عجيب ما علق به الكثيرون على مقالى الأسبق إذ تركوا جميعا تقريبا ما حاولت شرحه من أن الدولة مسؤولة عن توجيه طاقةالغضب المشروع لدى المواطن المصرى ناحية الأقلية المختلفة دينيا أيا كانت، تركوا لب المقال وشبكوا مع بعض... وهذا المقال كنت قد كتبته من قبل قراءة تلك التعليقات التى جاءت مؤكدة لكل كلمه فى المقال الأسبق وفى هذا المقال ايضا...

أثبتت الإحصائيات والدراسات الأمريكية أن 80% من الشعب الأمريكى لا يثق فى المحامين، والغريب أن ذات الإحصائيات أيضا أثبتت أن 10% فقط من المتقاضين لا يثقون فى محامينهم! تفسر هذه الإحصائيات على أن الأمريكى العادى إنما يكره المحامين عموما ولكن كل منهم على حدة إنما يثق فى محاميه الخاص!
وفى إحدى روائع المسرحى الألمانى quot;بريختquot; يظهر على جشبة المسرح بضعة نازيين يضربون ويقتلون اليهود، وفى جانبية للمسرح ممثل يقول ويحكى كيف أنه يحب جاره اليهودى ديفيد ويحترم مدرسة إبنته راشيل وطبيبه جاكوب، هذا بينما الضرب والتعذيب والقتل لليهود يحدث على بعد خطوات منه! أى أن كراهية اليهود عموما تفسر الجينوسايد أو جرائم الإبادة التى حدثت ضدهم على يد النازيين ولم ينفر منها الألمان العاديين، رغم محبة وإحترام أغلبهم لجيرانهم والأشخاص المتصلين بهم من اليهود على المستوى الشخصى.

هذا هو ما يجرى فى مصر، وهذا هو الشعور الجمعى فى العقل المصرى. أحمد ومالك وعبد العزيز يثقون فى الأستاذ مرقص المحاسب الذى يتولى دفاترهم، ويحترمون الدكتور يعقوب الذى يتولى علاج أسنانهم، ويحبون السيدة مارى أو ماتيلدا التى تسكن بجوارهم... ولكنهم هم أنفسهم ومعهم غالبية من المصريين يكرهون الأقباط المصريين ويحقدون عليهم ويشتركون فى الإعتداء على كنيسة أومحل يملكه قبطى لا يعرفونه شخصيا، أو على الأقل لا يقض مضجعهم ان يفعل أبناؤهم ومواطنوهم من المسلمين ذلك! وهذا هو مايطلق عليه الكراهية العمياء أو على الهوية...

سبب الكراهية أوضحناه فى مقالنا السابق. وهى نتاج الإحباط وإنسداد الأفق الذى يعيشه المواطن المصرى المطحون سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا. وهذه الكراهية التى لا تستطيع الحكومة المصرية ورأسها القضاء على أسبابها التى هم أنفسهم على رأسها، هذه الكراهية توجهها الجكومة المصرية تجاه الفئة الضعيفة المسالمة والتى من شأن الإعتداء عليها تعويض بعض الإحباط الذى يشعر به الحرافيش المصريين الجدد. وذلك التوجيه بالطبع يجتذب أيضا بعض من الأيليت المصرى أو الفئة العليا فى المجتمع إما لسبب الغباء أو الإنغلاق الذهنى أو الدناءة السلوكية وغياب القيم العليا للإنسانية من حق وخير وجمال...

هل يكره المواطنون الأقباط مواطنيهم المسلمين؟ من المعقول أنهم فى مجموعهم يشعرون بكراهية المسلمين بذات طريقة الكراهية السابق الإشارة إليها، أى لا يكرهون أشخاصهم ولكن مجموعهم. من غير المتصور أن يحب أحدا من يكرهه كراهية عمياء إلا لو كان أرقى كثيرا من البشر العادى... ولكن يتميز الأقباط المصريين عن غيرهم فى أن أدبياتهم ومعتقدهم لا يشجع حتى مقابلة الشر بالشر.. ولذلك تجد سبا وشتما وتوعدا من المسلمين المصريين يقابله دعاء بالهداية أو أقصاها مجرد شكاية من الأقباط. ولقد لمس الأستاذ نبيل شرف الدين هذه المنطقة لمسا خفيفا عندما توجس خيفة من أن صبر الأقباط على الظلم والإضطهاد والقتل والحرق ربما لا يستمر إلى الأبد!؟

عادل حزين
نيويورك
[email protected]