&
القاهرة- نبيل شرف الدين: في خطوة غير سباقة لممثلي بعض القوى السياسية المعارضة من نواب البرلمان المصري ، وصفت بأنها تشكل تجاوزاً للخطوط الحمراء في علاقتها مع الحكومة ، قرر عدد من نواب المعارضة تقديم سلسلة من الاقتراحات العاجلة التي تطالب بتشكيل حكومة ائتلافية تضم مختلف القوى السياسية في مصر تحت اسم" حكومة الإنقاذ الوطنية" . وأكد النواب الذين ينتمون إلى قوى سياسية مختلفة (منهم ناصريون مثل أبو العز الحريري وحمدين صباحي ووفديون مثل محمد عبد العليم فضلاً عن النواب المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين) أنهم لا يمانعون بأن تكون الأغلبية في هذه الحكومة من الحزب الوطني الحاكم بما فيها رئيس الحكومة مؤكدين على انه ليس بالضرورة أن تضم الحكومة شخصيات سياسية بارزة من داخل القوى السياسية، ليشيروا إلى أنه في القوى السياسية أساتذة جامعات وخبراء في الاقتصاد والتخطيط& وغيرهم سيساعدون على إحداث التوازن في ضوء التوليفة الحكومية بين التيارات الرأسمالية وتلك التي تحرص على الحقوق الاجتماعية ومراعاة محدودي الدخل .
وأوضح النواب أن تشكيل هذه الحكومة لا يشكل إخلالاً بثوابت وتوجهات الحكومة والنظام خلال هذه المرحلة والوفاء بالتزاماتها وفقاً للاتفاقيات والمعاهدات الموقعة خاصة اتفاقية الجات ولكنها في نفس الوقت تعكس تفاعل القوى السياسية ومشاركة الجميع في اتخاذ القرار.
وأشار النواب انه في حالة رفض هذه الاقتراحات فإنه يمكن تشكيل لجنة من الحكماء تمثل لجنة استشارية للحكومة الرسمية تضع الدراسات اللازمة عند التوجه الى اصدار اي قرار او قانون جديد وبحيث يأتي معبراً عن مصالح كافة قوى الشعب وليس مصالح فئة معينة.
ووصف النواب اقتراحاتهم هذه بأنها لا تعد اختراقاً للصفوف وانما هو الاسلوب الامثل بعد ان وصلت الحلول للمشكلات الاقتصادية الحادة الى طريق مسدود. في ظل استمرار حالة الكساد والركود من ناحية وارتفاع حجم الديون المعدومة لدى البنوك بعد هروب العديد ممن حصلوا عليها الى الخارج ، فضلاً عن ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري الذي صار انهياره وشيكاً ، فضلاً عن البطالة وتفشي الفساد والرشوة في أوساط الإدارة الحكومية بشكل مخيف .
كما أكد نواب المعارضة ان اقتراحاتهم لا تعكس رغبة إهدار حقوق الحزب الحاكم صاحب الأغلبية في مقاعد البرلمان في تشكيل الحكومة ولكنها نظرة متحضرة ومنطقية للأمور حرصاً على وقف نزيف الأزمات التي وقعت في الآونة الأخيرة وان الدعوة إلى ذلك لا تمثل بداية لحركة الانتقال السلمي للسلطة وان كان هذا أمراً مشروعاً غير أنه يحتاج إلى إجراءات أخرى في مقدمتها فوز حزب آخر بالأغلبية في البرلمان .
واستبعدت مصادر رفيعة في الحزب الوطني الحاكم الاستجابة إلى مقترحات المعارضة وقال فريق من نواب الحزب ان هذه الأفكار تشكل تجاوزاً للخطوط الحمراء من جانب المعارضة لسلطات الحزب الحاكم في الوقت الذي لا تمثل فيه المعارضة سوى مقاعد قليلة لا تتجاوز 65 مقعداً من بين 454 نائباً هم عدد نواب البرلمان المصري .
على صعيد متصل يعقد نواب المعارضة في البرلمان الأمل على القضاء في حسم مسألة الطعون في عضوية عدد كبير من أعضاء البرلمان المنتمين للحزب الوطني الحاكم ، أو المحسوبين عليه وذلك قبل بداية دور الانعقاد الثاني للبرلمان لحسم هذه القضية بشكل نهائي، بعدما فتح دور الانعقاد الأول للمجلس هذا الملف الساخن ، حيث شهد إرهاصات الثورة على "سيد قراره"، وانتصر الرئيس حسني مبارك للقضاء بتأكيده أن "أحكام القضاء يجب أن تحترم حتى ولو طاولت عشرات النواب"، مشدداً على ضرورة احترام الأحكام وتنفيذها وأن الكل أمام القانون سواء، وهي التصريحات التي هزت بعنف عرش البرلمان وضربت الحاجز المانع الذي كان يفصل بين "سيد قراره" وأحكام القضاء وفتح بذلك الساحة على مصراعيها لتكون الكلمة الأخيرة للقضاء .
واستحوذ القلق على نواب البرلمان محل الطعن في صحة عضويتهم، وبينهم رجال أعمال كبار ووزراء وشخصيات سياسية ، ولاسيما مزدوجي الجنسية، وأبرزهم رامي لكح الذي وجه له البرلمان إنذاراً طالبه فيه بالحضور من باريس خلال أسبوع للمثول أمام لجنة تحقيق خاصة للفصل في صحة عضويته, وقرر المجلس بدء التحقيقات خلال أيام في حال عدم حضور لكح، وحصل من إحدى الهيئات الأمنية على وثيقة تؤكد ان اعفاء لكح من التجنيد، كان بسبب حصوله على الجنسية الفرنسية، الأمر الذي يحظر عليه العمل في المؤسسات الرسمية في الدولة أو الترشيح للمناصب العامة والبرلمان.
حكم محكمة النقض سيكون بداية النهاية لحقبة اكتسب فيها البرلمان الحق في قبول أو رفض أي حكم قضائي يتعلق بأي من أعضائه ، فقد صدر خلال دور الانعقاد الأول العديد من الأحكام القضائية، وحقق المجلس في صحة60 عضواً ونظر 37 طعنا من أصل 950 على صفة المرشحين لعضوية البرلمان (عمال ـ فلاحين، مزدوجي الجنسية)، وصدرت في معظم الطعون، أحكام من القضاء الإداري التي شغلت طوال الفترة الماضية الرأي العام والأوساط السياسية والصحف في مصر.