كيغالي: تحيي رواندا اليوم ذكرى مرور عشر سنوات تماما على المجازر التي اسفرت عن مقتل حوالى 800 الف شخص حسب الامم المتحدة خلال مئة يوم وسط شبه لامبالاة من جانب الاسرة الدولية.
وسيشارك رؤساء ست دول او حكومات في المراسم التي ستنظم في هذه المناسبة. لكن باستثناء بلجيكا القوة المستعمرة السابقة لهذا البلد، لن تمثل اي دولة غربية برئيسها او رئيس حكومتها.
ويثير غياب قادة دول غربية والامم المتحدة عن مراسم احياء ذكرى المجازر استياء مسؤولين دوليين ومنظمات غير حكومية وناجين من عمليات القتل.
وكانت عمليات الابادة هذه بدأت باغتيال الرئيس الرواندي الهوتو جوفينال هابياريمانا الذي ينتمي الى اتنية في تحطم الطائرة التي كانت تقله في السادس من نيسان/ابريل 1994 فوق كيغالي، في حادث لم تكشف ملابساته حتى الآن.
وفي مساء اليوم نفسه، دعت وسائل الاعلام المتطرفة افراد اتنية الهوتو التي تمثل الغالبية في رواندا الى الانتقام من اتنية التوتسي لتبدأ سلسلة من المجازر على نطاق واسع.&وخلال ثلاثة اشهر ابيد اكثر من عشر سكان رواندا معظمهم من التوتسي تحت انظار الاسرة الدولية.
وعجزت الامم المتحدة التي كانت تتمتع بوجود في رواندا عبر بعثة لحفظ السلام قبل المجازر وبعدها، عن وقف عمليات الابادة، بل الاسوأ من ذلك انها قامت بخفض عدد جنودها بينما كان قائد البعثة الجنرال الكندي روميو دالير يطالب بتعزيزات.&وانتهت المجازر باستيلاء المتمردين التوتسي في الجبهة الوطنية الرواندية على كيغالي في الرابع من تموز/يوليو 1994.
ومن بين كل الدول او المنظمات التي انتقدت بسبب تقاعسها او دورها خلال المجزرة -- وخصوصا الامم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا --، فرنسا هي الدولة الوحيدة التي لم تطلب حتى الآن الصفح.
وسيتم احياء ذكرى هذه المجازر اليوم الاربعاء في تجمع في ستاد كيغالي حيث سيلقي الرئيس الرواندي بول كاغامي كلمة.&كما سيفتتح مركز وطني لذكرى المجازر في كيغالي دفن فيه حوالى مئتي الف شخص وصرح آخر في ذكرى عشر من جنود حفظ السلام قتلوا في بداية عمليات الابادة.
واخيرا ستنظم امسية تتلى فيها شهادات لناجين وصلوات على ارواح الضحايا، يحييها حوالى 650 طفلا في ستاد العاصمة.
وقد دعا الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الذي كان مسؤولا عن عمليات حفظ السلام في المنظمة الدولية عند وقوع المجازر، العالم باسره الى الوقوف دقيقة صمت ظهر اليوم الاربعاء في ذكرى ضحايا عمليات الابادة.
عدد القتلى في المجازر في رواندا لم يحدد بدقة حتى الآن
تشكل المجازر التي شهدتها رواندا منذ عشر سنوات اسوأ عمليات الابادة في القرن العشرين ساهم فيها اكبر عدد من القتلة، لكن تحديد عدد ضحاياها ما زال امرا صعبا للغاية. وبينما تحيي رواندا اليوم الاربعاء الذكرى العاشرة لهذه المجازر التي وقعت في 1994، ما زالت الارقام المتعلقة بعدد الضحايا وتتراوح بين 500 الف ومليون شخص موضع خلاف.
ففي محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، تم جمع معظم الضحايا قبل قتلهم وتسجيل ارقامهم على الاقل ان لم يكن هوياتهم. كما اتبع الخمير الحمر نظاما مماثلا في كمبوديا وسجلوا على الاقل اسماء الذين قتلوا في مراكز الاعتقال. ولكن في رواندا ذبح الرجال والنساء والاطفال في الحقول وفي منازلهم عندما انقلب الهوتو على جيرانهم من الاقلية التوتسي.
وفي العام 2000 بدأت الحكومة الرواندية تحقيقا لتحديد عدد قتلى المجزرة. وتوصل التحقيق الى نتيجة تفيد ان عدد القتلى هو مليون و71 الف شخص يشكل التوتسي 90% منهم، حسبما ذكر وزير الثقافة في رواندا الاسبوع الماضي. الا ان خبيرا في شؤون المنطقة طلب عدم الكشف عن اسمه قال ان التقديرات تشير الى انه تم اختيار الرقم مليون لاحداث "اثر نفسي". واوضح ان "الاحصاءات ليست واضحة وتستخدم كعامل لتشريع خطاب عاطفي يلقى به على الاعداء لاثبات مدى المعاناة والالم الذي عانينا منه".
واصر وزير الثقافة في رواندا روبرت بايغامبا على ان مليون شخص على الاقل قتلوا لكنه اعترف بصعوبة تحديد عدهم بدقة. وقال ان الحكومة ستتمكن من القيام بهذه المهمة في السنوات المقبلة بفضل شهود عيان سيقدمون شهاداتهم في المحاكم القروية التي انشئت لمحاكمة المتهمين بالمشاركة في عمليات القتل.
ويؤكد فيليب غوريفيتش في كتابه حول المجزرة بعنوان "نود اعلامكم انه سيتم قتلنا مع عائلاتنا غدا: قصص من رواندا" ان عدد المليون قتيل قد يكون صحيحا، مشيرا الى ان "800 الف شخص قتلوا خلال ئمة يوم فقط"، من اصل السكان البالغ عددهم 5،7 مليون شخص. وتقدر الامم المتحدة عدد القتلى ب 500 الف شخص على الاقل.
وفي كتابها "لا تتركوا احدا يروي القصة" تتحدث اليسون ديز فورغيز من منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن مقتل 500 الف شخص على الاقل بينما يشير الكس دو وال وراقية عمر المنسقان في منظمة "افريكان رايتس" غير الحكومية ان عدد القتلى بلغ 750 الف شخص.
الا ان جيمس سميث من منظمة "اغيس ترست" البريطانية غير الحكومية التي تكرس نفسها لمنع وقوع عمليات ابادة جماعية يؤكد ان المهم ليس تحديد عدد القتلى بل ان "نتذكر ان عملية ابادة جماعية وقعت ومحاولة للقضاء على التوتسي من رجال ونساء واطفال والقضاء على اي ذكرى لوجودهم قد وقعت".