد تدريبهم جزئيا على ما سوف يقومون به من أعمال تتلاءم مع الغرض الذي جلبوا اليه.
ولا تزال ظاهرة الاتجار بالأطفال وتسخيرهم لممارسة أعمال غير أخلاقية موجودة في نيجيريا وغيرها من الدول الأفريقية، فيما تتزايد أعداد هذه المستعمرات يوما وراء آخر دون تدخل يذكر من جانب السلطات لاقتحام هذه المستعمرات وتفكيكها وارسال المشرفين عليها الى القضاء.
ويعتبر متعاملون أفارقة نيجيريا من بين مراكز تصدير الرقيق الآخذة في النمو كل عام، فالضحايا هناك يتزايدون. ولا زالت العقود تجري على قدم وساق لترحيل السمراوات بالمئات الى بريطانيا التي ليس بالضرورة أن تكون محطة نهائية في حياة من يقع عليها الاختيار، ففي بريطانيا توجد مؤسسات غير قانونية تتولى فرز العبيد تمهيدا لاعادة تصديرهم الى دول أوربية أخرى.
واذا ما كانت ايطاليا من بين مراكز استقبال أوربية لتأهيل هؤلاء الفتيات على أعمال البغاء وفنون العهر، فان أزمة الكثير من الفتيات السمراوات تبدأ في مدينة بينين حيث يصطادهن متعهدون في مشاريع غواية باغرائهن بالعمل خارج نيجيريا لتحقيق مكاسب تعد بالثراء.
وتذكر احدىالعاهرات البريئات من مدينة بينين كيف وقعت في الفخ بعد ان غرر بها متعهدون لدى خروجها للتبضع من سوق محلية في بينين. كان عمرها وقتئذ حوالي 14 عاما على وجه التحديد، وقد ألتقتها في السوق متعهدة في سوق النخاسة وأقنعت المتعهدة الفتاة أن بامكانها أن تصبح ثرية فيما لو أستمعت اليها جيدا، فهي سوف ترسلها الى ايطاليا للالتحاق بعمل لدى سيدة أخرى، بحيث تستطيع لاحقا خلال فترة غير طويلة من العمل التخلص من الفقر.
قبلت الفتاة مبدئيا بالعرض، وجرى لاحقا تهريبها على يد عصابة نيجيرية عبر دول أفريقيا الغربية حتى وصلت ساحل العاج. وهناك باعها متعهدون لاحدى وكالات النخاسة الى امرأة نيجيرية تقيم أساسا في ايطاليا. وهكذا دخلت الفتاة ايطاليا بمساعدة سيدتها النيجيرية الجديدة، وجرى لاحقا تدريبها بالاجبار على كيفية استقبال زبائن المتعة وارضاء غرورهم بالاستجابة الى ممارسة البغاء.
القصة لا تنتهي هنا مطلقا، فقد وصلت قضية الفتاة بكامل مشفوعاتها القانونية الى القضاء النيجيري. وعلى أبعد أفتراض قانوني ممكن فان القضاء في حالة ادانته المرأة التي باعت أوساميد أجيوبارو، فعندئذ وحال نخاسة الرقيق على ما هي عليه برسم الازدهار، تستطيع المتهمة الافلات من تطبيق العقوبة بمقايضة التورط برشوة للتخلص من حكم القانون، بما يتيح لها البحث عن ضحايا اخريات لا يستطعن، اما بسبب ظروف قاهرة او بدافع الاستجابة الحرة للبغاء، من الوصول الى القضاء.

[email protected]
كاتب صحافي سعودي