كثيراً ما يسمع المرء زعماء حزب الله يطلقون تصريحات غريبة وغير عقلانية. أما أغرب تلك التصريحات وأكثرها لاعقلانية هو ذلك التصريح الذي أطلقه أكثر زعماء حزب الله عقلانية وهو النائب الوزير المستقيل الأستاذ محمد فنيش.

قال فنيش.. quot; أن من حق النائب تعطيل النصاب القانوني لانعقاد مجلس النواب quot;. ولنا هنا أن نسأل معاليه عن المرجعية القانونية الدستورية التي استند إليها في تصريحه الهام جداً، وهل عاد في ذلك لأي فقيه في القانون الدستوري أم أنه هو نفسه اجتهد في مثل هذا الإجتهاد الغريب مع احترامنا لشخص معاليه ؟

لن يفوتنا هنا الواجب في أن نذكّر فنيش وكل من أفتى له بمثل هذه الفتوى أن النائب فنيش كما كل نائب في مجلس النواب هو قبل كل شيء منتدب من قبل الشعب اللبناني في مراقبة السلطة التنفيذية في ممارساتها لسلطاتها المحددة في الدستور وفي تشريع القوانين المكملة لأحكام الدستور والتي على السلطتين التنفيذية المتمثلة بالحكومة والقضائية المتمثلة بالمجلس القضائي الأعلى وبسائر القضاة في المحاكم تنفيذها والتقيد بها نصاً وروحاً. انتدبه الشعب اللبناني ليقوم بهذا الدور لا ليعطله! ومن هنا علينا أن نضيف أنه إذا ما رأى النائب أنه لا يستطيع أن يقوم بدوره حضوراً في المجلس فعليه عندئذٍ أن يستقيل من المجلس ويعلم ناخبيه بأنه لا يستطيع أن يقوم بالوظيفة التي انتدبوه للقيام بها. أن يقوم نائب الأقلية بتعطيل انعقاد المجلس فذلك يعني مباشرة الحؤول دون قيام الأغلبية من القيام بوظيفتها الدستورية والشرعية وفي مثل هذا تعطيل لمصالح الأمة وعمل عدائي تجاهها. ولذلك ترتبت عقوبات على النواب الذين يكررون غيابهم عن جلسات مجلس النواب دون أعذار قانونية مقبولة في جميع المجالس النيابية تقريباً.

وهكذا يمكننا أن نفهم أن غياب النائب بقصد منع المجلس النيابي من ممارسة سلطاته هو عمل غير قانوني ولا يقع ضمن صلاحيات النائب خلافاً لما صرح به النائب فنيش. لعلنا هنا نضيف إلى ما حذر منه بيان مجلس المطارنة الأخير باعتبار الغياب بقصد تعطيل المجلس النيابي عن ممارسة سلطاته إنما هو إلتفاف على الدستور فنقول بأن الغياب بقصد التعطيل الصريح للمجلس إنما هو أكثر من التفاف على الدستور بل إنه مخالفة قانونية تستحق العقاب خاصة وأنها لا تأتي بفعاليتها إلا إذا اشترك عدد من النواب في مؤامرة التعطيل مما يزيد في فداحة المخالفة وانحدارها لمستوى الجرم.

الفعالية الدستورية تبلغ القمة لدى مباشرة المجلس النيابي في انتخاب رئيس للجمهورية وهو الجهة المسؤولة عن حماية الدستور والحفاظ على فصل السلطات وتوازنها. ليس من حق أي جهة أن تسعى إلى تعطيل هذه الفعالية على وجه الخصوص. من حقها أن تجهد في انتخاب الشخص المناسب لكن ليس من حقها أن تعطل الأمة في انتخاب رئيسها. وقد راعى الدستور هذه المسألة تحديداً فاستوجب انعقاد المجلس النيابي في الأيام العشرة الأخيرة لولاية الرئيس انعقاداً مطلقاً من كل الشروط من أجل تعيين رئيس الجمهورية حامي الدستور.

أما تهديدات حزب الله حول محاكمة الرئيس الذي ستنتخبه الأكثرية باعتباره منتهكاً للسلطة فذلك إنذار يستوجب من جميع الوطنيين اللبنانيين التوقف عنده بكل جدية. ملالي إيران لن يتركوا لبنان يأخذ مساره الطبيعي نحو تضميد جراحه واستكمال تحرره واستقلاله. تحويل لبنان إلى حصن إسلامي شيعي متقدم في مواجهة أميركا ومن أجل بناء سلاحهم النووي له الأولوية القصوى لديهم ولدى رجلهم القوي حسن نصرالله ويساعده في ذلك الجنرال المهووس بالرئاسة ميشيل عون. على سائر الوطنيين اللبنانيين بمختلف مشاربهم أن يواجهوا مخططات حزب الله وإيران بكل الأدوات الممكنة وغير الممكنة ويجب أن يتم ذلك قبل فوات الأوان ودون أن يرهبهم سلاح الحزب. على اللبنانيين في حزب الله أن يفهموا أن لبنان لن يُؤجَّر للملالي بكل ذهب الدنيا.

عبد الغني مصطفى