حسام عبد القادر
&
&
منذ أن بدأت خطواتى الأولى فى بلاط صاحبة الجلالة عام 1987 وأنا أتطلع دائماً إلى الجديد ولما لا والصحافة هى مهنة البحث عن الجديد والبعد عن ملل الحياة الروتينية التى لا يتحملنا أمثالنا ممن يعشقون الحياة المتجددة.. وبعد مرور 10 سنوات على هذه البداية بدأت علاقتى بشبكة الإنترنت هذه الشبكة الساحرة التى جعلتنى أحس أننى أمام مصباح علاء الدين أسأل فأجاب، وشعرت وقتها كيف أن "العالم أصبح قرية صغيرة" وهى ليست مجرد مقولة وإنما واقعاً ملموساً نعيشه ونحسه، فقررت وقتها ألا أكون متفرجاً على شبكة الإنترنت بل لابد أن أكون مشاركاً فيها وبالفعل أنشأت مجلة إلكترونية ثقافية من خلال وزارة الثقافة بالإسكندرية هى مجلة أمواج سكندرية وهى مستمرة إلى الآن ويتم تجديدها كل ثلاث شهور، ومارست الكتابة فى عدد من المواقع أهمها إسلام أون لاين وكانت تجربة فريدة فى نوعها، إلا أن كل هذه التجارب شئ وتجربتى مع إيلاف شئ آخر تماماً، ورغم أن تجربتى كمراسل مع إيلاف بدأت من شهر نوفمبر الماضى إلا أنها تجربة ثرية جداً لى كصحفى استطاعت أن تضفى الكثير من السمات والخصائص علىَّ وهو ما أسعد به دائماً فى عملى، لقد تمكنت إيلاف من تقديم وجبة يومية دسمة رائعة للقارئ العربى تشمل كل مجالات الحياة من سياسة وثقافة وصحة وفن وكمبيوتر وتحقيقات متنوعة من خلال شبكة مراسلين ضخمة فى معظم أنحاء العالم، كما امتازت إيلاف بسرعة تناقل الأخبار وخاصة الأخبار السياسية والتى تنافس أحياناً المحطات الفضائية وهى ميزة ضخمة تحسب لها، مع إعطاء الفرصة من خلال المقالات والآراء لحرية الفكر بمختلف نظرياته ومناهجه دون حكر على نظرية محددة أو حزب بذاته.
وقد استفدت -وما زلت- بلا شك من كل هذه المزايا فى عملى مع إيلاف واستطعت أن أنشر أخبار وموضوعات متنوعة فوجئت بها منقولة فى عدة جرائد أسبوعية بالحرف دون أى مراعاة للمصدر بل وقد تجرأ بعض رؤساء التحرير بكتابة الموضوع أو الخبر بأسمى دون استئذان أو حتى إشارة للمصدر، وكانت أهم ميزة أشعر بها وأحسها هى سرعة نشر الخبر، فما زلت أذكر أننى كنت انفجر غيظا عندما أحصل على خبر ما من مصدره قبل زملائى وهو تنافس مهنى طبيعى ولكنى لا أتمكن من نشره إلا بعدهم بعدة أيام نظراً لأن عملى الأساسى فى مجلة أسبوعية مصرية وهى مجلة أكتوبر، وكنت أحس أن أى سبق صحفى أتمكن من الحصول عليه لا فائدة منه نظراً لوقت النشر وسرعته فى الصحف اليومية، إلا أن الأمر الآن اختلف كثيراً بل أصبح معكوساً حيث أستطيع نشر الخبر بعد دقائق معدودة سابقاً زملائى فى الصحف اليومية المطبوعة، وهو ما يرضينى مهنياً وخاصة عندما أحصل على الخبر منفرداً كما ذكرت من قبل.
إلا أن هناك مشاعر كثيرة تنتابنى أثناء عملى وكتابتى على مواقع الإنترنت وخاصة إيلاف وتنحصر فى التعامل مع رؤساء الأقسام ومع المحررين الزملاء فلا شك أننى أعرف معظم المراسلين ويعرفوننى وأعجب بعملهم ويعجبون بعملى ولكن فى إطار الأسماء فقط لا غير، بل حتى رؤساء الأقسام والأساتذة المشرفين يدور الحديث معهم من خلال الإيميل لا يرونى ولا أراهم.. لا يشعرون بى ولا أشعر بهم.. فتتملكنى أحياناً مشاعر غريبة وجديدة من نوعها فأنا أعيش داخل مجتمع جديد مع أفراد وشخصيات عديدة لكل منهم شخصية مختلفة عن الآخر ومختلفة عنى ونتبادل الأحاديث مع بعضنا البعض دون وجود أى مشاعر أو علاقة إنسانية تربط بعضنا البعض، بل إن الدردشة التى نقوم بها أحياناً على الماسنجر غير كافية بكل تأكيد لربط هذه المشاعر، وقد يكون هذا من عيوب التقنية الحديثة أننى أتعامل مع جهاز أصم لا يشعر ولا يحس بل يصل الأمر بى أحياناً برغبتى فى تحطيم هذا الجهاز الذى يمنعنى من الاختلاط بهذا المجتمع ويقف حاجزاً بينى وبينهم، بل إن هذا الجهاز أثر تأثيراً سلبياً على اختلاطى بأسرتى فرغم وجودى داخل منزلى إلا أنه ممنوع لأى فرد فى المنزل الاقتراب منى أثناء عملى أمام شاشة الكمبيوتر لكى أنجز هذا العمل وكأننى خارج المنزل.
إن تجربة إيلاف بلا شك تجربة ثرية ومختلفة عن أى تجربة صحفية عشتها أو مراسلة أى صحيفة أخرى كتبت بها، لقد نجحت إيلاف فى استغلال تقنية الكمبيوتر والإنترنت واستطاعت أن تنفرد بخطاب متميز على المستوى الفكرى والمهنى والإعلامى.. ولكن ؟ هل نطمع فى المزيد..!!
إننا أحياناً نطلب الكمال وهو شئ من الصعب تحقيقه ولكننا دائماً ما نطلب الكمال لعمل نحبه ونعشقه وقد أصبحنا نعشق إيلاف وأصبحت بمثابة بيتنا الذى لا نراه تستضيفنا يوميا على صفحاتها ويزورنا قراء كثيرون دون أن نشعر بهم، ولهذا أتمنى أن أرى فى النسخة الجديدة بإذن الله من إيلاف بعض الاقتراحات التى قد تكون مفيدة من وجهة نظرى وهى تنحصر فى ضرورة عمل أرشيف جيد لكل المواد المنشورة فى إيلاف يمكن للزائر أن يجدها فى أى وقت عن طريق البحث باسم الكاتب أو المحرر أو الموضوع لأن البحث الموجود غير كاف بالمرة ولا يشبع الزائر فى التعرف على كثير من المواد المنشورة ويجب ألا يقتصر البحث على الموضوعات أو المقالات فقط بل يشمل الأخبار أيضا، وقد يكون عمل مثل هذا الأرشيف صعباً إلى حد ما ولكنه ضرورى فى موقع ضخم مثل إيلاف
أرى أيضا أنه هناك بعض الأبواب التى تتشابه وظائفها مع بعضها مثل متفرقات ومنوعات كما أن كتابة الأقسام من سياسة واقتصاد وثقافة وصحة مكتوب أعلى الصفحة بشكل أفقى بينما بعض الأبواب مكتوبة داخل قائمة مثل المنوعات والتحقيقات والموضة فهل هذه الأبواب أقل أهمية من الأبواب الأخرى؟!! وهل التحقيق الصحفى الخاص بالثقافة أو الصحة أو الاقتصاد لا يندرج تحت التحقيقات بصفة عامة فمتى يتم وضع التحقيق تحت باب التحقيقات ومتى يتم توزيعه على غيره من الأبواب هذا على مستوى الشكل الداخلى، وهناك اقتراحاً أقدمه لإيلاف بصفتى أحد العاملين بها وهو أن يتم عمل اجتماع بين المحررين والمراسلين مع رؤساء الأقسام والمشرفين على الموقع ولو مرة واحدة فى العام، وإذا كان هذا الاجتماع سيكون صعباً إلى حد ما فى البداية إلا أنه يمكن عمل اجتماع للمراسلين فى كل بلد على حدة مع المشرف عليهم من إيلاف والذى يستقبل عملهم يومياً، على أن يكون هذا الاجتماع دوريا، وتدريجياً يتم عمل الاجتماع الأكبر بين كل العاملين فى إيلاف ويتم اختيار أى دولة للقاء بها، وأعتقد أن وجود مثل هذه الاجتماعات سوف تساعد على إنشاء علاقات إنسانية بين المراسلين بعضهم البعض وفى نفس الوقت يمكن تبادل الاقتراحات الخاصة بالعمل مما يساعد على التجويد داخل العمل نفسه والاستماع إلى الملاحظات من المشرف على المراسلين ومن المراسلين أنفسهم.
إن الحديث عن إيلاف يمكن أن يطول بى إلى صفحات عديدة دون الانتهاء لأن التجربة تحتاج إلى تأريخ وتسجيل وأتمنى أن أقوم بهذا فى يوم من الأيام وتحية خاصة إلى كل فرد من الزملاء العاملين فى إيلاف بداية من رئيس التحرير إلى أصغر وأحدث محرر على المجهود الضخم المبذول لإخراج صحيفة إيلاف الإلكترونية الرائعة، وكل عام وإيلاف بخير.