كما كان متوقعاً، وقعَ quot;القتل الحلالquot; وحصدَ ما حصدَ من أرواحٍ، لا حول لها ولا قوة؛ أرواح بريئة لا تقدم ولا تؤخر من السياسة شيئاً.
كما كان منتظراً، حدث quot;الثأر الحلالquot;، لquot;الله الحلالquot;، من بعض quot;عراقٍ حرامquot;، قيل أنه quot;كافرquot;، ومن بعض نزلائه، قيل أنهم quot;خارجونquot; على الله وعلى سننه ونواميسه.
كما كان قد أراد له quot;كتاب القتلquot;، نُفّذَ quot;الحكم الحلالquot;، بإعدام بعض العراق، لا لشيء، سوى لأنه أراد أن يضيف للعراق لوناً آخر.
كما كان مفتياً بهم، وقع quot;الذبح المصطفىquot;، مستهدفاً دماء الإيزيديين المدنيين العزل، حصراً، ليسقط خلال لحظات أرواح المئات منهم.
ما مورِس من قتلٍ منظمٍ، في quot;ثلاثاء الموتquot;(14.08.07) بكلٍّ من مجمعي quot;سيبا شيخ خدري amp; كري عزيرquot;(القحطانية والعدنانية) التابعين لقضاء البعاج القريب من الحدود العراقية السورية(450كلم شمال غرب بغداد)، ليس بغريب مما يجري يومياً في quot;عراق الخوفquot;، من جزٍ للأعناق، وزهقٍ للأرواح البريئة، وقتلٍ للحياة، بالجملة والمفرق.
فالذبح المفتى به، واللاأمان، واللاإستقرار، والإقامة في الخطر القائم على كفي عفريت، والمغامرة بالحياة، هي تشكل القاعدة الأساس لمفردات الحياة اليومية، في عراق المفخخات، منذ سقوط الديكتاتور(09.04.2003)، أما عكسها فلا تشكل إلا استثناءً.
ولكن الخطيرفي هذا القتل الذي يستهدف الإيزيديين منذ 22 نيسان/أبريل الماضي(حيث أعدمت عصابات القتل القاعدية العمال الإيزيديين ال24 بالرصاص، جماعياً)، هو أن هذا quot;القتل المصطفىquot; قد دخل مرحلة quot;الإبادة الجماعيةquot; التي باتت تهدد حياة ومصير حوالي 600 ألف إيزيدي في عموم العراق(شنكال، الشيخان، باعدري، إيسفني، بعشيقة، بحزاني، ومناطق أخرى).
(لمشاهدة جانب من سادية quot;صناع الموتquot; وتلذذهم بquot;القتل الحلالquot; للعمال الإيزيديين الأكثر من أبرياء، وإعدامهم للحياة، يُنقر هنا:
(
http://www.alhanein.com/vb/showthread.php?t=14054
quot;القتل الكبيرquot;، الذي طال حياة المئات(حوالي 500 قتيل حتى الآن والعدد مرشح للإرتفاع، بالإضافة إلى المئات من الجرحى والمصابين) من الإيزيديين الفقراء، المعدومين، المهمّشين، في عراق المتن، كما في عراق الهامش، لم يكن مستغرباً.
quot;القتل المصطفىquot; الأول، الذي وقع في الأحد الدامي، والذي راح ضحيته 24 عاملاً إيزيدياً بريئاً، كان quot;قتلاً إنذاراًquot;، إذ جاء كترجمةٍ فعلية للقتل المدون والمفتى به، لهدر دم كل من ينتمي إلى quot;الهوية الإيزيديةquot;، بإعتبارها quot;هوية كافرةquot;.
بيان quot;الثأر المقدسquot; لquot;دين الحقquot;، من أتباع quot;الدين الكفرquot; و quot;الدين الباطلquot;، صدر في 26.04.07 موقعاً بإسم ما يسمى بquot;دولة العراق الإسلاميةquot;.
البيان/الفرمان الذي أفتته عصابات القتل القاعدية الإرهابية، بحق الإيزيديين، قتلَئذٍ، كان فصيحاً وواضحاً في أهدافه، ونياته، ومآرب قتله المعلَن.
البيان الفتوى، المعنون بquot;ثأراً لكٍ ياأختاهquot;(ودعاء، الفتاة الإيزيدية التي رُجمت على أيدي بعضٍ من ذويها التحت بهيميين، بطريقة أكثر من وحشية، لا تنتمي إلى الدين والله بشيء، هي المقصودة بquot;أختاهquot;، هنا، في هذا البيان الثأر) في حينه، كان أكيداً، مؤكداً، بأن القائمين على شئونه، سوف ينصبون(عاجلاً أم آجلاً) القتل والتفخيخ الأكيدين، للإيزيديين، quot;الكفارquot; الأكيدين، حسب توصيف الثأريين، الدمويين، القتَلة، وquot;صناع الموتquot;، الذين لا يرون في المكان والزمان، خلا مكانهم وزمانهم الجاهلييَن، ولا يريدون لأية جهةٍ أن يُدوَن فيها أخبار وأحوال وأطوار الله، خلا جهتهم الجاهلية.
المتابع للشأن العراقي، بعمومياته وخصوصياته، يعلم أن الإيزيديين كأقلياتٍ عراقية أخرى، مثل الكرد الفيليين، والشبك، والصابئة المندائيين، وآخرين، لا داخل لهم في العراق، يدشّن لحكمهم، كما لا خارج لهم يقوّي من شوكتهم ويحميهم من تقلبات الرياح السياسية التي تعصف بالبلاد، منذ سقوط الصنم الأخير للديكتاتور المخلوع صدام حسين.
الإيزيديون، لا يشكلون أي رقم يُذكر في معادلة العراق السياسية الراهنة، لا في عراق المتن ولا في عراق الهامش.فهم لا جاؤوا على ظهر الدبابات الأمريكية ليركبوا ظهر الحكم في العراق، ولا أعلنوا quot;المقاومةquot; يوماً مع أحدٍ، ضد quot;الإحتلالquot;، أو ضد هذا الطرف أو ذاك.
الكرد الإيزيديون العراقيون، بحكم وجودهم المهدَد، تاريخياً، كأقلياتٍ أخرى، يشكلون الرقم الأكثر خمولاً وحياديةً، على طول المعادلات السياسية الراهنة، سواء في عراق المتن أو في عراق الهامش.
في شنكال، حيث حدث القتل الكبير، كان الإيزيديون واقعين تحت مطرقة الحكومة المركزية في بغداد وسندان الحكومة الكردية الإقليمية في هولير، فضاعت مواطنتهم وحقوقهم، ضاعت ديانتهم وهويتهم وكرديتهم بين العراقَين: العراق العربي الجار والعراق الكردي الدار.
ونظراً لخطورة المواصلات بين شنكال والعراقَين، وسيطرة الجيوب الإرهابية على مداخلها ومخارجها، كان من الصعوبة بمكان وصول ا المواد التموينية الأساسية، إليها، ما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية هناك، في الآونة الأخيرة، بشكل مخيف.
ترك العراقان شنكالهم، بلاداً وعباداً، ملاذاً آمناً، لتعشيش الإرهاب القاعدي وعملاء مخابرات quot;الجار السوريquot; التخريبي المجرم بلا حدود، حتى تقول المادة 140 قولتها في أواخر العام الجاري، كما هو مدوّن ومقرّر.
فلا بغداد قبلت الإيزيديين ومكانهم الشنكالي طرفاً في معادلتها السياسية الحاكمة، ولا هولير جاءتهم دافئةً، وأخذت كرديتهم المنتهكة، المهددة، والواقعة تحت وابلٍ من الفتاوى الثأرية ومفخخاتها، على محمل الجد والفعل الدؤوبين.
الكل، كل العراق، دار ظهره للإيزيديين وشنكالهم.
الكل، كل الحكم في العراق، متناً وهامشاً، ترك شنكال، مكاناً للفوضى المفتوحة، والإرهاب المفتوح، على كل الموت، وكل القتل، وكل الثأر، فوقع ما وقع.
الإيزيديون، مثلهم مثل أقليات أخرى quot;مقطوعة من شجرةquot;، لم ينضووا تحت أحلاف لا من quot;دار السلامquot; ولا من quot;دار الحربquot;، لا من quot;كابينة الحكومةquot; ولا من quot;كابينة المعارضةquot;، لا من quot;محور الخيرquot; ولا من quot;محور الشرquot;.
هم، لا يفهمون لعبة السياسة ولم يحشروا أنفسهم فيها، إلا نادراً.
هم، في السياسة وحلباتها، ليسوا لاعبين فاعلين، وأنما هم ملعوبون مفعولون بهم.
هم، في السياسة، لا يقررون ولا يقولون، وإنما السياسة، دائماً، تقررهم وتقوّلهم.
واليوم، مع أنهم لم يقصوا، ولم يبعدوا، ولم يعدموا يوماً ما، بالسياسة وأدواتها أحداً، نراهم كيف بالسياسة يُقتلون بالجملة، ويفخخ بهم المكان والزمان بالجملة، ويُبادون جماعاتٍ ومجمعاتٍ، عن بكرة أبيهم، بالجملة.
بالرغم من فداحة هذا quot;القتل الثلاثائيquot; الكبير، الذي طال حياة المئات من الإيزيديين العزل، وبالرغم من جسامة التدمير الذي سوّى قرىً بكاملها مع الأرض، والذي وُصٍف بquot;الأكبر وألأفجعquot;، على الإطلاق، منذ فتح القوات الأمريكية لبغداد وسقوط الفاشية البعثية في التاسع من نيسان 2003، رغم فداحة هذا القتل وفظاعته، إلا أنه يمكن توقع المزيد من quot;القتل المؤجلquot;، أو quot;القتل النائمquot;، المستهدف لحياة الإيزيديين الأبرياء.
الأرجح هو أن quot;من ضرب ضرب ومن هرب هربquot;، من بكى بكى ومن اشتكى اشتكى، أما القتل، فلا يزال كما يريد له صناعه على الجرّار.
كان هذا هو أول الفتوى، وأول القتل، وأول الهولوكوست.
أما التالي من quot;الهولوكوست الإيزيديquot; المفتى به، على quot;سنةquot; الإرهاب وشيوخه القاعديين، فسيبقى رهناً على السياسة ومتغيراتها التي ليس للأيزيديين فيها، حتى الآن، لا ناقة ولا جمل، والتي لا نتمنى عليهم(كسائر مواطنيهم الأقلويين المغلوبين على أمرهم) أن يُخرجوا منها، مثلما أُدخلوا لا بل انقادوا إليها، بلا حمُّص، بلا بغداد، وبلا هولير.
ما أسهل ذبح الإيزيديين، وما أسهل الفتوى بهدر دمائهم واستباحة محرماتهم.
ما أسهل نعتهم بquot;العباد الخارجين على الرحمنquot;، وما أسهل quot;تكفيرهمquot;.
ما أسهل تحطيم الجغرافيا على رؤوسهم، وما أسهل تأليب التاريخ على ما تبقى منهم من دينٍ ودنيا.
ما أسهل quot;فتحهمquot; وما أسهل غضب quot;جنود الله عليهمquot;.
ما أصعب الباقي من 2007.
ما أصعب الباقي من عراق القرار 140، وما أصعب ما له وما عليه.
ما أصعب بغداد، ما أصعب هولير، وما أصعب سلوك القرار ما بينهما.
ما أسهل عراق الموت.
ما أصعب عراق الحياة.
ما أسهل الموت في العراق.
ما أصعب الحياة مع العراق.
[email protected]