داود البصري
&
&
&
سأحاول أن أكون متجردا من علاقتي الذاتية بإيلاف بإعتباري أحد كتابها البسطاء من الذين أفسحت لهم هذه الوسيلة الإعلامية المتميزة صدرها لتتقبل كتاباتي رغم عللها ومحاذيرها!، وسأتحدث بلغة المراقب المحايد والمهتم بفضاءات الإعلام العربي الورقي منه أو الإلكتروني، وأبتدأ بالقول إن "إيلاف" في إنجازها وتميزها وبروزها على خارطة الإعلام العربي بل وتصدرها لتلك الخارطة هو حدث يمثل بواكير التغيير في العالم العربي إنطلق وتجذر وشق طريقه قبل أن تتبلور وتتضح وتعلن دعوات التغيير من الولايات المتحدة أو غيرها، وقبل أن يتوه العالم بأسره في دوامة الإرهاب، وقبل أن تظهر وتتجسد العديد من المفاهيم السائدة حاليا، ( فإيلاف ) ليست مجرد نشرة إلكترونية عابرة يوجد الآلاف مما يماثلها في مواقع البحث، وهي ليست نشرة تقليدية تكتفي بمراعاة مشاعر وإتجاهات وآراء من يملكونها ويقفون خلفها، إنها بإختصار ومباشرة حدث تغييري ضخم وثورة إعلامية عربية بيضاء وهادئة تسللت عبر أنامل وأفكار رائدها وقائدها الأستاذ الرقيق عثمان العمير صاحب الإنجازات الإعلامية الكبرى في ( الشرق الأوسط) وهي التي رفعت في عهده شعار يحارب التثاؤب والكسل والتوكل وإنطلقت على مدار الكون العربي بحلتها العربية الخضراء، وبعد أن ترجل الفارس من صهوتها قرر خوض غمار التحدي والمنازلة الحضارية وفق رؤية مغامرة وغير تقليدية وغريبة كل الغرابة عن العقل الإعلامي العربي وهو العقل الذي صاغه للأسف شرطة الثقافة الشمولية من أصحاب الشعار الشمولي البائد والنافق والقائل : { للقلم والبندقية فوهة واحدة}!!، وجاء عثمان العمير وهو معبأ بكل ألق ثقافة العروبة الواقعية الحقة من جزيرة الأجداد أرض الجزيرة العربية ومن صحاري نجد وبطاحها ليكرس مفهوما إعلاميا أقض مضاجع أهل الرقابة والحجر على الأفكار وأصاب في الصميم أهل التطرف ودعاة الموت وأصحاب الفكر الإنغلاقي والسوداوي، ولتنطلق إيلاف إنطلاقتها الخجولة الأولى وسط أنواء ضبابية وفي خضم تحشدات هائلة من المعادين لخطها الفكري وسلوكها الإعلامي وهو حشد لايرحم يبدأ من أقصى اليمين المتطرف ولايتوقف عند أقصى اليسار المراهق ومابينهما من المسافات والرؤى وحيث إستطاعت ( إيلاف ) بعقلانيتها المجنونة أن تخترق المواقع الحصينة وأن تهدم القلاع القديمة البالية من تابوهات الحجر والمنع والمصادرة، وأن تبرز في سماء الإعلام الكوني وليس العربي فقط نجما إضطر الأعداء لإحترامه والإنحناء لعواصفه بدلا من محاربته، لأن أي معركة من قوى التطرف والتخلف والظلام ضد إيلاف هي معركة فاشلة مقدما! وذلك لإمتلاك إيلاف لواحدة من أخطر أسلحة الدمار الشامل.. وهي الحرية المقدسة المسؤولة التي تبني ولاتدمر والتي تنصح وتحذر ولاتلزم والتي تستشرف المستقبل بروح العالم المطلع وليس من خلال فوهة مسدسات رجال الأمن والمباحث، ولعل حضور إيلاف الدائم في دواوين وأروقة الحكومات والأنظمة العربية يمثل إختراقا إعلاميا مهما لعقلية السلطة العربية المستبدة التي لاتهتم لآراء الآخرين ولاتقيم وزنا للرأي العام العربي أو المحلي، فجاءت إيلاف لتدشن عصر التغيير الكبير، وعصر الإنفتاح الأكبر، وعصر تغيير الرؤى وتدمير قلاع الماضي الخرافية التي إحتجزت العقل والإرادة العربية لعصور طويلة لم تنته مؤثراتها وآثارها حتى اليوم....، ولاشك إن الإعلام العربي في مرحلة ( إيلاف ) ومابعدها ليس هو الإعلام ماقبل ذلك!، وإن شعار تصدير الثورة المعلوماتية وقيم الحرية وتوسيع الليبرالية قد أضحى من ضمن أقدس إختصاصات وسمات ( إيلاف ) والتي يحق للإعلام العربي وهو يعيش مرحلة التغيير الشامل أن يفخر بها وبإنجازاتها التي تجاوزت كل التقديرات المسبقة، وبذلك أثبت إبن الجزيرة العربية القادم من أصلاب رجال الفتح الأول بأن الفتح الجليل ليس مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم فقط... بل إمتلاك روح المبادرة وجرأة المغامرة، وخوض غمار التحدي، ومحاربة التخلف حتى القلم الأخير.. وتلك هي مهمة ( إيلاف ) المقدسة... فما أجلها من مهمة!.