جاء في تقرير لصندوق النّقد الدولي بعنوان quot;تقرير المادة الرابعة الاستشاري بصدد إيرانquot; الصادر بتاريخ 8 آذار/مارس الماضى أن المواجهة بين الأسرة الدولية وإيران بسبب برنامج الأخيرة النووي أثرّت على الاقتصاد الإيراني سلباً، ويمكن أن تهدد الاستثمارات والنمو الاقتصادي الى حدّ أبعد إذا استمّر تصعيد الأزمة.


وجاء في التقرير، انه خلال العام 2006، خلّفت quot;التوترات التي واكبت القضية النوويةquot; بعض الآثار السلبية على الاستثمارات الخاصة، لا سيما قطاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.quot; وتقارير المادة الرابعة هي خلاصة مشاورات سنوية تجرى بين موظفي صندوق النقد الدولي ومسؤولين اقتصاديين رفيعي المستوى للدولة العضو.


وأشار التقرير الى أن حالة quot;الالتباس السياسيquot; التي واكبت تصاعد التوترات الناتجة عن القضية النووية في العام 2005 أدّت الى تراجع أسعار الأسهم في السوق المالية بطهران بنسبة 22 في المئة.
ولفت التقرير الانتباه الى ان هذه التوترات المتفاقمة، إذا اقترنت بإمكانية هبوط حاد في أسعار النفط، إنّما تشكل quot;مخاطر رئيسية تهبط بالاقتصاد الإيراني إلى الدرك الأسفلquot;.وأن التحدّيات الإقتصادية الرئيسية التي تجابه إيران حاليا هي خفض معدّل التضخّم وتوليد ما يكفي من النمو لأيجاد فرص عمل لزهاء 750 الف شاب إيراني يدخلون سوق العمالة سنوياmdash;كما ذكر تقرير صندوق النقد. وفي السنوات الأخيرة شهدت ايران معدّلات بطالة وتضخم مرتفعة ومعدل نمو لا يفي بالغرض.وقد علق محللون عربيون على هذا التقرير بالقول quot; ان تقرير الصندوق هو بمثابة رسالة الى إيران بأن الأزمة التي ثارت بفعل برنامجها النووي تمثل مشكلة فعلابالنسبة لها. quot;وquot;أن سياسات إيران الإقتصادية تحيق بها أخطار بالغةquot; والشركات التي أبدت اهتمامات بالاستثمار قد لا تقوم بمتابعتها اذا لم يتم تسوية القضية النووية. وان حكومة الرئيس أحمدي نجاد تقوم باستفزاز القوى الخارجية بلا داع، وهي تضع البلاد في وضع تكتنفه المخاطر.quot;وعزا التقرير ارتفاع الناتج القومي المحلي لإيران بنسبة 5.4 في المئة في العام 2006، بزيادة عن معدل الـ4.8 في المئة الذي سجل في العام 2005، كما جاء في التقرير، الى أسعار النفط المرتفعة عالميا، وتعافي قطاع الزراعة المحلي وحوافز حكومية لا يستهان بها. ويتوقع ان يتنامى الاقتصاد بنسبة حوالي 6 في المئة في العام الحالي.ولكن مما يقوّض فرص الانتعاش الاقتصادي في المدى البعيد هو معدل التضخّم المتواصل الذي لا يقل على 10 في المئة والذي يدفعه إنفاق الحكومة وغير ذلك من سياسات تحفيز حكومية. ويشير تقرير الصندوق الدولي الى أن معدل التضخم كان 10.2 في المئة في نهاية العام الماضي وهو أقل بكثير من العامين السابقين الا انه بدأ بالارتفاع في مطلع هذا العام وتذبذب بصورة ملحوظة من شهر الى آخر. وقال التقرير ان تسخير الحكومة الإيرانية لعائدات النفط لدعم النمو وإيجاد فرص عمل ولتمويل برامج اجتماعية واستثمار رحبة انما يوجد quot;خطرا جدّياquot; بحصول معدل تضخم أعلى ويهدّد النمو في المدى المتوسّط وفرص العمالة.


وقد وافقت حكومة طهران على الحاجة لخفض الإعانات، ومن بينها إعانات مكلفة وحساسة سياسيا تقدم الى قطاع الطاقة. وقال تقرير الصندوق ان خفض هذه الإعانات سيربط ببرنامج يرمي الى تحسين نظام النقل. علاوة على ذلك فان المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامئني، اصدر مرسوما تنفيذيا يدعو الى خصخصة 80 في المئة من المؤسسات المملوكة للدولة خلال الأعوام العشرة القادمة. والجدير بالتنويه أن المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية تهيمن حاليا على الاقتصاد الإيراني.فاذا ما اضفنا الى ذلك كله سياسات التضييق الاقتصادى التى تمارسها الولايات المتحدة الامريكية عبر قرارات الشرعية الدولية التى تتوالى عبر قرارين حتى الان مما يعنى النطاق الموسّع للعقوبات على إيران حيث أن قرار مجلس الأمن 1747، الذي صدر يوم 24 مارس، يخطو إلى أبعد من العقوبات التي حدّدت في قرار 23/12/2006 والتي طالت مصرفا إيرانيا كبيرا ومؤسسات مقترنة بقيادة الحرس الثوري الإيراني، والتي تموّل نشاطات إرهابية وترعاها. كما يحظر القرار الأخير استيراد أسلحة من إيران وكان من المهم للدول الغربية ان يحظى القرار بإجماع الدول الـ15 الأعضاء في المجلس. ليعطى الانطباع بقلق الأسرة الدولية.


تشير التقديرات إلى أن مجمل الكلفة التي تحملتها إيران في استثمارها في نشاطات مرتبطة بدورة الوقود النووية يتراوح ما بين 600 مليون وألف مليون دولار، وهذا بلا شك يضر اقتصادها ناهيك عن انه يجعل من المستحيل التوصل إلى نتيجة مفادها أن إيران تنفق مثل هذه المبالغ الباهظة لأي غرض غير الأسلحة النووية- خاصة لدى أخذ مخزون إيران الضخم من البترول والغاز وافتقارها إلى أي مفاعلات نووية صالحة للتشغيل بعين الاعتبار، وأخذ التزام روسيا المنصوص عليه في العقود على تزويدها بالوقود للمفاعل الوحيد الذي يجري بناؤه حالياً طوال السنوات العشر الأولى بعد تشغيله في الحسبان.


أن إيران محقّة في إبداء قلقها ازاء موقفها بموجب القرارات المتخذة من قبل مجلس الأمن وفق الفصل السابع والتي تجيز اتخاذ أرحب نطاق من العقوبات السياسية والعسكرية والإقتصادية اذا أحجمت طهران عن احترام مطالبات المجلس. وهذا سيكون أسوأ وضع قانوني دولي ممكن لدولة ما.


د. عبدالعظيم محمود حنفى