يمر في هذه الايام عيد الفصح عند اخواننا المسيحيين، وفي الوقت الذي نتقدم لهم بخالص التهنئة والمودة ونتمنى لهم عيد سعيدآ. فأن مثل هذه المناسبات تثير الكثير من الشجون والكثير من الاسئلة التي تبحث عن اجوبة قد تكون ضائعة أو مخفية تحت ركام مشاكلنا الاخرى او يتم اخفائها وتجاوزها بشكل واضح القصد منه التعتيم على مثل هذه المسائل المهمة والخطيرة.

سؤالي الذي أود ان اطرحه وبشكل مباشر.. لماذا هذا التناقص المخيف في بلداننا العربية من أبنائها المسيحيين!؟ فليس سرآ ان هناك هجرة كبيرة ومنذ فترة طويلة مستمرة الى الغرب بوجه الخصوص من قبل هذه الشريحة المهمة في عالمنا العربي والذين هم جزء اساسي من التكوين الاجتماعي والتاريخي والسياسي في بلداننا وهم ايضآ رموز متميزة في الفن والأدب والاعلام وحتى الرياضة وكل نواحي حياتنا الاخرى ولو قمنا بمسح ومقارنة بسيطة على ضوء حجم السكان وتطبيق قاعدة النسبة والتناسب فسيكون التميز في جابنهم وبشكل كبير مقارنة مع شرائح اخرى في مجتمعاتنا العربية.

أن هجرة أبناء أهلنا واخواننا هولاء من بلدانهم وعلى مدى عقود طويلة زادت وتيرتها في العقد الاخير، وهو بمثابة quot; النزيف quot; الكبير الذي لم ياخذ حقه من الاهتمام والمعالجة و لذلك يجب التنبه الى الاسباب والبحث عن دوافعها الحقيقية التي تدفع نحو الهجرة وفي كل الجوانب السياسية والاقتصادية والانسانية. لان هذه الشريحة الفاضلة ليس مجرد جالية مقيمة في بلداننا. بل هم صف أساسي ورئيسي من صفوف البناء الجوهري لهذه البلدان وهم لبنة مهمة في هذا البناء لايمكن الاستغناء عنها، والاسيكون نوع الخلل كبير ومخجل بنفس الوقت. ولايجب ان تولد مسألة التنوع الديني وحتى السياسي في بلداننا، احد عناصر الامبالات في مثل هكذا موضوع مهم يتم تجاهله حتى الان وبشكل واضح لايحتاج ذكاء كبير لاكتشافه، في نفس الوقت التي تفتح فيه ابواب اخرى على مصرعيها لاستقبالهم. لذلك يجب العمل بجهد كبير وجد واضح على تثبيت حقوقهم المدنية والدينية والسياسية والأنسانية في بلداننا التي تجمعنا معهم ويشاطرونا فيها المصائر والتحديات. فهذه أرضهم وأوطانهم قبل كل شيء.

في العراق على سبيل المثال تعرض المسيحيين الى هجمة أرهابية من القاعدة ومن المقبور الزرقاوي على وجه الخصوص أدت الى أستهداف وتفجير الكثير من الكنائس. وكان ذلك التصرف الارهابي بمثابة ناقوس الخطر الذي أستفز مشاعر ووطنية غالبية العراقيين الذين تعودوا على التعايش السلمي الذي استمر الى عقود طويلة مع أخوانهم المسيحيين دون ادنى حساسية او اشكالية. بل في مناطق معينة على سبيل المثال لاالحصر في بغداد مثل الكرادة وشارع النضال وشارع الدار البيضاء توجد بعض الكنائس بشكل ملاصق للمساجد والحسينيات وبشكل يلفت النظر الى عظمة هذا البلد وعمقه الانساني والتاريخي الكبير الذي يتعرض اليوم الى هجمة أرهابية لايمكن حصرها في هذه السطور. لكن للتاريخ يسجل هنا موقف المرجعية في النجف الاشرف التي تكفلت فورآ ببناء وتعمير كل هذه الكنائس التي تعرضت للهجومات الارهابية.

وتبقى الطامة الكبرى كانت في أصدار بعض التصريحات ببعض البلدان العربية من بعض quot; الأوباش quot; الذين يدعون انهم رجال دين، حيث quot; كفروا quot; المسيحيين ودعوهم quot; الى ترك دينهم والدخول الى طريق الهداية quot; وكأن المسيحيين كفار!!

هولاء الاوباش هم أنفسهم يكفرون مذاهب أسلامية كاملة وراسخة لذلك لايستغرب منهم مثل هذا الموقف المخزي، لكن يستغرب موقف البعض الذي يسمح لهولاء بالتطاول على الاخرين وافساح المجال امامهم لممارسة دور quot; الشيطان الهادي quot; هذا. في وقت اني كل تاكيد لو تجاوز هولاء الاوباش حدودهم المرسومة لهم وأنتقدوا طريقة الحكم في بعض بلداننا العربية لتم شنقهم بنفس الليلة خدمة للصالح العام وللمصلحة الوطنية والقومية وحتى الاسلامية!! وفات على هولاء الاوباش ان في عوائلنا الصغيرة كانت او الكبيرة يوجد من يتبارك ويحمل بكل فخر واعتزاز أسم quot; مريم العذراء quot; عليها السلام وquot; عيسى quot; عليه السلام وحتىquot; موسى quot; عليه السلام. أضافة الى أسماء نبينا الكريم quot;صquot; والأئمة الطاهرين quot;عquot; وأصحابه المنتجبين.

وبعيدآ عن اشواط الكراهية والحقد والامراض التاريخية المزمنة التي يريد الأوباش أضافتها على الكم الهائل من المشاكل التي نعاني منها في عالمنا العربي. نكرر التهنئة بعيد الفصح مع الأمنيات الجميلة الى كل أهلنا المسيحيين في عالمنا العربي الكبير والى كل المسيحيين في العالم. ولتكن هذه المناسبات المقدسة حافز للتذكير بعظمة أمتنا وعظمة تاريخها المتنوع المميز الذي يريد الأوباش سرقته وتشويهه كما فعلوا دائمآ. فمبروك والف والف مبروك.

محمد الوادي

[email protected]