احتلَ فيلمُ كركر المركزَ الأولَ في سباقِ الأفلامِ، محمد سعد نجم شباك، ولو كَرِه النقادُ، العبرةُ بالجمهورِ، له القرارُ، ليس أهطلَ ولا متخلفَ كما يتصورُ من ينظرُ بالمقاييسِ الفنيةِ الصحيحةِ. الفنُ ابنُ مجتمعِه، يُعبرُ عنه، في بيئةٍ صحيحةٍ ترقي الفنونُ، كلُها، أما عندما يكون الهزلُ والعبثُ فلن يكون إلا الغثُ والركيكُ، تحت مسمي الفنِ والرياضةِ والصناعةِ والزراعةِ والتعليمٍ.


لماذا يُطلبُ من الجمهورِ أن يلفظَ الفظاظةَ والسطحيةَ وهي جزءٌ أساسيٌ في حياتِه؟ يبدأ نهارَه بدونِ مياهِ، البطالةُ تفترسٌ أخلاقياتِه وقناعاتِه بمفهومِ الوطنِ والانتماءِ، الفرصُ متاحةٌ لأهلِ النفاقِ والحظوةِ، الكراسي شُغِلت بمن هم دونها، الانجازاتُ الورقيةُ الإعلاميةُ يكذبُها واقعٌ شديدُ القسوةِ والقتامةِ، الكلُ يستخفُ به سواء علي كراسي السلطةِ أوعلي مصاطبِ المعارضةِ ذات الحلولِ الهلاميةِ.


حياةٌ يغيبُ عنها الجَدُ والأملُ، تستحيلُ فيها الأحلامُ، الأوهامُ والخزعبلاتُ تُعشِشان في العقولِ والنفوسِ، التفكيرُ يُزيدُ الاكتئابَ والمعاناةَ، لما العقلُ إذن؟ لما المنطقُ؟ الأمورُ تُدارُ بدونِهما، التوهانُ يريحُ، يُسَكِنُ، يُنسي، الفنُ السطحي لفافةُ بانجو، تدومُ ساعتين، تغيبُ خلالَهما كآبةٌ طالَت، أكثرُ مما يجبُ، مما يُحتملُ، لولا هذا الفن لكان الانفجارُ أقربُ.


كركر بقبحِه وبلعِه الكلامِ أحلي وأفصحَ من وجوهٍ احتلَت الصحفَ والشاشاتِ وأصواتٍ استوطنَت الميكروفونات ومكبراتِ الصوتِ، بدونِ استحقاقِ، كركر لم يكذب، لم يدَع فصاحةً، لم ينسِب لنفسِه انجازاتٍ، إنه المطحونون بالملايين، من الطبيعي أن يجروا إليه، أن يتزاحموا عليه، إن ينبذوا من كَذَبوهم وأزَلوهم واحتقروهم وأفقروهم.


الإقبالُ علي كركر ليس ظاهرةً سينمائيةً، إنه تعبيرٌ اجتماعيٌ مثل النكتِ والشائعاتِ، إنه ردُ فعلٍ لحالٍ مأساويٍ. كركرَ يُكركرُ، في غرزةٍ، أو في دارِ سينما، المهمُ النسيانُ، حتي يأتي الفرجُ، من نفسِه أفضلُ، بلا تعبٍ ولا تضحياتٍ، إإيه إإيه،،

ا.د. حسام محمود أحمد فهمي