يصلنى يوميا عشرات الرسائل من ابناء الوطن الام مصر يطلبون منى مساعدتهم على الهجرة الى استراليا.

البعض منهم يريد الهجرة لانة يجد صعوبة بالغة فى العثور على وظيفة بعد تخرجة من الجامعة..والبعض يريد الهجرة بحثا عن حياة ومستقبل افضل لة ولاولادة.. والبعض يريد الهجرة هربا من التطرف والتعصب والهوس الدينى الذى صار يقتل حرية العقيدة والفكر والابداع والابتكار.. والبعض الاخر يريد الهجرة هربا ويأسا من اصلاح الاحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى عهد الرئيس الحالى مبارك.

وكان بودى مساعدة الجميع وتحقيق رغباتهم الا اننى للاسف لا استطيع عمل اى شىء من اجلهم لان الهجرة الى استراليا لا تتم عن طريق الوساطة والمجاملات اوالمحسوبية وانما طبقا لقواعد وشروط محددة لا بد ان تتوافر فى الشخص الذى يريد الهجرة ومن اهم هذة الشروط عنصر السن والمؤهل الدراسى واتقان اللغة الانجليزية ومدى قدرة الشخص على التكيف والتأقلم مع المجتمع الجديد.. والاهم من كل هذا وذاك اذا كانت خبرتة او مهنتة مطلوبة فى سوق العمل هنا.

انى اتفهم احلام ورغبة الوف المصريين _ وخاصة الشباب منهم _ فى السفر الى الخارج بحثا عن لقمة العيش او حياة افضل من تلك التى يعيشونها فى وطنهم. وادرك ايضا ان من حق كل مواطن مصرى السفر او الهجرة الى اى دولة من دول العالم.. وكنت انا شخصيا واحدا من خمسة ملايين مصرى او اكثر هاجروا الى الخارج بحثا عن حياة وظروف معشية افضل منذ ما يقرب من ربع قرن من الزمان.. ولو لم يكن عندى الشجاعة الكافية لاتخاذ هذا القرار الصعب لما تغير حالى كثيرا عن حال المرحوم ابى الذى عاش طيلة سنوات عمرة فقيرا يكد ويكافح ويعانى من ضيق الحال واليد.. وربما ايضا كنت لازلت حتى الان عازبا بلا زوجة او اولاد واعيش فى بيت العائلة مثل الملايين من الشباب المصرى رغم الوظيفة الجيدة التى كنت اشغلها قبل هجرتى الى استراليا.

ولكن علينا انت نتذكر ان لكل شىء على هذة الارض ثمن.. لاشىء يعطى ابدا بالمجان.. والثمن الذى يدفعة المهاجر لا يخطر على بال انسان الا اذا جرب النفى الاختيارى او الاجبارى والغربة والابتعاد عن الوطن والاهل واصدقاءة الطفولة والجيران فى الحارة او الشارع الذى كان يسكنة.. ان الانسان المهاجر مهما حقق من نجاح او ثروات الا انة دائما يشعر بالغربة والوحدة والحنين الدائم للوطن الذى شهد مولدة وطفولتة..اننى شخصيا رغم كل السنوات التى امضيتها فى استراليا الا ان حنينى لام الدنيا لم يفتر للحظة واحدة بل يزداد كل يوم اكثر لدرجة اننى صرت احلم باليوم الذى اعود فية مرة اخرى الى مصر والاستقرار فى مدينة الاسكندرية المطلة على البحر المتوسط اوربما مدينة بورسعيد التى عملت بها لمدة ثلاث سنوات قبل هجرتى..

بلاضافة الى الثمن الذى يدفعة المهاجر نفسيا لشعورة الدائم بالحنين الى الوطن فقد صار ايضا الحصول على وظيفة دائمة مستقرة فى استراليا امرا ليس بالسهولة كما كان الحال فى الماضى نظرا للتغيرات التى ادخلتها الحكومة الحالية على قوانين العمل والتى صارت تسمح لاصحاب الاعمال بالتخلص من العاملين او الموظفين لديهم فى اى وقت وبدون اعطاء سبب لتبرير قرار الطرد اذا كان عدد العاملين لديهم يقل عن مائة.. وكان طرد العامل او الموظف بدون وجود سبب قوى يستدعى طردة غير مسموح بة فى استراليا من قبل.

ونتيجة لهذة التغيرات لم يعد هاك استقرار نفسيا او ماديا للمهاجر او ابناء الشعب الاسترالى.

وباستثناء احترام ادمية وحقوق الانسان فى بلاد المهجر لم تعد مغامرة او تجربة الهجرة مربحة ماديا فى الوقت الحالى مثلما كان الحال فى الماضى حيث كانت الاعمال متوافرة بكثرة والمرتبات مرتفعة وتكلفة المعيشة منخفضة. وقد كان من السهل فى الماضى القريب الادخار والعودة الى الوطن الام بمئات او عشرات الالوف من الدولارات بعد قضاء عدة سنوات فى المهجر اما الان فقد اصبح الادخار امرا شبة مستحيل.

على اى حال ومهما تكن الصعوبات والثمن الذى يدفعة المهاجر مقابل هجرتة الى استراليا او اى دولة اخرى فاننى لم التقى الا بعدد قليل جدا ربما يعد على اصابع اليد الواحدة اعربوا عن ندمهم نتيجة هجرتهم الى استراليا..وباستثاء هذة القلة الصغيرة فان الغالبية العظمى من المصريين والمهاجرين الذين يعيشون هنا تجدهم سعداء بحياتهم وعلى قناعة تامة بان قرارالهجرة كان القرار السليم الذى اتخذوة وادى الى تغير مسيرة حياتهم واسرهم الى الافضل.

صبحى فؤاد

استراليا

الثلاثاء 22 مايو 2007

[email protected]